هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتدخل عسكري في فنزويلا التي اعتبرت تصريحاته «جنوناً»، متعهدة التصدي ل «الإمبريالية». وكانت الولاياتالمتحدة فرضت عقوبات على كراكاس، طاولت الرئيس نيكولاس مادورو وشقيقاً لسلفه الراحل هوغو تشافيز ومسؤولين بارزين آخرين، بعد انتخاب «جمعية تأسيسية» احتكرت السلطات في فنزويلا، وتحظى بصلاحيات واسعة بينها صوغ دستور جديد وحلّ البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة. الجمعية التي اقترح مادورو تشكيلها، ثبتّته بالإجماع في منصبه «رئيساً لجمهورية فنزويلا البوليفارية»، علماً أن المعارضة تسعى إلى إطاحته على خلفية أزمة معيشية طاحنة، واحتجاجات متصاعدة منذ نيسان (أبريل) الماضي، أوقعت أكثر من 125 قتيلاً. وقال ترامب: «لدينا خيارات كثيرة لفنزويلا، بما في ذلك خيار عسكري ممكن إذا لزم الأمر. لدينا قوات في كل أنحاء العالم وفي أماكن بعيدة جداً. فنزويلا ليست بعيدة جداً والناس يعانون ويموتون. الخيار العسكري هو بالتأكيد طريق يمكن أن نسلكه». وعلّقت وزارة الدفاع الأميركية مشيرة إلى أنها «لم تتلقَ أي أوامر» في شأن هذا الصدد «الآن». لكن وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو وصف تصريحات ترامب ب «جنون»، وزاد: «هذا تطرف شديد. هناك نخبة متطرفة تحكم الولاياتالمتحدة. بوصفي جندياً أقف مع القوات المسلحة الفنزويلية ومع الشعب. أثق بأننا سنكون جميعاً في الخطوط الأمامية للدفاع عن مصالح فنزويلا وسيادتها»، إذا تعرّضت ل «عدوان». ورأى وزير الاتصالات إرنستو فيلغاس أن تصريحات ترامب «تهديد يُعتبر سابقة بالنسبة إلى السيادة الوطنية»، متحدثاً عن «استدعاء السلك الديبلوماسي لوزارة الخارجية، عندما تُصدر بياناً لمواجهة التهديد الإمبريالي لفنزويلا». وكرّرت كراكاس في السنوات الأخيرة أن المسؤولين الأميركيين يخططون لغزو أراضيها. وأعلن جنرال سابق في الجيش الفنزويلي هذا العام نشر صواريخ مضادة للطائرات على ساحل البلاد، تحسباً لهذا الاحتمال. لكن وزارة الدفاع الأميركية أكدت أن تحذيرات كراكاس من غزو أميركي «بلا أساس»، مستدركة أن الجيش الأميركي مستعد لدعم جهود لحماية مواطني الولاياتالمتحدة ومصالحها القومية. وكان مادورو أعلن الخميس أنه يريد إجراء «محادثة شخصية» مع ترامب عبر الهاتف أو مباشرة في نيويورك، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل. واستدرك أن فنزويلا «ستردً وسلاحها بيدها» على أي اعتداء. وأعلن البيت الأبيض أن مادورو طلب فعلاً إجراء محادثة مع ترامب الجمعة، لكنه أوضح ضمناً أن طلبه رُفض. وأضاف: «تقف الولاياتالمتحدة مع الشعب الفنزويلي في مواجهة القمع الدائم الذي يمارسه نظام مادورو. الرئيس ترامب سيتحدث طوعاً مع الرئيس الفنزويلي، لدى إحلال الديموقراطية». إلى ذلك، أعلن بادرينو أن قوات الأمن أوقفت قائدَي هجوم استهدف قاعدة للجيش الفنزويلي شمال البلاد قبل أسبوع، هما النقيب السابق خوان كاغاريبانو سكوت واللفتنانت جيفرسن غارسيا. واعتبر أن «عملية الاعتقال تشكّل ضربة قاسية للإرهاب الفاشي الذي يمارسه اليمين الفنزويلي في الشهور الأخيرة»، منبّهاً إلى أن «مَن يخون الوطن ويرفع السلاح ضد القوات المسلحة الفنزويلية، سيلقى عقاباً نموذجياً». وكان حوالى 20 مسلحاً هاجموا القاعدة الأحد الماضي، وقُتل اثنان منهم خلال المعارك وأُوقف ثمانية. وقبل الهجوم ظهر كاغاريبانو في تسجيل مصوّر على مواقع التواصل الاجتماعي، مُحاطاً برجال ببزات عسكرية ومدجّجين بأسلحة، ومتحدثاً عن تمرد على مادورو ومعتبراً أن حكمه «استبداد غير مشروع». في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية البيروفية أن ليما أمرت بطرد السفير الفنزويلي دييغو موليرو، بسبب انتهاك كراكاس «الحكم الديموقراطي». وأمهلت السفير 5 أيام لمغادرة البلاد، علماً أن الكونغرس البيروفي كان صوّت هذا الأسبوع على طرده. وبعد ساعات ردت فنزويلا بطرد السفير البيروفي كارلوس روسي، وحدّدت له مهلة مشابهة. ووصفت الخارجية الفنزويلية الرئيس البيروفي بيدرو بابلو كوتشينسكي ب «عدو» لكراكاس، واتهمته ب «التدخل باستمرار» في شؤونها الداخلية. وكان كوتشينسكي اقترح في حزيران (يونيو) الماضي تشكيل لجنة تحكيم دولية لتسوية الأزمة في فنزويلا، على أن يسبق ذلك إطلاق «جميع السجناء السياسيين»، ويُقدّر عددهم ب186، وفق منظمة «فورو بينال» الفنزويلية غير الحكومية. وأضاف: «من دون ذلك، ليس هناك أي حوار ممكن».