أسف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري «لأننا عن قصد أو غير قصد هناك مزايدات من نوع جديد، تستخدم مأساة إخواننا النازحين السوريين، لتحقيق نقاط سياسية رخيصة، من دون التنبّه إلى أنّها تهدد الاستقرار، عبر محاولة توريط الحكومة اللبنانية بالاتصال بالنظام المسؤول أساساً عن مأساة النازحين، لا بل عن مأساة كل السوريين». ولفت الحريري في كلمة ألقاها مساء أمس، أمام خريجي جامعة بيروت العربية إلى أن «هذه الضغوط تشكل: «أولاً، خروجاً مرفوضاً على قواعد النأي بالنّفس التي توافقنا عليها ولا وظيفة لها إلا تقديم خدمات سياسية وأمنية مجّانيّة لنظام الأسد. ثانياً، حكومة النظام في سورية هي طرف أساسي في تهجير مئات آلاف المواطنين السوريين إلى الأراضي اللبنانية. فكيف يمكن لهذا الأمر أن يؤهلها للبحث بإعادتهم وحمايتهم؟ إلا إذا كان المقصود بتنظيم عودة النازحين هو تنظيم تسليمهم لمعسكرات اعتقال النظام. ثالثاً، الذين يحملون دعوة التواصل مع النظام، هم حلفاء له، ويقاتلون معه داخل الأراضي السوريّة، وبعضهم يتبجح بأنهم عكسوا المعادلة غير المأسوف عليها في لبنان وأصبحوا جزءاً من الوصاية على النظام في سورية. فليضغطوا على النظام لتسهيل إقامة مناطق آمنة على الجانب السوري من الحدود، ومخيّمات بإشراف الأمم المتّحدة تستوعب النازحين العائدين من لبنان، بدل الدعوة إلى توريط الحكومة اللبنانية باتصالات نتيجتها فتح باب جديد لابتزاز لبنان من دون أي معالجة حقيقية لتداعيات النزوح؟ أو أنهم يتقنون فقط المزايدة على بلدكم، وحكومة بلدكم وأهل بلدكم؟. رابعاً: نحن كدولة لبنانية، مهمتنا الأساسية هي مواجهة تداعيات النزوح على أهلنا وبلدنا اجتماعياً واقتصادياً، ومكافحة أي محاولة لاستخدامه وسيلة لنقل الإرهاب إلى لبنان. هذه المهمة تفترض حماية قواعد الاستقرار السياسي، والابتعاد عن أي أفكار تثير البلبلة وتنقل المسائل الخلافية المعروفة إلى طاولة مجلس الوزراء. خامساً، نحن نحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته بالمساهمة بمواجهة أعباء النزوح على لبنان، وليست لدينا أي مصلحة بأن نوجه للمجتمع الدولي رسالة سلبية مفادها أن لبنان قد تخلّى عن المسار الذي اختاره بالتنسيق مع الأممالمتحدة والهيئات الدولية، واستبدله بمسار مجهول النتائج مع الحكومة السورية، أي الحكومة نفسها التي يحملها المجتمع الدولي مسؤولية مباشرة عن أزمة النزوح». وإذ اعتبر الحريري أن «المسؤولية الوطنية والإنسانية والأخلاقية تفرض على الحكومة اللبنانية سلوك خيارات مضمونة، تحمي الصيغة التي توافق عليها اللبنانيون تحت سقف الشرعية الدولية، وليس تحت سقف الحروب والأنظمة والانهيارات»، أكد «أننا لن ندفع بالنازحين إلى مصير مجهول، ولكن في الوقت ذاته، لن نتهاون مع أي محاولة لجعل أماكن النزوح بيئة حاضنة للإرهاب والتطرّف. والحقيقة أنه في هذا المجال، الأشقّاء النازحون هم شركاء معنا بمكافحة الإرهاب وكشف أوكار التنظيمات التي تستهدفهم وتستهدف لبنان». وأشار إلى أن «الجيش اللبناني، وكل القوى الأمنية الشرعية تعمل بهذه الروحيّة، ومسؤوليتها توفير السلامة والأمان لكل المقيمين في لبنان، وملاحقة أي شخص، من أي جنسية، ينتمي إلى التنظيمات الإرهابية ويشارك باستهداف أمن لبنان». وانتقد وزير الاتصالات عضو كتلة «المستقبل» النيابية جمال الجراح ب «قوة، الأسلوب الذي أطل به السفير السوري علي عبدالكريم علي على اللبنانيين وحكومة لبنان» (مقابلة صحافية نشرت أمس)، معتبراً أنها «صورة طبق الأصل عن أساليب زمن الوصاية، الذي صار من بقايا مرحلة لا مجال للعودة اليها تحت أي ظرف من الظروف، ومهما ابتدع، هو وقيادته ونظامه المجرم، من وسائل التطاول على لبنان وحكومته ورئيسها». ورأى «أن كلام السفير علي سببٌ موجب وإضافي لإغلاق كل الأبواب في وجه الدعوات القائمة الى فتح حوار مع النظام السوري، وهو كلام يطلب صراحة من الدولة اللبنانية، أن تتحول الى مخبر أمني عند النظام، وتسلم عناصر المعارضة السورية». وقال: «هذا السفير يتهرب من واقع يحمل العالم تبعاته على كل صعيد، واقع هو المسؤول الأول والرئيسي عن تهجير السوريين الى الدول المحيطة، وأن عملياته العسكرية التي يخوضها مع حلفائه، جريمة مستمرة منذ سنوات، دفعت قسراً بمئات آلاف السوريين الى ترك مدنهم وقراهم». وأشار الى أن «لبنان يتحمل مسؤولياته في مواجهة الإرهاب، ولا يحتاج الى دروس من نظام يتشارك مع التنظيمات الإرهابية في تهجير الشعب السوري وقتله». واعتبر «أن سفير بشار الأسد يتعامل مع النازحين باعتبارهم من جنسيات غير الجنسية السورية، بل يتعامل معهم بصفتهم مطلوبين للمخابرات السورية، وهي مهمة لن يقوم بها لبنان، ولن تتولاها حكومة على رأسها الرئيس سعد الحريري». وأسف النائب بطرس حرب لأن «الحكومة لم تتمكن في جلستها أول من أمس، من اتخاذ موقف موحد تجاه قضية بخطورة قضية النازحين السوريين، بالنظر الى أهمية هذا الموضوع وانعكاساته على الوضعين الأمني والسياسي في لبنان، لا سيما في ضوء الأحداث التي تشهدها مخيمات النازحين السوريين، وعلى رغم كل الجهود الجبارة والمشكورة التي يبذلها الجيش والقوى الأمنية اللبنانية وما ينجم عنها من إصابات من سقوط شهداء وإصابات في صفوف العسكريين». ونبه الى أن الأمر «يلقي على عاتق الحكومة كل المسؤوليات عن أحداث قد تحصل في المستقبل». وشدد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية فادي كرم على «العودة الآمنة للنازحين السوريين»، محملاً المنظمات الدولية «مسؤولية القيام بهذه الخطوة»، موضحاً أن «الجيش يعمل على ضبط الوضع وتنظيم هذا الوجود وخصوصاً أن الحكومة السابقة لم تقم بدورها على هذا الصعيد». وعما يقال عن وساطة قد يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بتكليف من رئيس الجمهورية في شأن عودة النازحين السوريين الى أراضيهم، أثنى كرم على دور اللواء إبراهيم وننتظر توضيحاً من جانب الحكومة حول هذا الدور».