بعد تجمع حاشد حضره آلاف في تشارلوتسفيل فجر أمس، للتضامن مع ضحية عنف اليمين المتطرف هيثر هاير، التي دهسها ناشط في حركة النازيين الجدد السبت الماضي، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليصب الزيت على نار الأزمة، مع تنديده بنزع مدن في الولاياتالمتحدة تماثيل شخصيات حاربت دفاعاً عن العنصرية خلال الحرب الأهلية الأميركية. ولم تفلح محاولات ترامب التنصل من تصريحات ساوى فيها بين العنصريين وخصومهم، إذ اعترضت غالبية من الأميركيين على أسلوبه في التعامل مع حوادث تشارلوتسفيل، وأظهر استطلاع للرأي أجرته محطة «سي بي أس»، أن 55 في المئة غير راضين عن أسلوب ترامب، في مقابل 34 في المئة أيدوه. وأزالت مدن أميركية، بينها بالتيمور، تماثيل شخصيات عنصرية من الحدائق العامة إلى المتاحف، احتراماً لمشاعر المتظاهرين الذي تعرضوا في تشارلوتسفيل لعنف المتطرفين البيض الذين كانوا ينددون بإزاحة تمثال روبرت لي. وعاد ترامب لينحاز إلى المتشددين البيض في الجدل، وقال في تغريدة على «تويتر» إن «من المحزن أن نرى تاريخنا وإرثنا يتم نزعه من تماثيلنا الجميلة». وزاد: «لا يمكن أن نغير التاريخ بل يمكن أن نتعلم منه». وتساءل بسخرية: «أي تمثال سنزيحه لاحقاً؟ جورج واشنطن أم توماس جيفرسون؟ هذه تفاهة». واتهم ترامب الإعلام بإساءة تفسير تصريحاته حول العنف في تشارلوتسفيل. وكتب: «الناس يكتشفون (مرة أخرى) درجة انعدام النزاهة في الأخبار المزيفة. لقد أساؤوا بالكامل تفسير ما قلته في شأن الكراهية والتعصب. عيب!». وانتقد ترامب كذلك السيناتورين الجمهوريين ليندسي غراهام وجيف فليك، وكتب: «ادعى ليندسي غراهام الذي يسعى إلى الظهور، كذباً، أنني قلت إن هناك مساواة أخلاقية بين جماعة كو كلوكس كلان والنازيين الجدد ودعاة تفوق العرق الأبيض وأشخاص مثل السيدة هير. يا لها من كذبة مقرفة، إنه لا يستطيع أن ينسى هزيمته في الانتخابات» التمهيدية العام الماضي. كما حمل ترامب على فليك باعتباره أحد الجمهوريين القلائل الذين انتقدوا الرئيس، معتبراً أن «من الرائع أن نرى الدكتور كيلي وورد يتنافس ضد فليك جيف فليك، الضعيف في قضايا الحدود والجريمة والشخص غير الفاعل في مجلس الشيوخ. إنه كالسم». أتى ذلك رداً على قول فليك، الذي يسعى إلى إعادة انتخابه، إنه لا يمكن أن نقبل أعذاراً لدعاة تفوق العرق الأبيض وأعمال الإرهاب الداخلي. يجب أن ندين ذلك». وزاد: «لا يمكن أن نزعم أننا من حزب لنكولن إذا راوغنا في إدانة دعاة تفوق العرق الأبيض». وعلى رغم نأي الجيش بنفسه عادة عن السجالات السياسية، فإنه سعى هذه المرة إلى وضع مسافة بينه وبين تظاهرات النازيين الجدد في عطلة نهاية الأسبوع، كون بعض المشاركين فيها ارتدوا ملابس عسكرية أميركية أو أوسمة. ودان الجنرال جو دنفورد، رئيس أركان الجيوش الأميركية، «العنصرية والتعصب الأعمى»، ليضم بذلك صوته إلى قادة عسكريين استنكروا العنف الدامي في تشارلوتسفيل. وتمدد الجدل إلى الخارج، إذ ندد وزير الخارجية الألماني سيغمار غابريال ب «خطأ جسيم» ارتكبه ترامب، إذ لم يميز نفسه بوضوح عن النازيين الجدد والعنصريين بعد العنف في تشارلوتسفيل. وقال غابريال لوكالة الأنباء الألمانية إن «وضع الطرفين (المجموعات المؤمنة بتفوق العرق الأبيض والمتظاهرين ضد العنصرية) على قدم المساواة بدل أخذ مسافة واضحة من التيار النازي، يشكل بالتأكيد خطأ جسيماً». ورأى أن هذا يثبت إلى أي حد يرتبط قسم من مؤيدي ترامب باليمين المتطرف، مشيراً إلى ستيف بانون مستشار الرئيس الأميركي.