يشكل انقراض أشجار اللوز في منطقة الباحة ظاهرة أسهم في بروزها وتناميها غياب الأهالي عن مزارعهم واستغناء الفلاحين عن الحقل بالوظيفة إضافة إلى إهمال ما تبقى من أشجار اللوز في بعض المدرجات على أمل أن يحافظ على حياته بما يتوفر له من مناخات.. وحاولت إدارة فرع وزارة الزراعة في منطقة الباحة إعادة إحياء واستصلاح أشجار اللوز من خلال توزيع 5 آلاف شتلة على المواطنين مجانا إلا أن العناية باللوز وتجاهل رمزيته دفعت الكثير من المزارعين إلى تحطيم أغصانه وإنهاء ما تبقى فيه من حياة وتحويله إلى حطب للتدفئة. ويبقى بعض قدامى المزارعين وفيا للوز ويحضرون باللباب إلى سوق الخميس ويتحكمون في السعر إذ بلغت قيمة الكيلوجرام 200 ريال في حين يصل سعر المد من اللباب أكثر من (500) ريال إن توفر. ويرى المواطن محمد أحمد الغامدي أن المدرجات الزراعية في منطقة الباحة ومحافظاتها في السراة خلت من أشجار اللوز البلدي بعد أن كانت تتباهى به المدرجات الزراعية، مرجعا انقراض اللوز إلى تحول الأراضي الزراعية الخضراء إلى بلاقع جرداء لا تحتفظ بمياه السيول والأمطار لعدم وجود الزراعة فيها كالسابق. فيما أوضح يحيى محمد مسفر الغامدي أن عدم محافظة الأهالي عموما وأصحاب المزارع على وجه الخصوص على مزارعهم أدت إلى موت أشجار اللوز إذ كانت شجرة اللوز تجود بمحصول من 2-5 كجم تقريبا حسب حجم الشجرة. ويؤكد المواطن فهد أحمد سعيد الغامدي أن مزارع الباحة كانت مليئة بأشجار اللوز وكان للمحاصيل الزراعية حول شجرة اللوز دور في حفظ الندى والرطوبة لجذور اللوز وكان اللوز البجلي حاضرا في أسواق الباحة وفي خزائن البيوت لتقديمه للضيوف مع التمر والقهوة، مبديا أسفه أن تنقرض شجرة معمرة تمثل هوية لزراعة المنطقة وذاكرة أجيالها. فيما يذهب عمر سعيد محمد إلى أن التقدم المادي وانشغال المواطنين عموما والشباب بالوظائف والعمران أدى إلى ضمور وتهالك اللوز وموته التدريجي حد الانقراض. فيما دعا الأكاديمي في جامعة الباحة الدكتور جمعان عبدالكريم أمانة الباحة إلى إعادة إحياء زراعة اللوز في المنطقة من خلال غرس أشجاره في شوارع الباحة الرئيسية ومداخلها الأربعة ومتنزهاتها، كون شجر اللوز البجلي صديقا حميما لبيئة الباحة المكانية ولعلاقته الأثيرة بإنسان المنطقة خصوصا الشعراء منهم، مشيرا إلى أن القائمين على تشكيل شخصية المكان في مدينة الباحة يعون جيدا أن الموروث بكل أطيافه مكون انتماء وزراعة اللوز مكون ثقافي حضاري وجمالي كونه جزءا من ذاكرة آبائنا وأجدادنا، لافتا إلى أن تساقط أوراق الأشجار طبيعة بيئية وسنة كونية حتى في أوروبا وعواصم السياحة في العالم. وتساءل عبدالكريم متى تكون الباحة مدينة اللوز، ومتى تكون سماؤها كعطر اللوز أو أطيب؟ من جهته أوضح أمين منطقة الباحة المهندس محمد المجلي أن الأمانة تدرس زراعة اللوز بجدية لوجود معاضدة للفكرة من المجلس البلدي، واصفا دعوة الدكتور جمعان بالمشروعة والحضارية، لافتا إلى أن الشؤون الزراعية ترى أنه بطيء النمو وخضرته موسمية، مشيرا إلى أن الأمانة مستعدة للبدء في تجربة زراعته. من جهته أوضح مصدر زراعي مختص أن إدارة فرع وزارة الزراعة وزعت في الأعوام الماضية ما يقارب 5 آلاف شتلة على المواطنين لزراعتها وإعادة إحياء اللوز في المدرجات والمزارع، مؤكدا ل«عكاظ» أن أشجار اللوز حساسة جدا ولا تقبل الإهمال والتجاهل وتأتي ردود أفعالها قاسية. وأضاف أن حرث الأرض سابقا يسهم في تخزين كميات الأمطار تحت التربة وتوفر الأحواض للمحاصيل الأخرى يخدم اللوز إضافة إلى التحويض للوز وتسميده وحمايته من الآفات كل ذلك كان يخدم انتاج اللوز ويعزز حضور الشجرة كما وصف.