أحدث قطع سبع دول عربية في مقدمها السعودية العلاقات مع قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، متهمين إياها بدعم «الإرهاب»، موجات من الصدمة في قطاع الطاقة. وقالت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين إنها قررت قطع كل العلاقات بما في ذلك خطوط النقل مع قطر، التي تبيع أيضاً منتجات نفطية مثل المكثفات، لكنها ليست مصدراً كبيراً للنفط الخام. واتهمت الدول القاطعة قطر «باحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة ومنها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم». ولم تؤثر الأزمة بعد في شحنات الناقلات، لكن أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت ارتفعت نحو 1 في المئة إلى أكثر من 50 دولاراً للبرميل، بفعل المخاوف من اتساع الشقاق في العالم العربي. تأتي الخطوة بعد أن اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ومن بين أعضائها السعودية والإماراتوقطر، في الفترة الأخيرة على تمديد تخفيضات إنتاج النفط الخام من أجل تقليص الفجوة بين العرض والطلب في السوق ودعم الأسعار. ولم يتضح بعد كيف ستؤثر الأزمة السياسية في صناعة القرار داخل أوبك، التي تعد السعودية أكبر منتج فيها. واستبعد مصدر بقطاع النفط السعودي أن تؤثر الخطوة تأثيراً كبيراً في صناعة القرار بأوبك، مشيراً إلى أن خلافات سياسية أخرى داخل المنظمة، مثل ما بين السعودية وإيران، لم تمنع أوبك من الاتفاق على سياسة النفط. أثر غير واضح في الغاز المسال يرى المتعاملون أن من السابق لأوانه قول ما إذا كان الخلاف سيؤثر في شحنات الغاز الطبيعي المسال بالمنطقة، إذ تحصل كل من مصر والإمارات العربية المتحدة على شحنات منتظمة من قطر. وتلبي قطر نحو ثلث الطلب العالمي على الغاز المسال وقد استوردت مصر، التي تكافح لتلبية حاجاتها من الكهرباء 857 ألف متر مكعب شهرياً في المتوسط من قطر منذ كانون الثاني (يناير) 2016، وفقاً لبيانات الشحن البحري على «تومسون رويترز أيكون». ويستخدم هذا النوع من الوقود على نطاق واسع في توليد الكهرباء. كانت مصر أرست العام الماضي مناقصة كبيرة لإمدادات 2017، جزء كبير منها تورده قطر، لكن متعاملين قالوا إن نمو الإنتاج المحلي ومصادر بديلة مثل النرويج ونيجيريا والولايات المتحدة قد تسد أية فجوة محتملة. واستوردت الإمارات في المتوسط 190 ألف متر مكعب من الغاز المسال شهرياً من قطر، منذ يناير 2016. لكن المتعاملين أشاروا إلى أن أعضاء آخرين بمجلس التعاون الخليجي مثل الكويت، التي عادة ما تنسجم سياساتها مع التوجهات السعودية، لم يأخذوا إجراء بحق قطر حتى الآن. وتظهر البيانات أن الكويت استوردت في المتوسط 283 ألف متر مكعب من الغاز المسال شهرياً من قطر منذ 2016. وقال مستوردون إن من المستبعد أن تتأثر الشحنات المتجهة إلى المشترين الآسيويين، أكبر مستوردي الغاز المسال في العالم، ما لم يحدث تصعيد خطير. وقال ر. ك. جارج مدير التمويل لدى بترونت الهندية المستوردة للغاز المسال ل«رويترز» عندما طُلب منه التعليق على خطوة قطع العلاقات: «لا أعتقد أنه سيكون لها أي تأثير، نحصل على الغاز مباشرة من قطر عن طريق البحر». والهند ثاني أكبر مشتر للغاز المسال القطري، وفقاً لشركة استشارات الطاقة وود ماكينزي، بعد اليابان. وقال متعامل ياباني في الغاز المسال إنه لا يتوقع تعطيلات فورية للإمدادات. وقطر مصدر رئيس للمكثفات، وهو نوع خفيف للغاية من النفط الخام، ولغاز البترول المسال وتذهب معظم الإمدادات إلى اليابان وكوريا الجنوبية بموجب عقود طويلة الأجل. خط دولفين للغاز لم يتأثر قال مصدران في قطاع الغاز إن خط الأنابيب دولفين المتجه من قطر إلى الإمارات العربية المتحدة وعُمان يعمل بشكل طبيعي اليوم (الإثنين)، على رغم الخلاف السياسي بين الدوحة ودول عربية. وقال مصدر على دراية بالموضوع «خط الأنابيب ما زال يعمل»، وقال مصدر آخر: «لا أثر في عمان، فالتدفقات ما زالت مستمرة». ويربط حقل دولفين للغاز حقل الشمال القطري العملاق بالإماراتوعمان وكان أول مشروع غاز عابر للحدود في منطقة الخليج ويضخ نحو بليوني قدم مكعبة من الغاز يومياً إلى الإمارات. الحصول على زيت الغاز من الخليج قال مصدران تجاريان اليوم (الإثنين) إن قطر للبترول لا تزال تسعى للحصول على زيت الغاز من دول في مجلس التعاون الخليجي، على رغم قيام بعض الدول الأعضاء في المجلس بقطع علاقاتها مع الدوحة. وتطلب قطر للبترول التي تديرها الدولة ما يصل إلى شحنتين من زيت الغاز شهرياً للتسليم في الفترة من تموز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر) في مناقصة تغلق اليوم الاثنين، وقال المصدران إن الشركة لم تغلق المناقصة. ومن متطلبات المناقصة أن يكون منشأ الشحنات من مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية وسلطنة عمانوقطروالكويت، إلى جانب اليمن. وقال تاجر من منطقة الخليج: «لم يعدلوا شروط المناقصة، ما أراه حتى الآن لكن ربما لا يزال الأمر مبكراً». وقال التجار إن قطر للبترول لا تشتري عادة زيت الغاز، لكنها تستورد هذا النوع من الوقود نظراً إلى بعض المشكلات المتعلقة بالإمدادات في سوقها المحلية، ويرى إنه من المرجح إعادة طرح المناقصة أو إلغاءها نظراً إلى التطورات الأخيرة، لكنهم لا يتوقعون تأثيراً كبيراً في تدفقات زيت الغاز. وقال المصدر الثاني، وهو تاجر من سنغافورة: «قطر مصدر منتظم لوقود الديزل الناتج عن تحويل الغاز إلى سائل من مصنع اللؤلؤة جي. تي. إل الذي تشارك فيه رويال داتش شل، ولذا فإن شل تستطيع بسهولة الحصول على زيت الغاز من أماكن أخرى إذا اقتضى الأمر». وقال المصدر الأول إن من غير المرجح أن تتأثر صادرات قطر للبترول من وقود الطائرات، الذي يشحن عادة إلى الأسواق الدولية: «أعتقد أن التأثير الأكبر سيطاول الغاز الطبيعي المسال الذي يبقى في المنطقة».