عندما أرادت شركة «والت ديزني» أن تبتكر غير «ميكي ماوس»، الشخصية التي كانت تهيمن على كل الأفلام، لم يخطر في بال أحد من العاملين فيها أن تكون الشخصية التالية بطة عصبية. لكن، بعدما سمع أحد المسؤولين في قسم التصميم والابتكار في الشركة كلارنس ناش وهو يؤدي أغنية بصوت بطة، ارتسمت الشخصية في رأسه تلقاءً. وفي 9 حزيران (يونيو) من كل سنة، يحتفل «دونالد داك» بعيده، إذ ظهر للمرة الأولى في ذلك اليوم من عام 1934 في فيلم «ذا وايز ليتل هين» الذي يحكي قصة دجاجة «توظف» دونالد داك وصديقه في حقل الذرة الذي تملكه، فيلجآن إلى الوسائل المتوافرة كي يتملصا من العمل لكنهما يندمان في النهاية. ومنذ ذلك التاريخ، وهذه الشخصية التي تتسم بطباعها الحادة والعنيدة والعصبية والطيبة القلب في آن واحد، متربعة على عرش «والت ديزني»، وراحت شيئاً فشيئاً تأخذ من شهرة «ميكي ماوس»، إلى أن أصبحت الشخصية الأولى والمفضلة في الشركة الأميركية، مع أنهما كانا شخصيتين مختلفتين شكلاً ومضموناً. وبعد سنوات من ولادته، أدخل القائمون على شخصية دونالد داك تغييرات جعلته أكثر مرحاً وإضحاكاً، وذلك من طريق ابتكار شخصيات أخرى كانت في مثابة عائلته، وهي «ديزي» حبيبته، وأبناء أخته الثلاثة «هوي» و «لوي» و «دوي». بقي ناش يؤدي دور البطة المتوتّرة ببراعة وإتقان بصوت غريب، وفي غالبية الوقت لا ينطق بالكلمات في شكل مفهوم إلى أن توفي عام 1985، وبعدها تسلم المهمة توني انسيلمو. وفي المحصلة، شارك «دونالد» في 128 فيلماً، متفوقاً على منافسه «الحكيم ميكي». وبفضل تاريخه الكبير، حصل على نجمة على رصيف الفن في هوليوود. كما حظي بشهرة عالمية جعلته شخصية في متنزّهات «ديزني» حول العالم ونجم ألعاب فيديو، واستُوحيت منه دمى ليكون حاضراً في كل منزل ودار، وكُتبت قصص مصوّرة عنه ترجمت إلى لغات عدة. أدى «دونالد داك» أدواراً كثيرة ومتنوعّة، إلا أن غضبه الكبير والسريع وحظه السيئ ظهرا في كل حلقة من مسلسلاته، رغم اختلاف طريقة معالجته الأمور والمشكلات التي كان يواجهها. وفي بعض الأحيان، كانت حلقاته تدور حول شؤون حياتية حقيقية لامست السياسة أحياناً، إلى درجة كان المشاهدون يشعرون بأنهم يتابعون مشاهد من الحياة الواقعية. أما للاحتفال بهذا اليوم، فيمكن أن نلبس ثياب البحارة مثلما كان «يلبس»، ونحاول تقليد صوته للتحدث مع المارة في الشوارع، ونرد على أسئلتهم بغضب كشكل من أشكال التنفيس، أو يمكننا بكل بساطة أن نكرّس هذا اليوم لمشاهدة مسلسلاته وأفلامه ونتذكّر أيام الطفولة.