تراجع الجنيه المصري في شكل محدود أمس بعد يوم من تدخل البنك المركزي لرفعه أكثر من واحد في المئة عندما سجل أدنى مستوى له في ست سنوات. وجرى تداول الجنيه اليوم من دون تدخل البنك المركزي عند 5.878 جنيه للدولار مقارنة ب 5.876 جنيه أول من أمس. وذكر متعاملون أن تدخل البنك المركزي يهدف إلى ردع المضاربين وفي الوقت نفسه استعادة الثقة قبل إعادة فتح البورصة الأحد. وقد يلعب مصير الجنيه دوراً كبيراً في تحديد مدى خسارة الأسهم بسبب الأزمة. وأتاح هذا للبنك المركزي التدخل من دون اللجوء إلى الاحتياطات الأجنبية. وقدّر متعاملون حجم التدخل «بما لا يقل عن بليون دولار ولا يزيد على 1.6 بليون». وشدد البنك المركزي المصري على استعداده للتدخل المباشر مجدداً في سوق العملة إذا رأى ما يستدعي ذلك. وقال نائب محافظ البنك هشام رامز: «سنتدخل عندما نرى أن السوق ليست منظمة. إذا لم تكن كذلك فسنستخدم أدواتنا»، مضيفاً أن السوق تتسم اليوم بالهدوء والنظام. وأعلن البنك المركزي المصري عودة البنوك إلى مواعيد العمل الرسمية المعتادة بفروعها المفتوحة حالياً اعتباراً من اليوم. وكان عدد من فروع البنوك المصرية استأنف نشاطه مطلع الأسبوع الحالي لثلاث ساعات ونصف ساعة فقط يومياً بين العاشرة صباحاً (8 بتوقيت غرينتش) بعد توقف دام أسبوعاً بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد. لكن البنك المركزي أكد أن البنوك ستعود اليوم إلى فتح أبوابها من 8.30 صباحاً وحتى الثانية ظهراً مع امتداد عمل بعض الفروع إلى الخامسة مساء. ويبلغ عدد فروع البنوك المفتوحة حالياً 723 فرعاً. وحول عودة الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى الاقتصاد المصري، أكد الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب الخبير الاقتصادي جمال بيومي، «أن الأهم من إحصاء الخسائر هو استعادة الثقة في الاقتصاد المصري من جديد، كي تتعزز عودة الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى الاقتصاد المصري»، مدللاً على ذلك أن القطاع السياحي المصري يدر على الدولة ما يقارب 13 بليون دولار، «فمن المؤكد أنه سيتكبد خسائر كبيرة جداً، لكن الخسائر التي لحقت بمجمل القطاع السياحي ليست ناجمة عن أعمال إرهابية، بل هي نتائج لأعمال داخلية سلمية، وهو عامل مهم لاستعادة القطاع نشاطه من جديد». وأشار إلى أن مشكلة التضخم المقدرة بنحو 10 في المئة عام 2010 تفاقمت بعد اندلاع الأزمة الداخلية بسبب النقص في المواد التموينية وتراجع قيمة الجنيه، مضيفاً أنه يمكن حصر الكلفة الإجمالية للخسائر، كما أُعلن أخيراً، بما يقارب 70 بليون جنيه. المصارف الفرنسية ونقلت وكالة «رويترز» عن محللين في شركة «كيفي برويت اند وودز» قولهم إن «بنك سوسيتيه جنرال» الفرنسي قد يتكبد خسائر تصل إلى 100 مليون يورو (136.5 مليون دولار) من أعماله في مصر في ظل تأثر اقتصاد البلاد بالاحتجاجات المستمرة. والبنوك الفرنسية أكثر انكشافاً على مصر مقارنة بغيرها من البنوك الأوروبية والأميركية، ويتوقع محللون ارتفاع خسائر القروض المعدومة بسبب الأزمة السياسية التي يقدر «بنك كريدي اغريكول» أنها تكبد مصر 310 ملايين دولار يومياً. و «سوسيتيه جنرال» هو الأكثر انكشافاً على مصر من بين البنوك الفرنسية من خلال وحدته «البنك الأهلي سوسيتيه جنرال» إذ تبلغ قروضه 3.5 بليون يورو وفقاً ل «كيفي برويت اند وودز». وانتشرت مجموعات على «فايسبوك» قبل أيام قليلة تنادي بضرورة دعم البورصة المصرية بعد أن فقدت 70 بليون جنيه في آخر جلستي تداول لها قبل الإيقاف. وفضلاً عن مجموعة «استثمر مئة جنيه في البورصة وانقذ اقتصادنا» التي بدأتها سارة لمعي، تأسست مجموعات أخرى على «فايسبوك» تنادي بالتحرك لإنقاذ البورصة. ولم تكن تتوقع لمعي (26 سنة) انضمام آلاف الأعضاء في غضون 72 ساعة إلى مجموعتها، وقالت خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة ل «رويترز»: «لم أكن أتوقع هذا الإقبال على المجموعة وصلنا إلى أكثر من 7900 عضو وهناك دعوة لأكثر من 95 ألف آخرين. نريد جميعاً تقليل الخسائر المتوقعة للبورصة». وتابعت: «على رغم أن ثورة شباب 25 يناير (كانون الثاني) أفرحتنا سياسياً ولكنها أحزنتنا اقتصادياً وسياحياً». وكتب شخص يدعي عمر عاطف على «فايسبوك» في «مجموعة الحملة المليونية» لدعم البورصة يقول: «أنا شاب مصري أعمل في إحدى شركات الأوراق المالية في السعودية واستثمر في البورصة المصرية منذ ثلاث سنوات وخسرت رأس مالي في البورصة بسبب التظاهرات الأخيرة. ولكني أحب المصلحة العامة للشعب المصري وليس المصلحة الشخصية». وأكدت لمعي أنها وجدت حماسة شديدة من جانب المشاركين في المجموعة وهناك شركات وساطة بدأت تتحدث معنا في المجموعة وتعرض المساعدة في فتح حساب للراغبين وتزويدهم بكود للتعامل في البورصة من دون مصاريف وعمولات عند التداول». وعن مساعدة أحد المسؤولين لها قالت: «تحدثت إلى رئيس هيئة الرقابة المالية وإلى مساعد رئيس البورصة حول الفكرة. نحن لسنا منتفعين بشيء شخصي. كل غرضنا مساعدة اقتصاد مصر ونرحب بأي أفكار جديدة للمساعدة». وسجلت صناديق الأسهم المرتبطة بمؤشرات سحوبات صافية قدرها 2.173 بليون دولار في الأسبوع المنتهي في الثاني من شباط (فبراير) مع تأثر المستثمرين بالاضطرابات السياسية في مصر. وكانت أكبر السحوبات من الأسواق الناشئة وفقاً لبيانات من «ليبر» وهي إحدى خدمات «تومسون رويترز». وفي الوقت نفسه استمر تنامي الاهتمام بصناديق المؤشرات التي تركز على الولاياتالمتحدة في ظل بيانات اقتصادية وأرباح قوية. ومنذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 تدفقت الاستثمارات على الأسواق الناشئة. وأدى تنامي الأخطار السياسية في مصر والمخاوف في شأن ارتفاع التضخم في العديد من الدول إلى تحول الاستثمارات من الأسواق الناشئة إلى اقتصادات متقدمة.