رجحت قوات الأمن العراقية أمس إعلان النصر النهائي في الموصل «خلال أيام»، وواصلت تطهير المناطق الباقية من المسلحين وملاحقة عناصر «داعش» والذين قدرت عددهم بالمئات «غالبيتهم أجانب». واستعادت القوات أول من أمس جامع النوري الكبير الذي شهد الظهور العلني الوحيد لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، في خطوة اعتبرها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي «انتهاء دويلة الباطل الداعشية». وقال الفريق رائد جودت، قائد» الشرطة الاتحادية» في بيان أمس، إن «قواتنا استكملت تطهير مواقع ومستشفيات في المدينة القديمة أيمن الموصل». وأضاف أن «وحدات من الشرطة الاتحادية فرضت سيطرتها الكاملة على كنيسة الساعة وجامع عمر الأسود وجامع الكرار وجنوب حي السرجخانة»، وزاد أن «قطعات الرد السريع تواصل تطهير المستشفى الجمهوري ومستشفى البتول ومبنى القاصرين ودار الأيتام ومبنى الطوارئ ومبنى طب الأسنان ودار الأطباء في حي الشفاء من مخلفات الدواعش». وكان قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبدالغني الأسدي، أفاد بأن «النصر النهائي على تنظيم داعش في الموصل سيعلن خلال الأيام القليلة المقبلة». وأوضح أن «العدد المتبقي من عناصر الإرهابيين يراوح بين 200 و300، معظمهم من الأجانب». وأعلن الناطق باسم العمليات المشتركة العميد يحيى رسول أن «رئيس الوزراء قائد القوات المسلحة حيدر العبادي سيعلن بيان النصر قريباً جداً»، ودعا العراقيين إلى «التحضير للاحتفالات». وفر عشرات المدنيين في اتجاه القوات العراقية ومعظمهم من النساء والأطفال وأصابت نيران المتشددين بعضهم وهم يعانون العطش والتعب. وأعلن قادة جهاز مكافحة الإرهاب أن المعارك المقبلة ستكون صعبة لأن معظم المتشددين أجانب ويتوقع أن يحاربوا حتى الموت. وهم يختبئون بين المدنيين ويستخدمونهم كدروع بشرية. وقال اللواء معن السعدي، من جهاز مكافحة الإرهاب، إن السيطرة على معقل الإرهابيين المطل على نهر دجلة ويدافع عنه نحو 200 مقاتل سيستغرق ما بين أربعة وخمسة أيام. وأضاف أن الزحف مستمر حتى منطقة الميدان و «السيطرة عليها تعني وصولنا إلى دجلة وبذلك نكون قد قسمنا المدينة القديمة قسمين، الجزء الجنوبي والجزء الشمالي وأحكمنا السيطرة على النهر». وقال بعض من استطاع الهرب إن الموقع الذي يسيطر عليه الإرهابيون عرضه عدة مئات من الأمتار وفيه عشرات الآلاف من المدنيين محاصرين في ظروف سيئة فلا يتوافر لهم إلا القليل من الطعام والماء والدواء ولا يمكنهم الحصول على الخدمات الصحية. وتدفق من فروا أمس عبر الأزقة قرب جامع النوري الكبير، فيما كانت سحب الدخان تتصاعد فوق المناطق المطلة على النهر وسط دوي المدفعية والرصاص. وقال السعدي إن «قوات غربية من التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة تساعد في تنسيق استخدام المدفعية مع المراقبة الجوية». وطغت معاناة عشرات الآلاف الذين دمرت حياتهم بعد أن فقدوا أقاربهم ومنازلهم أو أعمالهم، على مشاعر الانتصار. وقال محمود، وهو سائق سيارة أجرة في الجانب الشرقي من الموصل الذي استعادته القوات في الأيام المئة الأولى من الحملة: «أسمع خطب النصر في الإذاعة لكنني لا أستطيع مقاومة الشعور بالحزن حين أرى ناساً بلا منازل وآخرين يفرون مع أطفالهم تحت حرارة الشمس الحارقة». إلى ذلك، هنأ المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني العراقيين أمس بالنصر على «داعش». وقال ممثل المرجع في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة إن «صاحب الفضل الأول والأخير في هذه الملحمة الكبرى التي مضى عليها إلى اليوم 3 أعوام هم المقاتلون الشجعان بمختلف صنوفهم ومسمياتهم من مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية وقوات الجيش والقوة الجوية وطيران الجيش وفصائل المتطوعين الغيارى وأبناء العشائر الأصيلة ومن ورائهم أسرهم في مواكب الدعم اللوجستي». وأضاف: «أنهم هم أصحاب هذه الملحمة العظيمة التي سطروها بدمائهم الزكية وهم الأحق من الآخرين أياً كانوا، برفع راية النصر النهائي عند إنجازه قريباً بعد تحرير بقية المناطق التي ما زالت تحت سيطرة عصابات داعش الإجرامية». ولفت إلى أن «الأعوام الثلاثة الماضية أثبتت أصالة الشعب العراقي واستعداده العالي للتضحية والفداء في سبيل كرامته وعزته متى ما دعت الحاجة إلى ذلك، فلديه رصيد من الرجال الأشداء والنساء الغيورات يمكنونه من دفع المصاعب والأزمات التي تعصف بالبلاد، وعلى الجميع أن يقف إلى جانبه لتحقيق ما يصبو ويسعى إليه من مستقبل ينعم فيه بالأمن والرخاء والتقدم والازدهار». وشدد الكربلائي على ضرورة «تحقيق التعايش الاجتماعي كضمان للابتعاد عن أي صراع طائفي أو مذهبي، ولحفظ المجتمع من الصراع وتحقيق التعايش مع الآخر الذي يختلف بالمذهب والدين وحفظ سلمية التعايش والمجتمع من أخطار العنف الذي يؤدي إلى سفك الدماء وهتك المحرمات».