قريبي يقذفني! حدث خلاف بيني وبين ابن عمي على ميراث، وكان ذلك في منزل أحد أصدقائنا، واشتدت المشكلة، وحدثت بيننا مضاربة وقام قريبي بالاعتداء علي بالسب والشتم والضرب، وكان الوحيد الذي شهد الموقف صديقنا، وهو عاجز عن الحركة، ولكنه شهد كل ما حدث في تلك المضاربة، فتقدمت بشكوى أمام قسم الشرطة، وطلبت منهم تعزير المدعى عليه، وإقامة الحد عليه لجريمة القذف، ثم تقدمت بدعوى أمام المحكمة، ولكن لم أقدم أي دليل سوى الشاهد، فطلب مني القاضي حضور الشاهد لأداء شهادته، فذهبت للشاهد، ولأنه عاجز عن الحركة لم يستطع الذهاب معي، ولكنه كتب ورقة بها كل ما حدث أمام عينيه وما سمعه بأذنيه، وقدمت الورقة إلى القاضي، فطعن بها المدعي عليه وقال إن هذه الورقة لا يُعتد بها، وصمم على حضور الشاهد بنفسه ووافقه القاضي على ذلك، والسؤال هل يعتد بالشهادة الكتابية للعاجز عن الحركة أم لا؟ وما الحل في هذا الموضوع؟ إبراهيم - جدة -الشهادة الكتابية لا يُعتد بها إلا إذا كانت موثقة أمام كاتب العدل، أما إذا لم تكن موثقة فلا يعتد بها، وفي هذه الحال يجوز للسائل أن يطلب من القاضي ناظر الدعوى انتداب من يرى لسماع شهادة هذا الشاهد، إذ تنص المادة (100) من نظام الإجراءات الجزائية على أنه «إذا كان الشاهد مريضاً أو لديه ما يمنعه من الحضور تسمع شهادته في مكانه» وفي هذه الحال عليك أن تخبر القاضي بأن الشاهد عاجز عن الحركة، ولا يستطيع الحضور أو الذهاب إلى كاتب العدل لتوثيق شهادته، وتطلب منه انتداب من يرى لسماع شهادته، وبذلك تكون شهادته صحيحة إذا توافرت بقية شروط الشهادة، ويأخذ بها القاضي إن شاء الله تعالى. ومعلوم أن حد القذف يثبت باعتراف القاذف على نفسه بأنه رمى إنسانًا بالزنى زورًا وبهتانًا، أو بأنه رماه بالزنى دون أن يكون لديه أربعة شهود يشهدون بذلك، كما يثبت بشهادة رجلين يُعرفان بالتقوى والصلاح وعدم الكذب على القاذف بأنه رمى إنسانًا بالزنى ولم يكن له شهود بذلك. ولكى يصبح القذف جريمة تستحق هذا الحد لابد من توافر شروط معينة فيه، هي: - أن يكون القاذف عاقلاً بالغاً مختاراً: فإن كان القاذف مجنونًا أو مكرهًا على اتهام غيره بالزنى؛ فلا حد عليه، وإن كان صغيرًا أُدِّبَ بالضرب، ولا يقام عليه الحد. - أن يكون لفظ القذف صريحًا كأن يقول الرجل لغيره: أيها الزاني، أو أنت زانٍ سواء أكان ذلك بالكلام أم بالكتابة. فإن كان اللفظ غير صريح كأن يقول لغيره أنا لست بزانٍ وإنما الزانى غيري. فلا يقام عليه الحد؛ لأن مثل هذا القول يحتمل أكثر من معنى فقد يقصد القائل بذلك أن يقول له: أنا لست زانيًا وإنما الزاني أنت. فيكون بذلك قد قذفه بالزنى، وقد يقصد أنه ليس زانيًا وإنما الزاني غيره ولا يقصد بذلك قذف أحد، فتعدد الاحتمالات في اللفظ يعتبر شبهة، والشبهة تدفع الحد. ولا يقام الحد على من يتهم غيره بغير الزنى كأن يقول الرجل لغيره يا كافر أو يا سكير، وإنما يُعزَّر بالضرب أو غيره حتى لا يعود لمثل ذلك. كما لا يقام الحد على القاذف إذا اعترف المقذوف على نفسه بالزنى. إلى غير ذلك من التفاصيل المشهورة في كتب الفقه والقانون الشرعي