أعلنت القيادة العسكرية العراقية أمس، السيطرة الكاملة على مدينة الموصل القديمة، فيما أخّرت خلايا انتحارية تابعة لتنظيم «داعش» لا تزال تقاوم بعد محاصرتها على ضفة نهر دجلة، الإعلانَ الرسمي عن نهاية معركة الموصل. وانتشرت مظاهر احتفال القوات العراقية بتحرير المدينة على رغم أن كثيرين من نحو مليون شخص نزحوا من المدينة بسبب القتال ليسوا في وضع يسمح لهم بالاحتفال. وأعلن المتحدث باسم القيادة العميد يحيى رسول، في وسائل الإعلام الرسمية أن القوات العراقية «تسيطر على المدينة القديمة في الموصل، وأنها أحبطت محاولة إرهابيي داعش الهروب من المدينة القديمة عبر نهر دجلة». لكن رسول عاد وأكد في بيان استمرار المعارك في منطقتي الميدان والقليعات اللتين يحاصرهما جهاز مكافحة الإرهاب، وأيضاً منطقة الشهوان التي تحاصرها قوات الجيش، مشيراً إلى أن «وصول القوات إلى ضفة نهر دجلة الغربية سيعني اكتمال المهمة». ونقل شهود عيان ووسائل إعلام عراقية تأكيدات بوجود عشرات من عناصر التنظيم مع أسرهم في منطقة محدودة بالقرب من نهر دجلة، وأن بعضهم حاول الهروب في زوارق عبر النهر، فيما شرع آخرون في تنفيذ عمليات انتحارية ضد القوات المقتربة. وأكد الشهود أن بقية مناطق الموصل القديمة وأزقتها تبدو خالية تماماً من السكان، ويتم تمشيطها على يد القوات العراقية. وقالت خلية «الإعلام الحربي» التابعة لقيادة العمليات أمس، إن «35 إرهابياً قتلوا وأُلقي القبض على ستة آخرين حاولوا التسلل من الساحل الأيمن (الغربي) إلى الأيسر (الشرقي) بعد هروبهم من المدينة القديمة». كما أكدت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية العثور على معمل لصناعة العبوات والتفخيخ في الجانب الأيسر من الموصل. وأكدت مصادر عسكرية عراقية أن الإعلان النهائي عن تحرير الموصل لا يعني انتهاء العمليات القتالية التي بدأت قبل شهور، لكنه يعني انتهاء هذه المرحلة المهمة من المعركة، متوقعين أن تكون المرحلة الأخيرة للتخلص من «داعش» هي طرده من المناطق التي تشكل معقلاً للتنظيم في محافظة نينوى، مثل قضاء تلعفر إلى الغرب من الموصل، وصولاً إلى الحدود العراقية- السورية التي وصلتها قوات من «الحشد الشعبي» قبل أسابيع. وقال ضابط كبير في الجيش العراقي بالموصل ل «الحياة»، إن تحديد جهة المعركة المقبلة بعد الموصل أمرٌ في يد رئيس الوزراء حيدر العبادي، وحتى الآن لم تُحدَّد الوجهة المقبلة، «لكن على الأرجح ستكون بلدة تلعفر، التي تُعتبر أكبر مساحة من الموصل ويتجمع فيها كبار قادة التنظيم». وتخضع تلعفر لحسابات سياسية معقدة، إذ ترفض تركيا مشاركة قوات «الحشد الشعبي» الشيعية في استعادتها، وتهدد بإرسال قواتها إلى هناك إذا تدخل «الحشد»، وذلك لوجود قومية تركمانية كبيرة في المدينة. من جانبه، أعلن مبعوث «التحالف الدولي» إلى العراق بريت ماكغورك، في مؤتمر صحافي أمس، أن «الأسبوع المقبل سيشهد مؤتمراً للتحالف الدولي لمناقشة المرحلة المقبلة بعد هزيمة داعش في الموصل». وأضاف أن «الإعلان عن تحرير الموصل من اختصاص الحكومة العراقية. والتفكير في تحرير تلعفر خطوة مهمة، ونحن مستعدون لمساعدة العراق في تحرير أراضيه، بما فيها تلعفر. لكن القيادة العسكرية العراقية هي التي لها القرار في دعوة التحالف إلى المشاركة». وأضاف: «لا نستطيع مقاتلة داعش بالصواريخ، وقد يستغرق قتال التنظيم بعض الوقت، وحكومة العراق تحاول تأمين حدودها السيادية، ونحن نعمل على مساعدة العراق في تأمين حدوده».