قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم (الخميس)، إنه طلب هو والرئيس الأميركي دونالد ترامب من ديبلوماسيين إعداد مبادرة «ملموسة» في الأسابيع المقبلة في شأن مستقبل سورية. وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك خلال زيارة ترامب لباريس «بالنسبة للموقف في العراق وسورية اتفقنا على مواصلة العمل معاً خصوصاً في ما يتعلق بصياغة خريطة طريق لفترة ما بعد الحرب». وقال ماكرون «طلبنا من ديبلوماسيينا العمل في هذا الاتجاه حتى يتسنى تقديم مبادرة ملموسة في الأسابيع القليلة المقبلة للدول الخمس للتعامل معها»، مشيراً إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. بدوره، قال الرئيس الأميركي إنه بحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز الأمن وحضّ قوات التحالف التي تقاتل تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) على ضمان أن تظل الموصل مدينة محررة. وقال ترامب في مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون «اليوم نواجه تهديدات جديدة من أنظمة مارقة مثل كوريا الشمالية وإيران وسورية ومن الحكومات التي تمولها وتدعمها. نحن نواجه أيضاً تهديدات خطرة من منظمات إرهابية». وأضاف «نجدد عزمنا الوقوف متحدين ضد أعداء الإنسانية هؤلاء وتجريدهم من أراضيهم وأموالهم وشبكاتهم والدعم الفكري الذي يحظون به». وعقب اجتماعه بالرئيس الفرنسي في باريس، قال ترامب إن إدارته ستواصل السعي من أجل اتفاقات تجارية «عادلة قائمة على تبادل المنفعة»، مضيفاً أن المحادثات في شأن اتفاقات مع الصين لا تزال جارية. وكان ماكرون استقبل نظيره الأميركي بمصافحة حارة وابتسامة عريضة في باريس اليوم، على عكس التجهم المتبادل في أول اجتماع بينهما في أيار (مايو) الماضي. وقال ترامب لماكرون في بداية لقائهما في فندق «ديزافاليدا» الواقع داخل مجمع يعود إلى القرن ال 17 «إيمانويل سررت بلقائك. هذا جميل للغاية». وربت ماكرون مرات عدة على ظهر ترامب وعلت الابتسامة على وجهه وهو يصحبه في جولة في المجمع العسكري الواسع الذي دفن فيه نابليون بونابرت ومحاربون آخرون مشهورون. وسيعقد الرئيسان محادثات لمدة ساعة ونصف الساعة قبل العشاء مع زوجتيهما في مطعم في الطابق الثاني من برج إيفل. وبعد بداية شائكة للعلاقات بينهما، يجد كل منهما الآن ما يدعوه إلى تحسين العلاقة... فماكرون يأمل في النهوض بدور فرنسا في الشؤون العالمية، وترامب الذي يبدو معزولاً بين زعماء العالم يحتاج إلى صديق في الخارج. ويأتي ترامب إلى فرنسا في وقت تعلو فيه نبرة الحديث عن تدخل روسي في الانتخابات الأميركية في العام 2016. وتوحي رسائل بالبريد الإلكتروني نشرت الثلثاء الماضي أن ابن ترامب الأكبر رحب بمساعدة من روسيا للفوز على منافسة أبيه الديموقراطية هيلاري كلينتون. وبعد أسابيع من استقبال ماكرون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قصر فرساي، سيحضر ترامب غداً عرضاً عسكرياً في ذكرى «يوم الباستيل» وأيضاً الاحتفالات بمرور 100 عام على دخول القوات الأميركية الحرب العالمية الأولى. وبالنسبة إلى ماكرون، الذي يبلغ من العمر 39 عاماً وهو أصغر زعيم فرنسي منذ نابليون قبل 200 عام، تمثل الزيارة فرصة لاستخدام الديبلوماسية الناعمة للفوز بثقة ترامب والسعي إلى التأثير في السياسة الخارجية الأميركية التي يقول زعماء أوروبيون إنها تفتقر للرؤية. ويرى ماكرون أن عزل الولاياتالمتحدة على الساحة العالمية غير بناء ومن المنتظر حدوث تقدم في نهج البلدين لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن. لكن من المستبعد حدوث انفراجة في قضايا أكثر تعقيداً ومنها رفض ترامب اتفاق باريس للمناخ وسياسته «أميركا أولاً». وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية كريستوف كاستانيه لتلفزيون «بي أف أم» إن «ما يريد إيمانويل ماكرون أن يفعله هو إعادة ترامب إلى الدائرة بحيث لا تستبعد الولاياتالمتحدة التي لا تزال القوة العظمى في العالم». * الشرق الأوسط وأفريقيا يأتي الاحتفال بذكرى «يوم الباستيل» في 14 تموز (يوليو) بعد مرور عام على هجوم شنه رجل تونسي مؤيد لتنظيم «الدولة الإسلامية» بشاحنة على مجموعة من المحتفلين في مدينة نيس ما أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصاً. وكان ترامب قال خلال حملته الانتخابية إن موجة هجمات المتشددين تظهر أن «فرنسا لم تعد فرنسا» وحضّ الفرنسيين على انتهاج موقف صارم إزاء الهجرة والمتشددين. وقال مسؤول الإليزيه إن الرمزية في عشاء برج إيفل واضحة وهي أن «باريس لا تزال باريس». وسيبحث الرئيسان الحرب في سورية حيث يدافع تنظيم «الدولة الإسلامية» عن الرقة آخر معاقله الحضرية الرئيسة وسيبحثان أيضاً مكافحة الإرهاب. وتابع: «قال ماكرون من قبل إن العمل العسكري غير كاف وإن علينا أن نخطط للتنمية والاستقرار». وإلى جانب سورية والشرق الأوسط قال مسؤول الإليزيه، إن ماكرون سيحاول أيضاً إقناع ترامب بالمساهمة بصورة أكبر في تمويل قوة عسكرية جديدة من دول غرب أفريقيا لقتال المتشددين في منطقة الساحل التي تريد فرنسا إنهاء وجودها العسكري فيها. وباستقبال ترامب في باريس يتفوق ماكرون على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي. إذ لاقت دعوة تلقاها ترامب من الحكومة البريطانية لزيارة لندن انتقادات شديدة وتحذيرات بأنه قد يلقى احتجاجات عارمة في المملكة المتحدة. وأظهر استطلاع لمؤسسة «إيلاب» أن 59 في المئة من الشعب الفرنسي يوافقون على قرار ماكرون دعوة ترامب لزيارة البلاد.