لقي الهجوم الذي شنه الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله على المملكة العربية السعودية أول من أمس، لمناسبة «يوم القدس» ردود فعل في لبنان، أبرزها من «تيار المستقبل» الذي أكد أن «اللبنانيين لن يسمحوا بأن يبقى لبنان منصة إيرانية لاستهداف السعودية»، فيما رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن خطابه «يعكر» الأجواء (الداخلية). وقال أحد أقطاب «اللقاء التشاوري» الذي عقد في القصر الرئاسي في بعبدا الخميس الماضي برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون إن «الجميع تفادوا خلال اجتماع رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة، التطرق إلى الوضع الإقليمي والخارجي لا في المناقشات ولا في مداخلة الرئيس عون، ولا في الوثيقة التي صدرت عن المجتمعين رغبة من الفرقاء في عدم الدخول في قضايا خلافية، لأن هذا ما تفاهم عليه الفرقاء في هذه المرحلة الحرجة، لكن بالأمس فوجئنا بكلام نصر الله التصعيدي في الظرف الدقيق الذي يمر به لبنان». وأضاف القطب إياه: «كأن تصعيد الأمين العام ل «حزب الله» موجه لاجتماع رؤساء الأحزاب في بعبدا الذي توخى منه الجميع التوافق على خطوات تعالج المشكلات الملحة التي تهم الناس والبلاد بعد إقرار قانون الانتخاب. والأرجح أن ما أدلى به نصر الله عن استقدام مقاتلين من الخارج لمواجهة حرب إسرائيلية مفترضة على سورية أو على لبنان يزعج الرئيس عون في هذه الظروف، لأنه يتخطى السلطة اللبنانية ويسمح لنفسه بفتح الحدود حتى لهؤلاء المقاتلين ليس فقط إلى سورية بل إلى لبنان أيضاً». ورأت مصادر سياسية أن الأنباء التي أعقبت كلام نصر الله ببضع دقائق «لم تسعف الأخير في إمعانه بكيل الاتهامات إلى السعودية، إذ إنه فيما كان يلقي خطابه التصعيدي كانت القوى الأمنية السعودية تنهي عملية إرهابية كبرى لمنع العمل الإرهابي الخطير الذي كان يستهدف الحرم المكي الشريف وتحاصر خلية كانت تهيء لاستهداف المصلين في الحرم، فجاءت الوقائع لتدحض كل ما افتعله من اتهامات وتحريض على المملكة». دان «تيار المستقبل» في بيان «العمل الإرهابي الدنيء والجبان الذي استهدف الحرم المكي»، وشدد على أن «أي عدوان على المملكة العربية السعودية ومقدسات المسلمين فيها، هو عدوان سافر علينا في لبنان وعلى الدول العربية والإسلامية التي نتحمل وإياها مسؤولية الوقوف مع المملكة والتضامن الكامل مع شعبها وقيادتها». واعتبر «تيار المستقبل» أن إيران «بدأت بتسخير الإرهاب في معركتها للنيل من المملكة، بعدما أتقنت تسخير هذا الإرهاب في خدمة مشروعها التخريبي في سورية، العراق، اليمن، البحرين، ولبنان. وما سمعناه في الساعات الماضية في لبنان، من صراخ متجدد ضد المملكة العربية السعودية، يأتي في هذا السياق، كما لو أن هذا الصراخ يأتي على قدر الألم الذي يعانيه المشروع الإيراني في المنطقة العربية، وبات يدفعه إلى الجنون واللعب على حافة الهاوية، بفعل سياسة الحزم التي فعلت فعلها في فضح أهداف هذا المشروع التخريبي ومحاصرته، بعدما اتضح للقاصي والداني أن إيران والعدو الإسرائيلي وجهان لعملة واحدة عنوانها العداء للعرب، وأن إيران بالذات تفوقت على العدو الإسرائيلي في مسؤوليتها المباشرة عن النكبات التي ألمت ببعض الدول العربية، بعد نكبة فلسطين». وسأل: «ما الفارق بين من يحتل فلسطين ومن يحتل العراق واليمن وسورية ويدعي احتلال لبنانوالبحرين، ويمارس في هذه الدول العربية، وبحق أهلها ونسائها وأطفالها وشيوخها، أبشع ممارسات الإرهاب والقتل والتهجير التي فاقت أي وصف؟ وما يدعو إلى الأسف أن يستمر هذا البعض في إصراره على تخريب علاقة لبنان بأشقائه العرب، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، والإمعان في محاولة استهدافها، في سياق تجميل الدور الايراني الذي لم ير اللبنانيون منه إلا الويلات والدمار والانقسام والتعطيل والتورط في حروبها التخريبية، وهذا ما يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، مع ثقتنا بأن اللبنانيين، ونحن في طليعتهم، لن يسمحوا بأن يبقى لبنان منصة إيرانية لاستهداف الدول العربية، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، كلما اقتضت المصلحة الإيرانية ذلك، لأن ما يهمنا أولاً وأخيراً، هو المصلحة اللبنانية التي نضعها فوق أي اعتبار». واعتبر جعجع أن مواقف نصر الله «تخالف الجوّ الإيجابيّ بعد إقرارِ قانونِ الانتخاب واللقاء التّشاوريّ في بعبدا»، مؤكّداً أنَّ الخِطاب «تصعيديّ جدّاً، وأجزاء