تتجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى الإعلان عن عملها من أجل «انفصال منضبط ولكن شاق» عن الاتحاد الأوروبي في خطاب تلقيه غداً الثلثاء، تعرض خلاله خططها حول ال «بريكزيت»، وتدعو البريطانيين إلى الالتفاف حول «رؤية بريطانيا أكثر انفتاحاً على العالم». وتنوي ماي وفق ما ذكرت صحف بريطانية أمس، إطلاق إجراءات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد بحلول نهاية آذار (مارس) المقبل، عبر تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة التي ستطلق مفاوضات تستمر سنتين. لكن قبل ذلك، يفترض أن تصدر المحكمة العليا في بريطانيا قرارها في شأن مشاورة البرلمان أو عدم مشاورته مسبقاً، في نهاية كانون الثاني (يناير) الجاري. وتتعرض ماي لضغوط منذ أشهر لكشف إستراتيجيتها حول المفاوضات التي ستحدد مستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وأعلن مكتبها أنها ستدعو في خطابها إلى الوحدة ودعم «بريكزيت»، وستشدد على وقف «الشتائم» والحقد بين مؤيدي الخروج من الاتحاد ومعارضيه. وأشارت الصحف البريطانية إلى أن رئيسة الوزراء سترسي أسس عملية «خروج شاق» تتلخص بانسحاب من السوق الواحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية، بهدف استعادة السيطرة على الهجرة. وعنونت صحيفة «ذي صن» أمس: «الصدمة الثلاثية لماي في شأن بريكزيت»، مشيرةً إلى أن رئيسة الحكومة «ستظهر أنها جادة بإعلانها الخروج من 3 هيئات للاتحاد الأوروبي». ونقلت صحيفة «صنداي تلغراف» عن مصدر حكومي قوله إن «الناس سيدركون أنها عندما قالت إن: بريكزيت يعني بريكزيت، كانت تؤمن بذلك فعلاً». واكتفت رئاسة الحكومة بأن الخطاب سيدعو البلاد إلى «وضع الانقسامات الماضية جانباً والاتحاد لإنجاز الخروج من الاتحاد بنجاح». وأكدت رئاسة الحكومة أن معظم البريطانيين يتقاسمون رؤية لمملكة متحدة «آمنة ومزدهرة ومهتمة بالخارج ومتسامحة». وأضافت أن «رئيسة الوزراء ستؤكد بتقديمها خطة الحكومة إلى مفاوضات بريكزيت، أهمية بناء أهداف مشتركة، مثل حملة حقوق العاملين وتحسينها، والتركيز على رؤية إيجابية لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي». ولم تكشف ماي عن إستراتيجيتها في المفاوضات، لكنها لمّحت إلى أنها ستمنح الأولوية للتحكم بالهجرة الأوروبية، القضية التي شكلت محوراً أساسياً للجدل في الاستفتاء، ودخول السوق الأوروبية المشتركة، إلا أن الشركاء الأوروبيين أكدوا بوضوح أنها قد لا تحصل على أي من الأمرين. في المقابل، كرر الوزير البريطاني المكلف بال «بريكزيت» ديفيد ديفيس اقتراح إبرام اتفاق انتقالي خلال مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي. وكتب في صحيفة «صنداي تايمز» أنه «في حال الضرورة، قلنا إننا سنفكر في مهلة لوضع قوانين جديدة». وأضاف: «لا نريد فشل الاتحاد الأوروبي بل نريد أن يزدهر سياسياً واقتصادياً وعلينا أن نقنع حلفاءنا بأن شراكة جديدة متينة مع لندن ستساعد الاتحاد في تحقيق ذلك». وتواجه بريطانيا مشكلة في أن الاتحاد الأوروبي سيصر على الأرجح على ضمان حرية تنقل مواطنيه في مقابل الوصول الكامل إلى السوق الموحدة، في حين أن كثيراً ممَن صوتوا بالموافقة على الانسحاب فعلوا ذلك تحديداً من أجل تقييد الهجرة. إلى ذلك، اعتبر وزير المالية البريطاني فيليب هاموند أن على بريطانيا والاتحاد الأوروبي التوصل إلى اتفاق يسمح بالدخول المتبادل إلى سوق الطرفين، على رغم أن لندن لا يمكنها أن تساوم على استعادة حقها في ضبط الهجرة. وقال الوزير في تصريح لصحيفة «فيلت أم تسونتاغ» الألمانية، إن بريطانيا لم تتخذ موقفاً حاسماً بشان الهجرة في مرحلة ما بعد «بريكزيت»، إلا أن الرسالة التي حملها التصويت في الاستفتاء على الخروج مفادها أنه «علينا أن نتحكم في سياستنا بشأن الهجرة». وأضاف أن مواطني دول الاتحاد ستكون لهم الحرية في زيارة بريطانيا والقيام بتعاملات تجارية فيها، ولكن النقاش يتعلق بالحق في العمل والاستقرار وإقامة الشركات. وقال هاموند إن بريطانيا تريد دخول السوق الأوروبية، ولكن من دون سياسة بروكسيل. ولمح إلى أن لندن مستعدة لخفض الضرائب على الشركات بشكل كبير لضمان تنافسية الشركات الموجودة في بريطانيا في مواجهة تعرفات الاتحاد الأوروبي.