يستغل عبد الستار شاهجهان، البائع في محل مواد غذائية، أوراق علب التبغ لتسجيل ديون زبائنه، مخصصاً لكل واحد منهم، ورقة تحمل اسمه والمواد التي اشتراها، والتاريخ واليوم. ويقفل ورقة الحساب في آخر الشهر، إذ ينتظر من زبائنه الوفاء بديونهم، التي لا تتعدى مئات الريالات على كل واحد منهم. لكنها إذا جمعت كونت مبلغاً كبيراً، لا يستمر عمل المحل من دونه. وعلى رغم تطور نقاط البيع، وانتشار مراكز التسوق الكبرى، وتفعيل الدفع من طريق بطاقة الصراف الآلي، أو «الفيزا»، وانقراض «دفاتر البيع» المتعامل بها في البقالات الصغيرة، وبخاصة في القرى، إلا أن محالاً في وسط أحياء الدمام، ما زالت تتعامل ب «الدفتر»، من خلال فتح حساب لكل زبون. وساهم «الدفتر» في مساعدة أرباب العوائل على تلبية حاجات أسرهم. فالوضع المادي لكثير منهم لا يسمح بدفع المال مباشرة، ما أدى إلى شيوع ثقافة «فتح حساب في دفتر»، التي بدأت تنحسر تدريجياً مع التحسن المادي، إضافة إلى رفض المحال الكبرى التعامل بهذه الطريقة. وانتقلت العدوى إلى أصحاب البقالات الصغيرة، مفضلين الدفع الفوري. وينسحب الأمر على نوعية الزبائن، فليس كل من يدخل البقالة مرشحاً ليكون «زبوناً دفترياً»، وإن كانت الشروط غير مكتوبة، ولكنها معروفة لدى البائع والمشتري، وأبسطها «أن يكون الزبون من ساكني الحي، وقريباً من البقالة، وموظفاً يستطيع تسديد ما عليه من ديون في آخر الشهر، وليس شاباً لا وظيفة له، أو طفلاً لا يعرف من هي عائلته»، كما يقول شاهجهان، الذي يستدرك أنه «في حال كانت أسرته معروفة؛ يستطيع أخذ حاجات المنزل، بشرط ألا تشمل الحلويات وألعاب الأطفال». ويرفض البائعون إدراج ساكن الحي في الدفتر، «قبل ان تمضي فترة على سكنه». وتبدو العملية بسيطة ومريحة للطرفين، وبخاصة إذا التزم الزبائن بدفع ما عليهم من ديون. بيد ان شاهجهان خسر من جراء تسجيل الحساب على أوراق علب التبغ، نحو 35 ألف ريال، في الأشهر الماضية. ويوضح ان «بعض الزبائن يستمر في دفع ما عليه في آخر الشهر، وبعد مرور أشهر عدة على هذا الوضع، يبدأ في المماطلة، ويتأخر شهرين أو ثلاثة عن الدفع، على رغم استمراره في أخذ حاجاته، ونتفاجأ بعد ذلك بانقطاعه، ونكتشف أنه ترك المدينة إلى أخرى». ويحاول شاهجهان، أن يحدد نسبة لزبائنه الذين يدفعون في مقابل من لا يدفع، «20 من كل مئة زبون لا يدفعون مستحقاتهم». ويؤدي ذلك إلى أن «أدفع من جيبي لمالك البقالة»، مضيفاً «أدفع بالتقسيط ما لم يدفعه الزبائن، أو سأتعرض للسجن، بتهمة أنني مَن اختلس المال. وفي الوقت ذاته لا يمكنني إجبار الزبائن على الدفع الفوري، فسأخسرهم». وخسارته هذه لا تقارن في «مَن يطلب بطاقة شحن مُسبقة الدفع للموبايل، وبمجرد أن يمسكها بيده، يهرب من البقالة إلى سيارته، من غير أن يدفع».