أبدت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر تراجعاً لافتاً في مواقفها ضمنته في بيان رسمي صدر عنها أول من أمس وتحدث مطولاً عن علاقة الشعب بالدولة ومؤسساتها، ودعا صراحة إلى أن «يحكم الشعب نفسه بنفسه عن طريق نوابه، ويختار حاكمه وبرلمانه بحرية ونزاهة كاملة». ولم يأت البيان على ذكر مطلب عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، ولا التمسك ب «الشرعية» التي دأبت الجماعة على المطالبة بعودتها. (للمزيد) وأصدرت الجماعة بيانها اللافت وسط حديث عن تشكيل تحالف بديل ل «تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي بقيادة «الإخوان»، وفي ظل إعلان قوى مرتبطة بالجماعة 10 مبادئ في مؤتمر في بروكسيل لم تكن بينها مطالبة بعودة مرسي إلى الحكم. بل كان لافتاً أن تضمنت حضاً على «المشاركة»، ما اعتبر «توطئة» لإمكان خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وكان المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي الذي يُنظر إليه على أنه الأوفر حظا للفوز في انتخابات الرئاسة، تعهد عدم السماح ل «الإخوان» بالمشاركة في الحياة السياسية خلال فترة ولايته. وقالت الجماعة في بيانها إن «الأنظمة الديكتاتورية تتهم جماعة الإخوان بأنها تعمل على تعطيل مؤسسات الدولة وتعطيل الدستور، وذلك بهدف تشويه صورتها، ووضعها تحت طائلة القانون وتوقيع العقوبات المغلظة عليها». وكان لافتاً أن تحدثت الجماعة عن الدستور، رغم عدم اعترافها بالدستور الذي أقر في استفتاء قبل شهور، واعتبارها أنه دستور وضعته «سلطة انقلاب». وتحدث البيان بلهجة تصالحية، قائلاً: «رغم المظالم الفادحة التي تعرضت وتتعرض لها الجماعة فإنها ستظل تخاطب الناس بالحكمة وبالتي هي أحسن حتى تتضح الحقيقة». وأضاف: «كي تتحدد العلاقات بين المؤسسات بعضها بعضاً وبين الحكومة والشعب، فإن الشعب يمنح نفسه دستوراً يعبر فيه عن هويته وثقافته ورؤيته وحقوقه، ونظام الحكم الذي يريده... في ضوء هذه المبادئ التي تتفق مع الإسلام وشريعته نصاً وروحاً، تؤمن جماعة الإخوان بأن الالتزام بها واجب شرعي، وأنها السبيل إلى تحقيق الاستقرار والأمن والعدل والولاء وتحقق التقدم والنهضة». لكن الجماعة هاجمت الجيش بضراوة حين أعربت عن أسفها لأن «واقعنا منذ أكثر من ستين عاماً يهدد كل هذه المبادئ والقيم ويسير عكس اتجاهها، فمؤسسة الجيش استولت على الحكم منذ العام 1952، وجعلت من نفسها السيد فوق الشعب وزورت الانتخابات والاستفتاءات كافة، وهيمنت على المؤسسات الأخرى كافة». وأشارت إلى أنها «تسعى إلى تصحيح الأوضاع المنقلبة، بأن يعود الشعب هو السيد وهو مالك الدولة ومؤسساتها». واعتبر الخبير السياسي عمرو هاشم ربيع البيان «توطئة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة». وقال ل «الحياة» إن «الجماعة تسعى إلى تحسين صورتها في الداخل والخارج»، لافتاً إلى أن «لغة البيان وحديثه عن البرلمان وحكم الشعب من خلال نوابه تؤكد أن الجماعة تبحث عن طريق للعودة إلى الحياة السياسية، خصوصاً بعدما أيقنت أن خريطة الطريق ماضية». لكن الناطق باسم «الجماعة الإسلامية» محمد حسان قال ل «الحياة»: «لا اعتقد أن الأمر كذلك... هناك وجهة نظر يحاول الانقلاب أن يطرحها وهي أن الإخوان وحلفاءهم يسعون إلى هدم الدولة ومؤسساتها، وجاء البيان لدحض هذا الإدعاء». وأضاف: «لا الإخوان ولا نحن سنشارك في الانتخابات البرلمانية، فبعيداً من شرعيتها، لا ضمانة لنزاهتها. لا أحد سيشارك في عملية ديكورية». . وأكد ردا على ما إذا كان هناك اتفاق بين كل مكونات التحالف على هذا الرأي: «لو فرض أن هناك وجهة نظر بهذا الشكل (المشاركة في انتخابات البرلمان) داخل جماعة الإخوان، فهذا انتحار سياسي... وجهة النظر الغالبة هي المقاطعة، وهذا الرأي ترسخ بعد الاستفتاء وانتخابات الرئاسة». وعلمت «الحياة» أن بيان «الإخوان» ومن قبله إعلان بروكسل أثارا حفيظة وريبة قيادات كبيرة في «تحالف دعم الشرعية» استشعرت أن الجماعة قد تُقدم على تقديم تنازلات طالما رفضها التحالف، وهو أمر استلزم توضيحاً من الجماعة، لكنه لم يأت على نفس قدر البيان الرسمي، إذ اكتفت بتصريح صحافي لمسؤول فيها قال إن بيان الجماعة عن مؤسسات الدولة «جاء رداً على الشبهات الظالمة التي تثار حول الجماعة... وتضمن تأكيد موقف الجماعة من قضايا عدة لا تراجع فيها، ومنها عدم المشاركة في بناء المؤسسات إلا على أسس سليمة». وأكد أنه «لا مشاركة في أي استحقاق، إلا على أساس دستوري وقانوني سليم».