بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنشغل في مواجهات في الخارج مع كوريا الشمالية وفنزويلا وإيران، واجه «سقطة» في أخطر امتحان وأهمّه في الداخل، تمثلت في تردده بتوجيه إدانة صريحة للعنصريين البيض بعد أعمال عنف اجتاحت مدينة تشارلوتسفيل في ولاية فرجينيا وأسفرت عن سقوط 3 قتلى و19 جريحاً. واضطر البيت الأبيض إلى تدارك تردد ترامب في إدانة العنصريين، إذ أكد الناطق باسمه أن «الرئيس قال بقوة أمس (السبت) إنه يدين كل أشكال العنف وانعدام التسامح والكراهية. وهذا يشمل بالتأكيد المنادين بتفوق العرق الأبيض و(جماعة) كو كلوكس كلان والنازيين الجدد وكل المجموعات المتطرفة». أتى ذلك بعدما خيّب الرئيس الأميركي آمال الكثير من مواطنيه الذين كانوا ينتظرون منه إدانة واضحة وشديدة لهذه المنظمات المتطرفة التي تؤمن بتفوق العرق الأبيض. وعندما علق على أحداث تشارلوتسفيل في نادي الغولف حيث يمضي إجازته السبت، اكتفى بتحميل الطرفين المتواجهين المسؤولية ذاتها. وعاشت الولاياتالمتحدة ساعات متشنجة فجر السبت- الأحد على وقع أحداث تشارلوتسفيل، التي أيقظت شبح العنصرية والتمييز العرقي في البلاد. وأثارت أحداث تشارلوتسفيل صدمة لدى كثيرين، خصوصاً الأفارقة الأميركيين وأبناء الأقليات، بعدما رفع دعاة تفوّق العرق الأبيض أعلاماً نازية وأخرى كونفيديرالية، وصاحوا بشعارات معادية لليهود والمسلمين السبت، قبل أن تسير ضدهم تظاهرات. واستعادت المدينة هدوءاً نسبياً أمس، مع فرض حال طوارئ، وذلك بعد مقتل فتاة بين المتظاهرين ضد العنصرية وجرح 19 آخرين في عملية دهس بسيارة نفذها أحد عناصر «كو كلوكس كلان». في الوقت ذاته، استمر التشنج والترقب والتنديد في الأوساط السياسية والاجتماعية الأميركية، كما لقي شرطيان حتفهما في تحطم مروحية تابعة لشرطة ولاية فرجينيا تدخلت لتهدئة الاحتجاجات. وحققت الشرطة مع جايمس أليكس فيلدس (20 سنة)، وهو سائق السيارة التي دهست المتظاهرين، وتبين من صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي أنه من المعجبين بالزعيم النازي أدولف هتلر. واستنكر الوسط الأميركي برمته أعمال العنف، وندد جمهوريون وديموقراطيون بارزون ب «العمل الإرهابي» الذي نفذه فيلدس والعنصريون البيض. إلا أن تردد ترامب في إدانتهم بالاسم أثار حفيظة كثيرين، وسط دعوات من قيادات في الحزب الجمهوري لإدانة الحركة العنصرية، نظراً لحساسية الأمر في التاريخ الأميركي. واستنكرت إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأميركي أمس «العنصرية والاعتقاد بتفوق العرق الأبيض والنازيين الجدد». وقالت في سلسلة تغريدات عبر «تويتر»، إن «لا مكان في المجتمع للعنصرية والاعتقاد بتفوق البيض والنازيين الجدد. علينا أن نتحد كأميركيين». كما اتصل حاكم ولاية فيرجينيا تيري ماكوليف بترامب وطلب منه «توحيد الصف الأميركي». وبدأ مشككون يرددون أن العنصريين صوتوا لترامب في حملته الرئاسية ضد هيلاري كلينتون، خصوصاً في ولايات جنوبية مثل فلوريدا وكارولاينا الشمالية. وذكّر زعيم «كو كلوكس كلان» ديفيد دوك الرئيس الأميركي بهذا الأمر، وغرد على «تويتر» قائلاً: «أدعو الرئيس لأن ينظر في المرآة ويتذكر مَن صوّت له، إنهم البيض الأميركيون وليس المتطرفون في اليسار». وبدأت احتجاجات العنصريين الجمعة، لاعتراضهم على خطط لإزاحة تمثال يعود لفترة الحرب الأهلية يجسد العنصرية، وجاء الكثير منهم من خارج ولاية فيرجينيا للمشاركة في الاحتجاجات. وناشدهم حاكم فيرجينيا بالعودة من حيث أتوا، مشيراً إلى أن «لا مكان لعنصريتهم في الولاية أو في أي مكان آخر في أميركا».