يجلس محافظ ميسان، في جنوبالعراق، علي دواي في مكتبه في العمارة مرتدياً بزة العمل الزرقاء التي منحته شعبية واسعة في أوساط العراقيين جعلته أحد المرشحين لتولي منصب رئيسي في الحكومة المقبلة. وأعلنت كتلة «الأحرار» التابعة للتيار الصدري ترشيح دواي لتولي منصب رئيس الوزراء في المرحلة المقبلة. وعلى رغم اتهام عدد كبير من الناخبين للسياسيين الذين تنافسوا بالفساد، محض أهالي محافظة ميسان محافظهم (47 سنة) ثقة كبيرة انطلاقاً من عمله الدؤوب ومتابعته المشاريع ولقاءاته المتواصلة لإنجاز الخدمات، حتى اصبح بين ابرز المنافسين لتولي منصب رئيس الوزراء. وقال دواي وهو يرتدي بزة عمل زرقاء ويجلس في غرفة متواضعة في مبنى محافظته: «أنجزنا آلاف المشاريع، خصوصاً ما يتعلق بالبنى التحتية، في محافظة ميسان». وأضاف: «قطعنا مشواراً كبيراً خلال السنوات الثلاث الماضية (...) تم إنجاز العديد من المشاريع وركزنا على إعادة بناء ما يتعلق بالخدمات الأساسية للناس». وعلى رغم رفضه التفكير بمنصب رئيس الوزراء، طالب دواي الحكومة المركزية بمواجهة التحديات الرئيسية الثلاثة المتمثلة بالأوضاع الأمنية والخدمات وجمع شمل الطوائف المختلفة. ولد دواي، الذي اعتقل مراراً وحكم عليه بالإعدام إبان نظام صدام حسين، في منطقة المجر الكبير القريبة من مدينة العمارة (305 كلم جنوببغداد) والتي شهدت مقتل أكثر من عشرين عراقياً خلال اشتباكات مع القوات البريطانية عام 2004. وعمل قبل اجتياح القوات الأميركية العراق عام 2003، في معمل للسكر في ميسان، وفاز بعدها بعضوية مجلس المحافظة وتولى رئاسة لجنة مكافحة الفساد فيها. حصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية عام 2008 وبعد انتخابات 2010 اصبح محافظاً في إطار اتفاقية بين التيار الصدري وحزب الدعوة برئاسة نوري المالكي مقابل تلقي الأخير دعم التيار لتولي رئاسة الحكومة. ويعد دواي من المسؤولين القلائل المرشحين لتولي منصب رئاسة الحكومة خلفاً للمالكي، إضافة إلى آخرين بينهم نائب رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ووزير الداخلية السابق بيان باقر صولاغ. إلا أن تورط حراس عبد المهدي بسرقة مصرف حكومي عام 2009 وتوسع نفوذ الميليشيات خلال تولي صولاغ مسؤولية وزارة الداخلية، إضافة إلى ضعف القاعدة الشعبية لكليهما، يجعل دواي في موقع أفضل. وتقول الأحزاب المتنافسة إن دواي استثمر المشاريع التي أقرها أسلافه ويستغل موارد ضخمة لتحسين أوضاع المحافظة. لكن منتقديه يرون أنه ركز على الخدمات والفقراء على حساب الطبقة الوسطى وقطاعي الصحة والتعليم، فضلاً عن موقف تياره المعارض لواشنطن واستخدامه القوة المسلحة ضد القوات الأميركية. ويرى بعض عناصر حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي أن من المستحيل أن يتولى دواي رئاسة الوزراء. وقال نديم السعدي، نائب محافظ ميسان إن «هذا الأمر مستحيل»، مضيفاً: «لدينا اتفاقية استراتيجية مع الولاياتالمتحدة والعديد من المعاهدات معها، كيف ننفذ هذه الاتفاقات إذا أصبح دواي رئيساً للوزراء؟». لكن محافظ ميسان رفض قول معارضيه إنه ركز على الطبقة الفقيرة، مشيراً إلى إنجازات كبيرة في المحافظة بينها تزويد الطاقة الكهربائية الذي يعد الأعلى بين مناطق العراق ونظافة شوارع العمارة والجسور الجديدة ومشاريع البنى التحتية التي تنتشر في عموم المدينة. ويشيد أهالي ميسان بدواي ويؤكدون قدرته على تولي أرفع المناصب. وفي هذا الإطار يقول حسن راضي كاظم، صاحب متجر في إحدى أسواق ميسان: «إنه إنسان نبيل مخلص وصادق... يساعد الناس دائماً». وأضاف إن «علي دواي بنى المناطق الفقيرة (في ميسان) ومتى أصبح رئيساً للوزراء سوف يبني البلاد». وتتميز المحافظة بخصائص عدة تجعل الإنماء فيها أسهل من مناطق أخرى. فعدد سكانها قليل والوضع الأمني فيها أكثر استقراراً. وتستفيد المحافظة مما يصفه المسؤولون المحليون بثلاث موازنات: الأولى مصدرها الموازنة الاتحادية التي تمنح لكل المحافظات، والثانية من المخصصات التكميلية التي تأتي من عائدات النفط المنتج في المحافظة، والثالثة من تعويضات إعادة تأهيل منطقة الأهوار الغنية بالثروة المائية والتي جففها صدام حسين إبان حكمه. ومن المشاريع الجديدة في العمارة مشروع لبناء متحف ومتنزه بكلفة 35 مليون دولار يقول عنه دواي إنه سينافس متنزه الزوراء في بغداد.