أصرّ وزير الخارجية الصيني وانغ يي على أن بلاده «هي المتضرر الأكبر» من العقوبات الجديدة التي فرضتها الأممالمتحدة السبت الماضي على كوريا الشمالية، بسبب علاقتها الاقتصادية «الوثيقة» مع بيونغيانغ. لكنه استدرك أن بكين «ستعمل دائماً على تطبيق القرار الذي يوضح اعتراضنا مع المجتمع الدولي على التجارب الصاروخية المستمرة لكوريا الشمالية». وقال: «من أجل حماية النظام الدولي الخاص بمنع الانتشار النووي والاستقرار والسلام الإقليمي، سنطبق في شكل كامل وصارم العقوبات» التي تقلص عائدات الصادرات السنوية لكوريا الشمالية من 3 بلايين إلى بليون دولار. لكن بكين تصر على ضرورة عدم تأثير العقوبات بالتجارة والكوريين الشماليين العاديين. ووسط التوتر الإقليمي الخاص بأزمة كوريا الشمالية باشرت القوات البحرية والجوية الصينية مناورات واسعة بالذخيرة الحية لم تحدد وزارة الدفاع مدتها لاستعراض قدراتها في مياه البحر الأصفر وخليج بوهاي قبالة السواحل الشرقية المحيطة بشبه الجزيرة الكورية. وتشارك في المناورات عشرات من السفن الحربية وأكثر من عشر طائرات وغواصات، إضافة إلى عناصر في الدفاع البحري بهدف اختبار الأسلحة وتحسين قدرات الجيش في تنفيذ هجمات ساحلية واعتراض أهداف جوية. وكانت بكين باشرت منذ فترة تحديث قواتها المسلحة بعدما شهدت تراجعاً، لمحاولة تعزيز نفوذها بما يتناسب مع قوتها الاقتصادية، ما أثار قلق دول مجاورة لها. وهي طالما عارضت بشدة المناورات العسكرية الأميركية- الكورية الجنوبية المتكررة باعتبارها «مسؤولة عن تأجيج التوترات الإقليمية»، على رغم أن هدفها المعلن هو ردع أي هجوم كوري شمالي محتمل. في اليابان، حذرت وزارة الدفاع، في تقرير سنوي، من أن البرنامج الصاروخي لكوريا الشمالية «يطرح مستوى جديداً من التهديد بعدما أجرت بيونغيانغ تجربتين نوويتين وأطلقت أكثر من 20 صاروخاً باليستياً العام الماضي». كما كررت المخاوف من الخطوات العسكرية المتزايدة للصين من أجل توسيع نفوذها العسكري ومطالبتها بالسيادة على أراضٍ، خصوصاً على جزر محيطة باليابان في بحر الصين الشرقي. ووصف وزير الدفاع الياباني ايتسونوري اونوديرا في التقرير الخطر الكوري الشمالي بأنه «كبير وداهم». وكتب: «يمكن تصور أنه مع مرور الوقت سيتصاعد خطر نشر صواريخ باليستية مجهزة برؤوس نووية تضع أمتنا في مرماهم». وزاد: «في ما يتعلق بالصين لدينا قلق بالغ من تأثير نفوذها على الأوضاع الأمنية في المنطقة والعالم»، مشيراً إلى «خرقها المستمر للنظام الدولي القائم». وخلال زيارته بانكوك، ضغط وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون على زعماء تايلاند للحد من علاقاتها التجارية مع كوريا الشمالية، وسط جهود أميركية لرصّ صفوف حلفاء الولاياتالمتحدة في وجه الطموحات النووية للدولة الشيوعية. وفيما يعتبر تيلرسون أرفع ديبلوماسي أميركي يزور المملكة منذ تولي الجيش التايلاندي السلطة بعد انقلاب عام 2014، ما وتر العلاقات بين البلدين الصديقين وسمح للصين بالتقرب من بانكوك عبر صفقات تسليح ضخمة وعقود لتطوير البنى التحتية، أوضحت مساعدته لشؤون شرق آسيا سوزان ثورنتون أن الولاياتالمتحدة تطالب تايلاند بايقاف عمل شركات كورية شمالية تستخدم بانكوك مركزاً تجارياً لشركات صورية، علماً أن في 2014 بلغت قيمة التبادل التجاري بين تايلاندوكوريا الشمالية 126 مليون دولار، بزيادة تقارب ثلاثة أضعاف عن 2009. وأشارت ثورنتون إلى أن وزير الخارجية يحاول أيضاً الضغط على المملكة لتشديد إجراءات منح الكوريين الشماليين تأشيرات دخول إليها وتقليص بعثتها الديبلوماسية، وحضها على استقبال مزيد من اللاجئين الكوريين الشماليين، علماً أن تايلاند شكلت دائماً ممراً لمنشقين ينفذون رحلات شاقة عبر الصين مروراً بلاوس وكمبوديا، وصولاً إلى أراضيها حيث يطلبون اللجوء في السفارة الكورية الجنوبية، لكن المملكة لا تمنحهم صفة لاجئين. وبدا رئيس المجلس العسكري الحاكم في تايلاند مبتسماً خلال استقباله تيلرسون في مقر رئاسة الحكومة. وأعلن ناطق باسم الحكومة التايلاندية بعد اللقاء أن المملكة «مستعدة للتعاون وتقديم الدعم» من أجل حل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، و «تمتثل» للعقوبات المشددة التي فرضتها الأممالمتحدة على بيونغيانغ. لكن محللين يستبعدون إعادة صوغ تايلاند علاقاتها مع كوريا الشمالية. وفي السفارة الأميركية ببانكوك أعلن تيلرسون الذي زار تايلاندمرات بصفته رئيساً لشركة «أكسون موبيل»، رغبته في «تنمية» العلاقات بين الولاياتالمتحدة وأقدم حلفائها الآسيويين «حتى في تقلباتها»، فيما لم يتضح إلى أي مدى سيضغط تيلرسون على الحكومة العسكرية في ما يتعلق بقمع الحريات السياسية. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا زعيم المجلس العسكري التايلاندي إلى زيارة البيت الأبيض، على رغم أن الولاياتالمتحدة تدين استيلاء الجنرالات على السلطة، ونأت بنفسها عن النظام وقلصت مساعداتها العسكرية للبلاد.