طلبت النيابة العامة في ميلانو من القضاء أمس، بدء محاكمة فورية لرئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني بتهمتي «تشجيع بغاء القاصرات» و»الابتزاز بإستغلال السلطة»، في ما اعتبره محاولة «تخريبية» لإسقاط حكومته. وأرسل رئيس نيابة ميلانو إدموندو بروتي ليبيراتي الى قاضية التحقيقات التمهيدية كريستينا دي سينسو، وثيقة من 782 صفحة تطلب «المحاكمة الفورية على أساس أدلة دامغة» بعد التحقيق الذي بدأ في 21 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وتتهم النيابة بيرلوسكوني بأنه أقام خلال حفلات صاخبة في فيلا يملكها في ميلانو، علاقة في مقابل مالٍ مع «عدد» من الفتيات القاصرات بينهنّ راقصة النوادي الليلية المغربية كريمة المحروقي التي تُعرف باسم «روبي»، وكانت حينذاك في ال17 من عمرها. وذكرت النيابة ان بيرلوسكوني مارس نفوذه على مسؤولين بطريقة غير مشروعة، من أجل إطلاق «روبي» حين كانت شرطة ميلانو تحتجزها بتهمة السرقة، وذلك خشية كشف علاقته بها. لكنه أقر بأنه اتصل بالشرطة لمصلحة المحروقي، وقال انه أُبلِغ بأنها على صلة قرابة بالرئيس المصري حسني مبارك. ويقول محاموه انه لم يرتكب بذلك خطأ إنما كان يحاول تفادي أزمة ديبلوماسية محرجة. وتؤكد أوساط بيرلوسكوني انه أخرج «روبي» من مكان احتجازها، لاعتقاده بأنها «قريبة» للرئيس المصري، وقال الأول: «تدخلت بصفتي رئيساً للوزراء، إذ خشيت أزمة ديبلوماسية». لكن الادعاء أصر على أن بيرلوسكوني لم يرتكب ذلك في إطار ممارسته واجباته الدستورية، وقال ليبيراتي: «هذا ليس فعلاً يمكن أن يُنسب الى منصبه. هذا استغلال للمنصب، لأن رئيس الوزراء لا يتمتع بصلاحية مباشرة على الشرطة». وإقامة علاقة مع قاصر عقوبتها السجن فترة تراوح بين 6 شهور و3 سنوات، فيما عقوبة استغلال النفوذ تراوح بين 4 سنوات و12 سنة. وينفي بيرلوسكوني و»روبي» أي علاقة بينهما، وتؤكد الأخيرة أنها شاركت فقط في سهرات عشاء «عادية جداً». وشددت النيابة على أن الاتهامات الموجّهة الى بيرلوسكوني «لا تدخل في إطار المخالفات المُقترفة أثناء أداء الواجب الوزاري»، ما يعني أن محاكمته من صلاحيات القضاء العادي وليست من اختصاص «محكمة الوزراء»، كما يطالب محاموه. وأمام قاضية التحقيقات التمهيدية كريستينا دي سينسو خمسة أيام لاتخاذ قرار في شأن طلب نيابة ميلانو، ولكن يمكن ان يستغرق ذلك أياماً إضافية. كما يمكن القاضية، إعادة لائحة الاتهام الى النيابة لبدء محاكمة بالسبل العادية. وفي حال موافقتها على الطلب، يمكن ان تبدأ محاكمة بيرلوسكوني خلال شهرين. وشهدت الساحة المطلة على قصر العدل في ميلانو تظاهرات تأييد لرئيس الوزراء الذي اتهم محاموه قضاة ميلانو ب «انتهاك الدستور، إذ يتدخلون في حياته الشخصية»، مؤكدين ان الحفلات التي يقيمها «عادية». ووصف بيرلوسكوني الاتهامات بأنها «معيبة ومثيرة للاشمئزاز»، متهماً نيابة ميلانو بالتحرّك ل «أغراض بحت تخريبية» وباستغلال قضية الفتاة المغربية «حجة» لإقالته. وأضاف: «إنها مهزلة، واتهامات بلا أساس... إنها قضية تشهير إعلامي». واعتبر ان القضية «تؤذي كرامة البلاد» و»تتعارض مع القانون». لافتاً الى أنه يشعر بالاطمئنان ويتعامل مع الوضع بوصفه رئيساً للوزراء وليس متهماً، ولذلك أنا واثق من براءتي». وأعلن أنه سيرفع دعوى ضد الدولة. ويواجه بيرلوسكوني (74 سنة) ثلاث دعاوى أخرى تتصلّ باحتيال ضريبي واختلاس وفساد، وستُستأنف في الأسابيع المقبلة، لكنها القضية الأولى التي تستهدف حياته الشخصية. ويأتي قرار نيابة ميلانو، بعدما أضعفت المحكمة الدستورية قبل شهور قانوناً يمنحه حصانة من الملاحقة، بوصفه رئيساً للوزراء. وتنوي إيطاليات التظاهر الأحد المقبل، «دفاعاً عن كرامتهن» في مواجهة ممارسات بيرلوسكوني الذي دافعت عنه نساء في البرلمان من حزبه. وتشدد القضية الضغوط عليه وحكومة يمين الوسط التي يرأسها، خصوصاً بعد تقلّص غالبيته في البرلمان اثر انشقاق داخل حزبه.