على رغم تجنب مجلس الوزراء البت بها بسبب الانقسام الحاصل حولها، لا تزال أزمة النازحين السوريين التي يواجهها لبنان تحتل صدارة الملفات السياسية. وفي هذا الإطار التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وزير الثقافة غطاس خوري موفداً من رئيس الحكومة سعد الحريري، في حضور وزير الإعلام ملحم الرياشي. عقب اللقاء، قال خوري: «أجرينا جولة أفق حول المواضيع المطروحة ولاسيما السياسية منها، وسوف أنقل وجهة نظر الدكتور جعجع الى الرئيس الحريري باعتبار أن هناك مواضيع شائكة في الوقت الراهن منها قضية النزوح السوري والأزمة الاقتصادية - الاجتماعية، اضافة الى كيفية تطبيق قانون الانتخاب الجديد وما سوف تؤول إليه الأمور والتحالفات السياسية». وشدد خوري على «أننا في تنسيق مباشر ودائم بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية ونريد الحفاظ على هذه العلاقة المميزة لما فيه خير لبنان ومصلحته». وعن موقف السفير السوري في لبنان من عودة النازحين، أجاب خوري: «كان هناك رد من الوزير جمال الجراح باسم تيار المستقبل في هذا السياق، وأعتقد أن الرئيس الحريري أيضًا سوف يعطي إشارة واضحة بأننا لا يمكننا أن نسلم الجلاد ضحيته». وأمل وزير الدولة لشؤون التخطيط، ميشال فرعون، بأن «ننتهي من مومضوع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم في وقت قريب، من دون شروط تعجيزيّة»، مشيراً إلى أنّ «الكلام أنّ لا عودة من دون حوار مسبق مع النظام السوري، هو كلام غير مناسب وغير مقبول ومعيب، وغير لائق لكلّ التضحيات الّتي يدفعها لبنان، الّذي لم يضع شروطاً مسبقة ولا يقبل بشروط مسبقة». واعتبر «حزب الوطنيين الأحرار» ان العملية الاستباقية التي نفذها الجيش اللبناني أخيراً كشفت ان مخيمات النازحين السوريين يمكن ان تشكل بيئة حاضنة للمنظمات الإرهابية لذا يجب التعاطي الجدي مع موضوع النزوح المستمر والذي تخطى عتبة المليون ونصف المليون نازح بما يفوق قدرات لبنان على الاستيعاب»، داعياً الى «التنسيق بين الحكومة السورية والمفوضية العليا للاجئين وبقية الأجهزة الأممية المختصة لتسهيل عودة النازحين الى الأمكنة الآمنة في سورية وإبعاد هذا الملف عن التجاذبات السياسية خصوصاً من قبل حلفاء النظام السوري الذين لا يهتمون الا لدعمه والترويج له ضاربين عرض الحائط بالمصلحة اللبنانية العليا». وفي المقابل قال نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «النازحون السوريون في لبنان يعيشون المشاكل والتعقيدات الكثيرة، ولا يظنن أحد أن النازحين يعيشون حياة طبيعية في لبنان أبدًا، لأن العيش في المخيمات ومع الفقر والعيش مع المساعدات التي تأتي من هنا وهناك لا يمكن أن تجعل الإنسان مستقراً ولا يكون مطمئناً ولا تكون البيئة مساعدة له، فضلاً عن الإشكالات التي تنشأ من اختلاط مجتمعين لهما متطلبات مختلفة ولهما آراء مختلفة في بعض الأحيان، وأيضًا ضمن وضع اقتصادي صعب ووضع أمني يتطلب الدقة، هذا يعني أن مشكلة النزوح هي مشكلة للسوريين وللبنانيين في آن». وأضاف: «نحن طالبنا بأن تنسق الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية من أجل تنظيم إعادة من يرغب من النازحين السوريين إلى الأماكن الآمنة في داخل سورية، وإذ ببعض الأصوات ترفض وتعترض وتعتبر أن هذه جريمة وأن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل! ولنكن واضحين: الذي يمنع عودة النازحين السوريين من لبنان إلى سورية هو أميركا والاتحاد الأوروبي، وقد سمعت من مسؤول أوروبي رفيع أنه قال: «إن عودة النازحين السوريين إلى بلدهم تعني أن نظام الرئيس بشار الأسد نظام يستطيع أن يدير دولة وأن يحمي الأمن وأن يستقبل هؤلاء ليعيشوا ضمن رعايته»، وهم يريدون القول إن هذا النظام لا يمكن أن يعيش فيه أحد، والنزوح في لبنان أحد أشكال إعطاء الدلالة على عدم قدرة النظام السوري على أن يحمي مواطنيه، فقرار عدم عودة النازحين ليس عدم قدرتهم إنما هو قرار أميركي ومن الاتحاد الأوروبي أيضًا»، وسأل: «كيف تفسرون لنا أن المفوضية العليا للاجئين في الأممالمتحدة تذكر، في بيان قبل أسبوع تقريبًا، أنها أحصت عودة 500 ألف نازح سوري إلى أماكن سكنهم الأصلية، 10 في المئة منهم من خارج سورية والباقون من مدن وقرى داخلها نزحوا إليها ثم عادوا إلى قراهم، فعندما يعود هذا العدد إلى الأماكن التي نزحوا منها يمكن إعادة مليون أو مليونين وخصوصًا مع الإنجازات التي حققها النظام السوري». وشدد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله على «ضرورة معالجة ملف النازحين السوريين كقضية وطنية ضاغطة من خلال التواصل مع الحكومة السورية واحترام النازحين وعدم استغلالهم من قبل أي جهة»، مطالباً بإخراج هذا الملف من البازار السياسي ومحاولات الابتزاز والاستفادة السياسية على حسابهم.