بلدية بيشة تدعو 32 مواطناً لاستكمال إجراءات استلام أراضيهم    «السياحة»: تجاوز إنفاق زوار السعودية 45 مليار ريال خلال الربع الأول من 2024    «اعتدال» و«تلغرام» يزيلان أكثر من 18 مليون محتوى متطرف    «العدل» تطلق خدمة «طلب استمرار السير في الدعوى لغياب المستأنف»    عابدية طرابلسي في ذمة الله    «ترينديول» تطرح المجموعة الأولمبية قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024    الأزياء والإبداع على منصة "تيك توك" مع منال مارفيلوس    بعد مغادرة الهلال.. 3 عروض على طاولة سلمان الفرج    انتهاء مدة تسجيل العقارات في السجل العقاري ل (5) أحياء في الرياض الخميس القادم    النفط بمسار تصاعدي والذهب مستقر    محافظ الخرج يطلع على عرض جامعة سطام المرئي لبحث أعمال التنمية    بتوجيه من القيادة.. وزير الدفاع يصل العاصمة التركية أنقرة في زيارة رسمية    كأس العالم للرياضات الإلكترونية تتشارك مع HONOR لتقديم أجهزة هواتف محمولة لمنافسات الحدث    نزوح فلسطيني جديد من خان يونس    لدغات العقارب والثعابين تدخل 15 حالة لطوارئ    بقيمة تقديرية تتجاوز 1,2 مليار ريال سعودي.. «شركة دله الصحية» توقع مذكرة تفاهم لإنشاء مشروع استثماري متعدد الاستخدام    نشاط في الرياح المثيرة للأتربة على معظم مناطق المملكة    الإعصار "بيريل" يشتد ويقترب من جاميكا    الداعية والشخصية الوهمية لابن حيان    100 براند سعودي" تثري أسبوع الموضة في باريس بعرض أزياء حصرية ل11 علامة سعودية    وصول التوأم السيامي البوركيني إلى الرياض    بحضور البسامي.. معالجة أممية للجرائم العابرة للحدود    24 نوفمبر يومًا للتوائم الملتصقة بمبادرة سعودية    عقلانيون أم نصوصيون    أمير الشرقية ونائبه يهنئان نادي القرية العليا الرياضي    اللجنة الأمنية بإمارة الرياض تضبط 1500 رتبة وشعارات عسكرية مخالفة    القادسية يغري إيكاردي ب 25 مليون يورو    فعاليات تراثية متنوعة    مغلف بالود    وجوه مستعارة    منظومة العمل    تشييد مركز ثقافي ملحق بمسجد القبلتين.. المساجد التاريخية.. مقصد الزوار بالمدينة    أمانة المدينة المنورة تكثف أعمال صحة البيئة    إصابة 30 راكبا جراء مطبات هوائية خلال رحلة من إسبانيا إلى أوروجواي    يحتجز جثة القطة للحصول على أتعابه    نمل تايوان يركب السيارات لنشر مستعمراته    فيتامين دال للوقاية من الأمراض    مصادر ل«عكاظ»: الهلال يدرس تمديد عقد «سالم»    عبدالعزيز بن سلمان: حقول غاز جديدة في الربع الخالي والشرقية    نائب أمير الجوف يعزي الهيشان في فقيدهم    خدمات طبية سعودية لمرضى الغسيل الكلوي في المهرة اليمنية    يورو 2024.. البرتغال تتجاوز سلوفينيا بالركلات الترجيحية وتتأهل لربع النهائي    جولة ثانية من المشاورات بين وزير الخارجية ونظيره البنغلاديشي    تورطوا بجرائم الرشوة واستغلال النفوذ.. «إيقاف»: 155 متهماً بالفساد    يوردانيسكو: رومانيا بحاجة إلى تقديم مباراة مثالية    لا تشابه ولا تكرار    جمعية «حياة» تعتمد الهيكل التنظيمي وتعلن منجزاتها    أمير القصيم: مشروع نادي الطيران بالرس أحد الميز النسبية في برنامج التوزان التنموي    القيادة تهنئ سامانثا موستين بمناسبة أدائها اليمين الدستورية حاكماً عاماً لكومنولث أستراليا    أمير منطقة تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    مدير الأمن العام يرأس وفد المملكة في قمة الأمم المتحدة لرؤساء الشرطة    مشروع تطوير مرفق تدوير للمعادن الأول من نوعه في المملكة    أمير جازان يتسلم التقرير الربع سنوي للجنة الرئيسية لمراقبة عقارات الدولة    المفتي العام: يشيد بمنجزات الشؤون الدينية للمسجد الحرام    الأمير محمد بن سلمان يُعزي أمير الكويت وولي عهده في وفاة الشيخة سهيرة الصباح    807 حجاج يغادرون ميناء جدة الإسلامي إلى ميناء سواكن في السودان    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل المصليات المتنقلة خلال الإجازة الصيفية    أمير عسير يعزّي في وفاة الشيخ تركي المتحمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسي بين «نبرتين» ...في مواجهة الإعلام
نشر في الحياة يوم 08 - 05 - 2014

بينما كانت تبث مقابلة المرشح الرئاسي المصري عبد الفتاح السيسي مع الإعلاميين إبراهيم عيسى ولميس الحديدي الاثنين الماضي، مرَّ مواطنان في الشارع، فنادى الأول على صاحبه: «بسرعة لنلحق بالبرنامج»، فردَّ الثاني: «لا تتعجل أمامنا أربع سنوات إعادة».
