تنطلق اليوم جولة جديدة من محادثات آستانة للحل في سورية، بمشاركة وفود من دمشق وفصائل المعارضة والدول الراعية الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، إضافة إلى المبعوث الأممي للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا. واستبَقت السلطات السورية بدء المحادثات بإعلان هدنة لمدة 5 أيام في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. وأكدت القيادة العامة للجيش أنه «سيتم الرد في الشكل المناسب في حال حدوث أي خرق». ووقف النار هذا هو الثاني الأحادي الجانب في الأسبوعين الماضيين. ويمتد وقف الأعمال القتالية من درعا إلى منطقة جنوب سورية بكاملها، بما في ذلك محافظة القنيطرة قرب الحدود مع إسرائيل ومحافظة السويداء في جنوب شرقي البلاد. وشكك عصام الريس، الناطق باسم «الجبهة الجنوبية»، وهي تحالف لفصائل المعارضة في «الجيش السوري الحر»، في أن توقف القوات النظامية الهجمات على الخطوط الأمامية في درعا وفي محافظة القنيطرة. وتشهد درعا تصعيداً مستمراً منذ أواخر أيار (مايو) الماضي، تزامناً مع محاولات تقدم القوات النظامية من محوريها الشرقي والجنوبي. وأرسلت القوات النظامية تعزيزات عسكرية إلى الريف الشمالي للمدينة، لا سيما إلى بلدتي إزرع وخربة غزالة، في محاولة للسيطرة على درعا البلد، وصولاً إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن. وقال وزير خارجية كازاخستان خيرت عبدالرحمنوف، إن المراقبين وصلوا لحضور المحادثات، وأبرزهم القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط ستيوارت جونز، والوفد الأردني، وممثلو الأممالمتحدة. ويترأس وفدَ الحكومة السورية المندوب السوري الدائم لدى الأممالمتحدة بشار جعفري، فيما لم تعلَن بعد أسماء أعضاء وفد المعارضة السورية. وعقد ممثلو كل من روسيا وتركيا وإيران جلسة عمل أمس في آستانة عشية المفاوضات الرسمية. وتُجهِّز كلٌّ من موسكو وأنقرة وطهران وثائق ترسم مناطق تخفيف التوتر، وحُددت محافظة إدلب في ريف حمص الشمالي، وأجزاء من محافظات اللاذقية، وحلب، وحماة، ودمشق (الغوطة الشرقية)، ودرعا والقنيطرة ضمن المناطق. وتبحث آستانة أربعة محاور هي: مكافحة الإرهاب، «خفض التوتر»، آلية مراقبة التهدئة وتشكيل لجنة للمصالحة الوطنية، وأخيراً مناقشة مسائل متعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار البنية التحتية في سورية. تزامناً، ذكرت مصادر ديبلوماسية أميركية مطلعة، أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قال للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال لقاء خاص، إن أولويات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سورية باتت تقتصر على محاربة «تنظيم داعش»، وإن مصير الرئيس السوري بشار الأسد بيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووفقاً لمجلة «فورين بوليسي» الأميركية، التي استندت إلى إفادات مصادر ديبلوماسية، أكد تيلرسون لغوتيريش أن النشاط العسكري الأميركي ضد القوات النظامية السورية يسعى إلى تحقيق أهداف تكتيكية محدودة، مثل «ردع هجمات كيماوية» محتملة وحماية فصائل المعارضة التي تدعمها واشنطن في قتالها ضد «داعش»، وليس إنهاء حكم الأسد. ورفضت الخارجية الأميركية التعليق على لقاء تيلرسون مع غوتيريش، مؤكدة التزام واشنطن مسار جنيف. ميدانياً، أفادت مصادر متطابقة للمعارضة السورية بأن القوات النظامية استأنفت أمس عملياتها الهجومية في محيط معبر التنف جنوب سورية، في محاولة لطرد عناصر «الجيش الحر» من هناك. وذكر موقع «المصدر نيوز» الإلكتروني أمس، أن العملية التي تنفذها الفرقة الخامسة في القوات النظامية بدعم من «حزب الله» و «الحشد الشعبي»، أسفرت عن قتلى وجرحى خلال المعارك في ريف حمص الجنوبي الشرقي. وأفادت مصادر مطلعة بأن الولاياتالمتحدة اقترحت على حلفائها في «جيش مغاوير الثورة» (أحد فصائل الجيش الحر) نقل مجموعة من عناصره تبلغ نحو 100 عنصر إلى ناحية الشدادي في الحسكة، وإنشاء قاعدة عسكرية لهم من دون إغلاق «قاعدة التنف»، وذلك في محاولة من واشنطن للالتفاف على القوات النظامية، بعدما فرضت طوقاً على عناصر «الجيش الحر» في منطقة التنف بالبادية السورية ومنعتها من التقدم نحو المنطقة الشرقية، وتحديداً البوكمال، عبر بادية تدمر. وقالت مصادر في المعارضة إن إنشاء القاعدة الجديدة في الشدادي سيتم خلال الفترة المقبلة، بهدف تمكين «مغاوير الثورة» من لعب دور في تحرير دير الزور، المعركة الكبيرة المنتظرة بعد تحرير الرقة. ويلعب «مغاوير الثورة» و «قوات النخبة»، دوراً مهماً في استعادة المنطقة الشرقية من سورية. وتحاول واشنطن قطع الطريق على القوات النظامية التي تحاول التقدم من محاور متعددة إلى محافظة دير الزور.