اعتبرت الصين أن ملف شبه الجزيرة الكورية يدخل «منعطفاً حرجاً»، بعد تشديد مجلس الأمن العقوبات على بيونغيانغ، مكرّرة دعوتها إلى حوار لتسوية الأزمة «المعقدة». أتى ذلك بعد إعلان مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر أن الرئيس دونالد ترامب يراجع خططاً ل «حرب وقائية». وذكّر بقول الأخير «إنه لن يتساهل إزاء قدرة كوريا الشمالية على تهديد الولاياتالمتحدة»، وزاد: «المسألة من وجهة نظر الرئيس لا يمكن التهاون معها. وبالتالي علينا تأمين كل الخيارات، وهذا يشمل خياراً عسكرياً». وكان البيت الأبيض أعلن أن ترامب «يقدّر للصين وروسيا تعاونهما لضمان تمرير» مشروع قرار أميركي يشدد العقوبات على كوريا الشمالية، تبنّاه مجلس الأمن السبت، مرجحاً «تأثيراً مالياً كبيراً جداً» للعقوبات التي يمكن أن تحرم الدولة الستالينية كوريا الشمالية من ثلث عائداتها من التصدير، البالغة نحو 3 بلايين دولار سنوياً، بعد إطلاقها صاروخين باليستيَين عابرين للقارات الشهر الماضي. وأضاف: «سنواصل التعاون مع الحلفاء والشركاء، لتعزيز الضغط الديبلوماسي والاقتصادي على كوريا الشمالية، من أجل وقف سلوكها الذي يشكّل تهديداً ويزعزع الاستقرار». في مانيلا، اعتبر وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن العقوبات «لازمة»، مستدركاً أنها «ليست الهدف النهائي». وأضاف على هامش منتدى إقليمي تستضيفه «رابطة دول جنوب شرقي آسيا» (آسيان)، ويشارك فيه 27 وزيراً للخارجية: «بعد تنفيذ القرارات، يدخل ملف شبه الجزيرة الكورية منعطفاً حرجاً. ندعو جميع الأطراف إلى اتخاذ موقف يتسم بالمسؤولية، لدى إصدار أحكام واتخاذ إجراءات. لا يمكن أن نتخذ إجراءً ونتجاهل آخر». وقال بعد لقائه نظيره الكوري الشمالي ري يونغ هو: «أجرينا محادثات شاملة. حضّ الجانب الصيني الجانب الكوري الشمالي على التعامل بهدوء مع القرارات الأخيرة لمجلس الأمن، والامتناع عن القيام بأي شيء يستفزّ المجتمع الدولي، مثل تنفيذ تجربة نووية». واعتبر أن ذلك سيساعد بيونغيانغ على «اتخاذ قرار صائب وذكي»، منبهاً إلى «مستوى مرتفع من الحساسية والتعقيد» يمكن أن يمسّ العلاقات الصينية - الكورية الشمالية. وأعرب وانغ عن أمله بتعامل جميع الأطراف بجدية مع اقتراح بكين تعليقاً مزدوجاً، أي أن توقف كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية، وتوقف كوريا الجنوبيةوالولاياتالمتحدة تنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة، معتبراً أن هذه هي «أكثر المبادرات الواقعية التي يمكن تنفيذها، كما أنها أكثر الحلول المعقولة والودية». ودعا إلى استئناف المحادثات السداسية لتفكيك البرنامج النووي الكوري الشمالي، واستدرك: «المسألة ليست سهلة، لكنها وجهة علينا السعي نحوها جميعاً. الحوار والمفاوضات فقط هما الطريق الصحيح لتسوية الأزمة في شبه الجزيرة الكورية». وكانت صحيفة «رودونغ سينمون» الناطقة باسم حزب العمال الشيوعي الحاكم في بيونغيانغ كتبت في افتتاحية قبل تبنّي العقوبات: «في يوم تجرؤ فيه الولاياتالمتحدة على إغاظة أمّتنا بعصا نووية وعقوبات، تُقصف الأراضي الأميركية في بحر لا يوصف من نار». لكن وزيرَي الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والكورية الجنوبية كانغ كيونغ وا أبديا رضاهما عن العقوبات، إذ تحدثا عن «نتيجة جيدة جداً». ورأت سوزان ثورنتون، القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ، أن دعم الصين قرار مجلس الأمن «يظهر أنها أدركت أنها مشكلة ضخمة عليها معالجتها». واستدركت أن واشنطن «ستستمر في مراقبة» تطبيق العقوبات، محذرة من أن جلسات تصويت سابقة تلاها «تراجع» من بكين. وأعلنت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي أن «الخطوة التالية تتوقف على كوريا الشمالية كلياً»، مؤكدة أن واشنطن ستواصل «إجراءاتها الدفاعية المتعقلة»، بما في ذلك تنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة مع سيول. «آسيان» تنتقد مواربة مزاعم بكين بالسيادة على البحر الجنوبي في خطوة مفاجئة، تحدى وزراء خارجية بلدان «رابطة دول جنوب شرقي آسيا» (آسيان) موقفاً ثابتاً لبكين، وأصدروا بياناً مشتركاً ينتقد في شكل غير مباشر مزاعمها بالسيادة على بحر الصينالجنوبي المتنازع عليه، فضلاً عن إجرائها تحصينات عسكرية فيه. وتضمّن بيان الوزراء العشرة إشارة غامضة الى قرار أصدرته محكمة لاهاي الدولية العام الماضي، فنّد الادعاءات التاريخية لبكين في كل المجاري المائية الاستراتيجية تقريباً. لكنه لم يذكر الصين بالاسم. وقال ديبلوماسي في جنوب شرقي آسيا إن فيتنام دفعت في اتجاه تبنّي لغة أقوى في البيان، على رغم معارضة وزراء كثيرين، تعتمد دولهم في شكل كبير على الصين في التجارة والاستثمار. ويتخذ البيان الصادر أمس موقفاً أقوى من مسودة بيان لم تُنشر، وشكّلت نسخة مخففة من بيان صدر في لاوس العام الماضي. وشدد البيان على «أهمية عدم العسكرة وضبط النفس» في النزاع على البحر الجنوبي. وأضاف أنه بعد مناقشات مستفيضة، أعربت دول أعضاء عن قلق إزاء استصلاح أراض و «القيام بنشاطات في المنطقة قوّضت الثقة وفاقمت التوتر وقد تقوّض السلام والأمن والاستقرار» في المنطقة. وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي قال إن تبنّي إطار عمل لوضع مدوّنة سلوك في شأن البحر الجنوبي، أوجد أساساً راسخاً للتفاوض يمكن أن يبدأ هذا العام إذا «كان الوضع مستقراً في شكل عام وعلى أساس عدم وجود أي تدخل كبير من أطراف خارجيين»، في إشارة الى الولاياتالمتحدة.