أعلنت موسكو استئناف المفاوضات لتوسيع وقف النار في ست محافظات سورية، في وقت تزايدت المخاوف من انعكاسات تدهور العلاقات الروسية– الأميركية على الوضع في سورية. وأفاد بيان أصدرته وزارة الدفاع الروسية أمس بأن «المفاوضات بين عسكريين روس وممثلين عن فصائل المعارضة السورية، استؤنفت في حلب وإدلب ودمشق وحماة وحمص والقنيطرة بهدف التوصل إلى تثبيت وتوسيع اتفاق وقف النار في هذه المناطق». وتعد هذه أول إشارة بعد إعلان منطقة خفض التوتر في ريف حمص، من جانب المستوى العسكري الروسي إلى تكثيف الاتصالات مع المعارضة لتوسيع الهدنات المحلية في كل محافظة والسعي إلى تثبيت نظام وقف النار الشامل على الأراضي السورية الذي كان أعلن نهاية العام الماضي ولم يحقق نجاحات كبيرة. ولفت بيان وزارة الدفاع إلى أن عدد المدن والقرى والبلدات التي التحقت باتفاق وقف إطلاق النار، «ما زال على حاله، ولم يتعد ال2131، كما أن عدد الفصائل والمجموعات المسلحة الملتحقة بوقف النار لم يتغير هو الآخر ولا يزال عند 228 فصيلاً». بالتوازي مع ذلك، واصلت موسكو مشاوراتها مع الأطراف المختلفة لتعزيز اتفاقات تأسيس مناطق حفض التوتر، وتنسيق المواقف حول الوضع الميداني خلال المرحلة المقبلة. وبعد مشاورات مكثفة أجرتها موسكو مع مسؤولين إيرانيين وعراقيين خلال الأيام الماضية، أعلنت الخارجية الروسية ان مشاورات روسية- سورية جرت الجمعة حول ضمان فعالية نظام الهدنة في مناطق تخفيف التوتر. وأكدت أن هذه المناطق تساهم في تقييد أنشطة الإرهابيين. وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن نائب الوزير ميخائيل بوغدانوف، أطلع السفير السوري لدى موسكو رياض حداد على نتائج تحركات موسكو، وأجريا «تبادلاً موضوعياً للآراء حول مستجدات الوضع العسكري والسياسي في سورية، مع التركيز على عملية إنشاء مناطق تخفيف التوتر في جنوب غربي البلاد وفي الغوطة الشرقية وفي ريفي حمص وإدلب إضافة إلى ضمان فعالية نظام الهدنة في تلك المناطق». وأكد الطرفان أن مجرد انطلاق الجهود لإنشاء هذه المناطق ساهم في خفض مستويات التوتر بقدر كبير وتقييد الأنشطة الإرهابية وتحسين الوضع الإنساني. على صعيد آخر، تزايدت المخاوف من تداعيات التدهور الأسوأ في علاقات موسكووواشنطن، بعد تبني قانون العقوبات الأميركي الجديد ضد روسيا. وخلافاً لتوقعات سابقة، بأن الأزمة الحالية في العلاقات لن تؤثر في مستوى التنسيق القائم في سورية، بدأت مؤشرات تبرز إلى تأثيرات محتملة على تفاهمات الطرفين وخصوصاً في الشق المتعلق بمكافحة الإرهاب في سورية. وعلى رغم أن الرئيس فلاديمير بوتين كان أكد قبل يومين، أن تدهور العلاقات مع واشنطن لا يجب أن يؤثر في ثلاثة ملفات أساسية يسعى الطرفان إلى تعزيز الاتصالات في شأنها وهي مكافحة الإرهاب والتسوية في سورية وقضايا الأمن الاستراتيجي والحد من التسلح، لكن بياناً أصدرته الخارجية الروسية الجمعة عكس تزايد الشكوك لدى موسكو من فعالية تنسيق الجهود في ملف مكافحة الإرهاب في سورية في ظل التردي الأسوأ في العلاقات مع واشنطن. وفي غضون ذلك، لفتت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا»، إلى التطورات الميدانية في سورية، خصوصاً ما يتعلق بالمعطيات عن انسحاب الأميركيين من قاعدة التنف (جنوب شرق)، معتبرة أن التطور أملته ظروف الحرب وأنه ليس نتيجة للنجاحات التي تحققها قوات الحكومة السورية وحلفاؤها. واعتبرت أن القرار الأميركي يمكن واشنطن من نقل قواتها إلى منطقة دير الزور الغنية بالنفط والغاز، وأن هذه المنطقة أكثر أهمية للبنتاغون حتى من الناحية العسكرية، لوقوعها على طريق بغداد، وليتمكن الأميركيون من تشكيل فصائل معارضة جديدة في الأردن ونقلها عند الضرورة إلى التنف. كما لفتت إلى أن الأهم لواشنطن هو تعزيز وجودها في شمال سورية، حيث التشكيلات الكردية و «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، التي تطور نجاحاتها عسكرياً. ورأت الصحيفة «أن واشنطن لا تنوي أبداً الاستسلام، وأن تخليها عن دعم قسم من المعارضة لا يعني تخليها عن المعارضة السورية بالكامل. وعملياً، كانت التنف المنطقة الوحيدة التي يتعاون فيها عسكريو الولاياتالمتحدةوروسيا في سورية، «ويعني انسحاب واشنطن منها أنها (واشنطن) قطعت الطريق على المنطقة الوحيدة التي يمكن أن تتعاون مع موسكو فيها وتركت هموم إدارة الصراع في هذه المنطقة على كاهل الروس وحدهم».