يخوض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مفاوضات جديدة مع الكتل الفائزة في انتخابات مجالس 12 محافظة لتعويض خسارته، بعدما فقد المناصب التنفيذية في بغداد والبصرة، ووسط اتهامات متبادلة بين الكتل بخرق الاتفاقات. وعلى رغم إعلان ائتلافي «المواطن» و «الأحرار» في بيان سابق تحالفاً لتشكيل إدارات المحافظات الجديدة، وإعداد برامج ورؤى الحكومات المحلية في المحافظات، والحرص على مبدأ شراكة كل القوى لبناء قاعدة عريضة تساهم في توفير فرص النجاح في المرحلة المقبلة، إلا أن هذا الإعلان اصطدم بما يختزنه الصدريون في الناصرية من «ذكريات سيئة» عن مرشح كتلة «المواطن» لمنصب المحافظ عزيز كاظم علوان، عندما كان في هذا المنصب، ودوره في عمليات «صولة الفرسان» عام 2008 التي أطلقها المالكي، ضد عناصر «جيش المهدي» في جنوب العراق. وعلى هذا الأساس رفضت كتلتا «الأحرار» و «الشراكة الوطنية» التابعتان للصدر إعادة ترشيح علوان مرة أخرى. العلاقة السيئة بين علوان والصدريين لم تكن العائق الوحيد أمام الأول لتولي المنصب. فهناك اعتراض آخر تقدمت به «كتلة الوفاء الوطني»، برئاسة النائب شروان الوائلي، على خلفية شخصية بسبب مناكفات علوان في البرلمان عندما تقدم باستجواب أمين بغداد السابق صابر العيساوي، ما دفع إلى انسحاب «الوفاء الوطني» من التحالف الجديد. ولم تفلح دعوات زعيم التيار مقتدى الصدر أنصاره في الناصرية إلى العفو وفتح صفحة جديدة، وزادت الأمور تعقيداً بعد تقديم أعضاء من «المواطن» اعتراضات على حميد الغزي، مرشح الصدريين إلى رئاسة المجلس. في ظل هذه الأجواء في الناصرية، وأخرى مماثلة في الديوانية، علمت «الحياة» أن «المالكي زج آخر أوراقه التفاوضية فأرسل كبير مفاوضيه الشيخ عبدالحليم الزهيري، أمس، لإجراء تسوية مهما كانت التنازلات لإرضاء أعضاء حزب الدعوة وكذلك لاستمالة ما يمكن من القوائم الصغيرة في الديوانية، وإبداء الاستعداد لإسناد منصب المحافظ إلى هذه الكتل لحرمان «المواطن» و «الأحرار». وأعلن سبعة عشر عضواً فائزاً في الانتخابات المحلية في الديوانية من كتلتي «الأحرار» و «المواطن» تأجيل تشكيل الحكومة المحلية الجديدة بسبب التحالفات التي استجدت في باقي المحافظات. وفي واسط، أعلنت مصادر سياسية مطلعة تغييراً في خريطة التحالفات بين الكتل الفائزة بعد التقارب الجديد بين «الأحرار» و «المواطن» والتفاهمات التي حصلت في التنازل عن بعض المناصب التنفيذية في عدد من المحافظات الجنوبية، ورجحت تقاسمهما السلطتين التنفيذية والتشريعية. وفي النجف نجح المالكي في تشكيل الحكومة المحلية بالتحالف مع كتلة «الوفاء للنجف» بزعامة المحافظ الحالي عدنان الزرفي، ما كلفه التنازل عن منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة الذي ذهب إلى «الدولة العادلة»، والاكتفاء بمركز النائب الأول للمحافظ. وعزا لؤي الياسري، عضو مجلس محافظة النجف عن «دولة القانون» في تصريح إلى «الحياة» أسباب لجوء كتلته إلى التحالف مع قائمة «الوفاء للنجف» إلى «خرق كتلتي الأحرار والمواطن الاتفاق المركزي الذي تبنته قيادات هذه الكتل في بغداد ويقضي بأن يكون منصب المحافظ من حصة المجلس الأعلى ورئاسة المجلس لدولة القانون ومنصب نائب المحافظ للأحرار». وفي ائتلاف مفاجئ مع «المواطن» وتنازلها عن منصب المحافظ مع الشريك الجديد والحصول على رئاسة المجلس المحلي، نسفت «دولة القانون» تحالفاً بين الأول و «البصرة أولاً» سبق أن تقاسمت قواه المؤتلفة المناصب. وأوقع التحالف الجديد خلافات داخل «دولة القانون» فانسحبت كتلتا «بدر» و «الفضيلة» من انتخابات مجلس محافظة البصرة احتجاجاً على توزيع المناصب. أما محافظة العمارة فقد شكلت أول حكومة محلية بالتجديد لمحافظها الحالي علي دواي، من التيار الصدري، مقابل رئاسة المجلس ل «دولة القانون». وكانت النتائج النهائية للانتخابات أظهرت فقدان ائتلاف المالكي 29 مقعداً.