احتضنت المفوضية الأوروبية الانطلاقة التاريخية لمفاوضات «بريكزيت»، بعد عام على استفتاء خروج المملكة المتحدة من الاتحاد وقبل يومين من موعد تشكيل الحكومة البريطانية. وشهدت الانطلاقة تبادل عبارات الترحيب والتضامن بين بريطانيا والاتحاد في مواجهة الإرهاب الذي أدمى لندن مجدداً ليل الأحد- الاثنين. وينتظر أن يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ اليوم نتائج الجولة الأولى من المفاوضات، في وقت عكست الكلمات المقتضبة التي أدلى بها رئيس الوفد التفاوضي ميشال بارنيي ونظيره البريطاني وزير شؤون «بريكزيت» ديفيس ديفيس، قبل بدء المحادثات، الاختلاف القائم في مواضيع التفاوض، إذ أكد بارنيي أهمية تبديد الغموض السائد في بداية المفاوضات، فيما أعلن ديفيس أن بريطانيا تطلع إلى إنشاء شراكة خاصة وقوية مع الاتحاد الأوروبي. ويسعى الاتحاد في مرحلة أولى إلى ضمانات في شأن حقوق 3.1 مليون مواطن من رعايا الدول الأعضاء ال27 يعيشون في بريطانيا، وإلزام بريطانيا سداد مستحقات مالية مقدارها 100 بليون يورو بمقتضى اتفاقات قائمة، وعدم إرباك الترتيبات الحدودية مع إرلندا. وإذا استحال الحصول على الضمانات اللازمة سيرفض الاتحاد بحث طلب بريطانيا «إقامة شراكة قوية وعميقة» مع الاتحاد، بعد الانفصال عنه، علماً أن الاتحاد يرفض خصوصاً تجزئة وحدة السوق الداخلية القائمة على الحريات الأربع في شأن تنقل الأشخاص والرساميل والبضائع والخدمات، في حين تسعى بريطانيا إلى الإفادة من السوق الأوروبية، والتقليل من توافد المهاجرين الأوروبيين. وأكد بارنيي ضرورة إزالة الغموض الذي أثاره أفق خروج بريطانيا لدى المواطنين والمستفيدين من سياسات الاتحاد الأوروبي ومسائل الحدود خصوصاً بالنسبة إلى إرلندا». وقال: «آمل في أن يستطيع الجانبان تحديد الأولويات وأجندة التفاوض كي أستطيع تقديم تقرير إلى القمة الأوروبية هذا الأسبوع، وأؤكد أمامها أن انطلاقة المفاوضات كانت بناءة». ووعد ديفيس بأن تبذل بريطانيا كل ما تستطيع للتوصل إلى اتفاق يضمن مصالح جميع المواطنين، «لذا يشرع فريقنا في التفاوض بروح إيجابية وبناءة سعياً إلى إنشاء شراكة قوية وخاصة مع حلفائنا الأوروبيين وأصدقائنا في المستقبل». وعلى هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، توقع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أن يخوض الجانبان نقاشات كثيفة حول طبيعة الاتفاق الذي ينشده كلاهما»، مشدداً على «أهمية النظر إلى الأفق البعيد، والتفكير في الشراكة الخاصة والعميقة التي نريد بناءها مع الأصدقاء في الأمد البعيد، وهي مفيدة بالنسبة إلى الجانبين». وأبدى جونسون تفاؤله بنتائج المفاوضات، متوقعاً أن يقود المسار إلى «نهاية سعيدة مشرّفة للجانبين». ويجمع المراقبون في الساحة الأوروبية على أن الوفد البريطاني يتقدم إلى طاولة المفاوضات هزيلاً سياسياً لأن رئيسة الوزراء تيريزا ماي خسرت الرهان نيل تفويض شعبي عام تطلعت لتحقيقه في الانتخابات البرلمانية المبكرة الأخيرة، وباتت مضطرة إلى إقامة تحالف مع الحزب الوحدوي اليميني الإرلندي من أجل ضمان غالبية نسبية. وصرح وزير الخارجية الألماني سيغمار غبريال بأن تيريزا ماي أضاعت وقتاً طويلاً في محاولة كسب الغالبية البرلمانية. وأمل في «أن تخوض بريطانيا نقاشاً هادئاً لضمان على الأقل بقاءها داخل السوق الواحدة التي تتطلب الإفادة من ميزاتها التزام شروط الحريات الأربع وسلطة محكمة العدل الأوروبية في حل النزاعات». واعتبر أن السلوك السياسي للحكومة البريطانية «يدل على أن المحافظين تلاعبوا بمصالح مواطنيهم». إلى ذلك، أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أنها تريد «اتفاقاً جيداً» لكل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي في مفاوضات «بريكزيت». وقالت بعد لقائها الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس: «بالنسبة إلي يعتلق الأمر قبل أي شيء باستمرار دول الاتحاد الأوروبي ال27 معاً، والاستماع بعناية إلى طلبات بريطانيا وتوقعاتها». وأضافت: «سنعرض مصالحنا ونعمل للتوصل إلى اتفاق جيد، لكن من السابق لأوانه التكهن بالتفاصيل. أريد أن نتوصل إلى اتفاق جيد، وسيكون هذا في مصلحة الطرفين».