أعادت مزارع الباحة والمندق التي تزينت هذه الأيام بزهور اللوز ذات اللون الأبيض للأذهان تلك الأيام التي كان يعيشها الأهالي في مزارعهم، عندما كانت شجرة اللوز من أهم الأشجار التي يعتمد عليها الأهالي اقتصادياً ضمن منتوجاتهم المتنوعة، إذ كانت تنتشر أشجار اللوز البلدي في قرى غامد وزهران التي عرفت بإنتاجها الوفير. وكانت الباحة تحوي الكثير من مزارع اللوز سابقاً، ومع مرور الأعوام وهجرة الأهالي إلى القرى كادت تندثر بعد أن كانت تغطي مساحات كبيرة من المزارع، بينما بدأت العودة التدريجية لزراعة أشجار اللوز في الآونة الأخيرة، لما تمثله من قيمة اقتصادية كبيرة للمزارع، إضافة إلى قلة استنزافها للمياه. ويوضح مدير الإدارة العامة للشؤون الزراعية بمنطقة الباحة المهندس سعيد جارالله ل «الحياة» أن الشؤون الزراعية أولت أشجار اللوز هذا العام أهمية بالغة، كونها من مقومات الزراعة في المنطقة ومن أهم المنتجات على رغم أنها تناقصت الأعوام الماضية كثيراً، لأن الزراعة غير جاذبة للعمل مقارنة بالأعمال الأخرى. ويفيد المهندس جارالله بأن الشؤون الزراعية في الباحة تتعاون مع المزارعين كافة، إذ تم هذا العام توزيع حوالى خمسة الآف شتلة من شتلات اللوز على المزارعين الذين يُتوقع ويؤمل منهم زراعة هذه الشتلة ورعايتها، إضافة إلى تطلع «زراعة الباحة» مستقبلاً لإنتاج مشاتل اللوز وتوزيعها على المزارعين ذوي الاهتمام والأهمية بالمنطقة. ويضيف: «الزراعة لا تقف على القطاع العام أو قطاع الوزارة أكثر من أنها تقف على المزارع، وإن لم يكن المزارع جاداً وحريصاً ومتابعاً لكل جديد فلن يكون هناك إنتاج جيد لهذه الشجرة، والحملات الإرشادية والوقائية وورش العمل والتدريب للمزارعين تهدف إلى جعل صاحب المزرعة حاضراً معنا، ونحن كذلك حاضرون معه بالطرق السليمة للحفاظ على هذه الشجرة». من جهته، يؤكد المدير العام للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة الباحة منصور الباهوت ل «الحياة» أن الدور مناط بالزراعة ويجب تشجيع المواطنين على إعادة هذا المنتج لمكانته، وعند البدء ستقوم الهيئة العامه للسياحة والآثار بدورها على أكمل وجه. بدوره، يقول المنسق العام لجمعية البيئة السعودية عبدالله مكني ل «الحياة»: «إن إنسان منطقة الباحة كان ولا يزال يفخر بانتشار أشجار اللوز في سراة منطقة الباحة وبعض ضواحيها حاملة ثمارها التي تشبه اللآلئ المنثورة على سفوح جبالها الفطرية، فهي تتميز بفوائد طبية عدة، منها خفضه لمستويات الكولسترول الضار ومساعدته في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب وحماية الخلايا من التلف». ويفيد الدكتور أحمد قشاش (مؤلف كتاب «النبات في جبال السراة والحجاز») ل «الحياة» بأن المنطقة الأصلية لشجرة اللوز هي بلاد زهران في العام كله، إذ كان اللوز في الباحة ينتج بكميات كبيرة جداً ويصدّر إلى مكةالمكرمة والمدينة المنورة وبصفة عامة إلى مناطق الحجاز، إضافة إلى خارج الجزيرة العربية. وقال الدكتور قشاش: «إن اللوز من السلع الذي يحتمل التخزين لأعوام طويلة، كما أن لوز المنطقة له طعم خاص. وهناك نوع يسمى (لوز الفجري) وينتمي إلى مدينة في ديار بني مالك، وينبت اللوز في جبل إبراهيم وبعض شعاب زهران وهو يحتاج الى عناية، ولا بد أن تعاد زراعته وأن يُشجع المزارعون، كما لا بد أن تنشأ جمعية للوز كجمعية الرمان في المنطقة». من جهتهم، يؤكد مزارعو منطقة الباحة ل «الحياة» وجود أسباب عدة أدت إلى انحسار إنتاج اللوز في المنطقة، من بينها إهمال المنتجين الحقيقيين لزراعة اللوز وقلة الأمطار في الأعوام الأخيرة، إضافة إلى وجود المنافسة القوية من المستورد من إيران وسورية وأميركا وبأثمان أقل. ويقول أحد المهتمين بالزراعة أحمد الزهراني: «إن شجرة اللوز الواحدة أو ما يسمى ب «الغضاريف» و«اللوز الحجازي» ينتج حوالى 200 كيلوغرام في الموسم، فيما تتفاوت أسعار كراتين اللوز في بداية الموسم عن وسطه وآخره، إذ تبدأ الأسعار في أول الموسم في الارتفاع ثم تنخفض في وسطه، لتعود مرة أخرى للارتفاع في نهايته». فيما يشير سعود الزهراني (مزارع) إلى أنه بالعادة يجفف اللوز عند قرب انتهاء الموسم ليسمى بعد ذلك «اللباب» الذي يأخذ في شكله النهائي بذرة خشبية الشكل يميل لونها إلى البني الفاتح، وهو يقدم في حينه للمكسرات، مبيناً أن سعر الكرتون الواحد من اللوز المجفف مع القشر يتفاوت بين فينة وأخرى.