كبيرة منه هي من صلاحيات الحكومة اللبنانيّة». وقال: «لا أحد منا يستطيع التطرّق إلى مواضيع استراتيجيّة لوحده ويحدد مسارات، ومن جهة ثانية هناك عهدٌ جديد نجح حتى الآن في تشكيل حكومة في وقت قياسي، وللأسف جاء كلام نصر الله ليعكّر كلّ هذه الأجواء ويضعُنا في مكان آخر مختلف تماماً». وشدد على «أنّ القرار الاستراتيجيّ ملك الشعب اللبنانيّ بأكمله مُمَثّلاً بالحكومة والسيد حسن موجود في هذه الحكومة، وبالتالي كان يقتضي إذا كانت هناك معطيات او معلومات أن يتمّ طرحها على مجلس الوزراء من خلالِ ممثّلي «حزب الله» في الحكومة في سياق التّداول بها بمسؤوليّة وبكلّ سريّة ويتمّ الاتّفاق على ما يجب الاتّفاق عليه». وأكد «أن فتحَ الحدود اللبنانيّة ليس ملك أحد، ولا يحقّ لأحد أن يتصرّف بها وحتّى الحكومة اللبنانيّة لا تستطيع فتح الحدود». وأعطى مثلاً عن «شخص رأى هرّاً مُقبلاً إليه فركض للجلوس في حضن الضّبع». وقال: «إذا أردنا أن ندافع عن بلادنا في حال حاولت إسرائيل التعدّي علينا، هل نقوم بفتح الحدود ونستقدم آلاف المقاتلين الغرباء ولا أحد يعرف من أين ليقوموا باحتلال بلدنا؟ ومن سيقوم بإخراجِهم لاحقاً؟ علماً أنّه في المطلق ليس من حقّ السيد حسن طرح هذا الموضوع. ففي حال حصول أي اعتداء إسرائيليّ على لبنان المنطق يقول بوضوح إنّ الجيش اللبنانيّ هو الذي يتصدى وكلّ القوى المسلّحة اللبنانيّة أيضاً ومِن ورائها الشّعب اللبنانيّ، فنبقى ندافع عن أرضنا حتى آخر شخص منّا. إذ ليس المنطق أن نفتح حدودنا امام أناس آخرين ليحتلوا بلادَنا أيضاً». وانتقد جعجع حملة نصر الله على السّعوديّة ودول الخليج «غير المقبولة لأنّها تعطل وتعقّد علاقات لبنان الدولة بمجموعة دول صديقة وشقيقة ولم تقم أيٌ منها بشيء عاطل تجاه لبنان، وبالتالي السيد حسن يهاجم السّعوديّة لحساب أناس آخرين وعلى حساب الشعب اللبنانيّ. لذا من المفترض أن يطرح هذا الموضوع في مجلس الوزراء ليتمّ التّفاهم عليه مرّة نهائيّة»، مشيراً الى أن «لا يحق لأحد أن يتصرّف بمصالح الشّعب اللبنانيّ مجاناً. فإذا كان هناك أمرٌ له علاقة بمصلحة لبنان العُليا يطرح في مجلس الوزراء ويُتّخذ القرار هناك»، سائلاً: «يتولى السيد حسن شنّ هجومٍ عنيف على المملكة، علماً أنّه ممثلٌ في الحكومة، فلمصلحة من؟». وعن مزايدة نصر الله في الموضوع الفلسطينيّ، قال جعجع: «الشعب الفلسطينيّ لديه ممثّلوه ولديه سلطة وطنيّة وأحزاب تعرف مصلحتَهُ والمواقف التي يجب اتّخاذُها. لذا لا يمكن السيّد حسن أن يعتبر نفسَه السلطة الفلسطينيّة ويريد الدّفاع عن حقوق الشعب الفلسطينيّ. فالقضية الفلسطينيّة لديها اصحابُها وأربابُها على غرار موقِفِنا الذي يرفض أن يتدخّل أحدٌ في شؤوننا الداخليّة». وشدد جعجع على «أنّ لبنان لا يبقى ساحة للآخرين عندما يرفض اللبنانيون أنفسهم هذا الأمر ليقفلوا عليهم أبواب التّعاطي في شؤوننا الداخليّة. أما عندما يطلب فريق لبنانيّ من الآخرين أن يأتوا إلى لبنان ليتحوّل ساحة لهم، فإنّهم لن يترددوا في التدخّل. وبهذا الشّكل نخلط الحابل بالنابل. ففي مقابل كلّ الجهود التي يبذلها الفرقاء اللبنانيون لإبعاد لبنان عن الحريق الإقليمي والحفاظ على استقراره، بمساعدة أكثرية الدول العربية والأجنبيّة، يأتي السيد حسن ليدخلنا مجدّداً في معمعة الحريق الحاصل في المنطقة». حمادة وقال عضو «اللقاء النيابي الديموقراطي» وزير التربية مروان حماده ل «الحياة» إن تصعيد نصر الله «لا يساعد في تنقية الأجواء السياسية ولا في تنشيط المناخ الاقتصادي في العلاقة مع دول الخليج العربي، كأننا نقوم بإطلاق النار على أنفسنا». وعلق القيادي في حزب «القوات» وزير الإعلام ملحم رياشي بأن موقف «حزب الله» ليس موقف الحكومة ولا موقف «القوات» بالتأكيد. ولا نقبل بأي خلاف مع الشقيق السعودي ولا نرغب بالتدخل في شؤون الدول العربية مثلما لا نقبل أن يتدخل الغير في شؤوننا» مؤكداً أن النأي بالنفس عن الصراعات هو المطلوب. واعتبر الوزير السابق أشرف ريفي أن نصر الله «يُلحق لبنان بالمشروع الإيراني ويقول بوضوح لا وجود في لبنان لرئيس أو لحكومة أو لمجلس نيابي»، مشيراً الى أن «من قاتل أسياده بالسلاح الإسرائيلي في حرب الخليج لا يملك حق تخوين أصحاب القضية، مكانه ليس على قوس المحكمة بل في قفص الاتهام». وقال عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «من اغتال حزبه رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز ومن قتل الشعب السوري هو الوجه الآخر ل «داعش».