واشنطن - لو التقانا دونالد داك "المتحمّس دائماً"، في الشارع، لكان سارع إلى إلقاء التحية، قائلاً: "مرحبا"، بصوت تشوبه بحّة محببة. ترى، هل كنّا سارعنا إلى تحيته، لو صادفناه في أحد شوارعنا، يساوم بائع بطاطس، أو يصرخ على من رشّه بالمياه من الشرفة، أو حانقاً من انزلاقه على الناصية وحول رأسه أجراس وعصافير مغرّدة، أو تنبعث منه قلوب حمر إذ تطالعه حسناء، غير حبيبته ديزي..؟ وإذا حاولنا أن "ندغدغه" ونختفي، ترى هل لا يزال بالهمة التي تجعله يقفز وينطّ وهو يلوّح بقبضتيه كملاكم "أخرق"... أم تراه يستخدم وسائل أخرى أكثر خطورة للرد على الدعابة؟ واكبنا دونالد داك بكل حركاته، وهو يتحدّث إلى "صانعه" والت ديزني، ويسدي إليه بنصائح تفاجئ ذلك الشخص الموهوب. شاهدنا كل حركاته، ببطء وبسرعة، يلهث ووراءه دب كبير، يعدو نحوه لا ليتلهمه، بل ليسبقه إلى البحيرة... وعندها يتوقّف قلب دونالد داك، ويكدّه العرق، ثم ينتفّس الصعداء. ودونالد داك ساهم في تصويب سلوك عمّه بالتزار البخيل، الذي يجمع الأموال غرفاً، ويعزّ عليه التخلي عن فلس منها. وكل مرة، كان دونالد و"أطفاله" ينتزعون منه ثمناً لمشاريع خيرية. "لعب" دونالد داك أكثر 100 شخصية رئيسية وثانوية. وظل يتجدد في مجلات الشرائط المصوّرة، ثم في مسلسلات تلفزيونية "حكايات داك" أو "حكايات بطّة" بين 1987 و1990. ثم صار، بنطق بالعربية إثر شيوع دبلجة الأعمال المصوّرة. وبلوغه الخامسة والسبعين إنما يدل على عبقرية "صانعه" المبدع والت ديزني، والإعلام الأميركي الذي لا يتوقّف عن نبش تراثه المصوّر، وإيجاد الفرص لتكراره، واستنباط السياقات التي يعيد فيها "توظيف" شخصيات بشرية (المخاليع الثلاثة، بات ماسترسون، تشارلي شابلن...) وشخصيات كرتون (ميكي ماوس، دونالد داك، غوفي، بينوكيو...)، وتسخير الوسائل التكنولوجية للتجديد والأرشفة. يحتفل دونالد داك، وهو احدى الشخصيات الرئيسية لدى استوديوهات والت ديزني، اليوم (الثلاثاء) بعيد ميلاده الخامس والسبعين. وظهر دونالد داك للمرة الاولى في التاسع من حزيران/يونيو 1934 في فيلم قصير من سلسلة "سيلي سينفونيز" بعنوان "ليتل وايز هن"، مقتبس عن قصة روسية تبحث فيها دجاجة صغيرة عن المساعدة لزراعة حقل ذرة. ويسعى دونالد بكل الوسائل لتجنب المساهمة في المجهود. واصبح دونالد داك من أبطال افلام الرسوم المتحركة العام 1937. وانضمت اليه حينها الى جانب اولاده شقيقته الثلاثة, صديقته الوفية ديزي. ويتمتع دونالد داك بقلب طيب وبنوايا صافية، ولكنها صفات يطغى عليها طابعه المتحمس الذي لا يدع احد يعترض طريقه. وحصل دونالد داك على نجمة على رصيف الفن في هوليود. اما الانجاز الاكبر لدونالد داك فهو على الارجح انه ظهر في 128 فيلما اي اكثر من منافسه ميكي ماوس. وهو أيضاً تميمة فريق "أريغون داكس" لكرة القدم الأميركية. وكان والت ديزني يريد من خلال دونالد داك ان يصمم شخصية تكون مختلفة عن شخصية ميكي ماوس التي لا غبار عليها.