تُلخص هذه الجملة شعور مواطن بسيط إزاء ما يمكن أن تنتهي إليه مقابلة تلفزيونية مع الرئيس المحتمل، جاءت بعد أقل من 24 ساعة على بث لقائه مع أكثر من 20 إعلامياً، لا أحد يعرف المعايير التي اختيروا على أساسها. وتبدو المسافة شاسعة بين محتوى اللقاءين، إذ أظهر لقاء السيسي مع الإعلاميين مؤشرات تغيير لافتة في علاقة الإعلام بالسلطة الحاكمة (طالما أن فرصه في الفوز مؤكدة) إذ يبدو فيها حرص المرشح على إعادة تقديمه نفسه للناس بخطاب مختلف يقوم على تلخيص محتوى برنامجه السياسي، وهي ظاهرة لم تكن موجودة في مصر من قبل.
وعلى صعيد آخر، بدا واضحاً أن المشهد عكس صراعات القوى ودوائر الهيمنة في الإعلام التلفزيوني بعد ثلاث سنوات من تعثر مسار الثورة المصرية. إذ تمكن الإعلاميون المحسوبون على نظام مبارك والممثلون له بعد 25 كانون الثاني (يناير) 2011 وقبلها من تأكيد وجودهم استناداً إلى قوة رأس المال الرمزي والفعلي، لكنّ هؤلاء بدوا أصحاب نبرة مترددة وخجولة تتهيب من اللقاء على خلفية تربية مهنية مؤسسة على معادلة قديمة هي: «الرئيس أقوى من الإعلام». لذلك كانوا أقرب إلى مسوّقي بضاعة قديمة عن «عبادة الرئيس»، ومسؤوليته التاريخية، أو محرضين على المنافسين الراغبين في أداء إعلامي متوازن (كما عبرت أماني الخياط ونائلة عمارة ورولا خرسا).
وأيضاً، أظهر اللقاء فضاءً آخر من فضاءات الصراع بين التلفزيون الحكومي والمحطات الخاصة، إذ جرى تمثيل تلفزيون الدولة بإعلاميين شبه مجهولين، لذلك قدموا أنفسهم للمشير ولجمهور المشاهدين، وهو جهد لم يكن الآخرون في حاجة إليه. كما أظهر، على نحو لافت، رغبة مُعديه من حملة السيسي في تهميش منتجي سوق المغنى أيام مبارك. لذلك غابت وجوه تباينت مواقفها خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) 2011 وحتى الآن، إذ جرى تغييب منى الشاذلي ومعتز الدمرداش وهالة سرحان وعماد أديب وحمدي قنديل، على اختلاف مواقف هؤلاء، وأثبت اللقاء تراجع نمط صحافة «one man show» التي مثلها الصحافي عادل حمودة، وهي صحافة تعثرت بسبب اتساع المجال العام عقب ثورة يناير، وبفضل قوة مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الوقت ذاته بدا إعلاميو الجيل الأصغر أكثر قدرة على صياغة السؤال بالمعنى الإعلامي الهادف إلى إنتاج معلومة وليس تعليقاً للنفاذ إلى البرنامج الانتخابي للرئيس المحتمل.
وعكس اللقاء تطوراً نوعياً في حالة الإعلامي خيري رمضان؛ الذي تحول من مناهض ل «25 يناير» إلى مدافع عنها.
ولعل ما يلفت النظر هو أن الجيل الجديد لديه شعور بقوة تأثيره في صناعة الرأي العام. كذلك بانت سرعة لهاث بعض ممثليه وراء دور الناصح للرئيس المحتمل، وهناك من اكتفوا بالصمت ليضمنوا مسافة آمنة في مشهد معقد غاب عنه تماماً الإعلاميون المنحازون إلى الثورة بوضوح (حسين عبد الغني/ سمير عمر/ محمود سعد/ دينا عبد الرحمن/ يسري فودة) فضلاً عن تمييز في درجات الولاء وتصنيف مؤسس على وعي بمؤشرات الإقبال الجماهيري ضمن لإبراهيم عيسى ولميس الحديدي مكانة متميزة (كنجمي شباك)، وهي مكانة قائمة على صيغة ترضي النظام القديم باختيار لميس، وهي أبرز ممثليه في الإعلام، إذ كانت ضمن الفريق الذي أدار الحملة الإعلامية لمبارك الأب في آخر انتخابات رئاسية شارك فيها. وفي الوقت ذاته أراد السيسي باختيار عيسى مغازلة قوى لها هويات ملتبسة يحسبها بعضهم على «ثورة يناير» بمقدار ما تحسب ضدها.
ثمة مسافة واضحة في نبرة السيسي في اللقاءين، رغم إصراره على النظر إلى الملف الأمني كأولويه لرسم مسار دولته الجديدة، وهي دولة لن تتخلى كلياً عن مقومات وشرعية النظام القديم ونظرته للإعلام. ففي اللقاء الجامع، حافظ المرشح الرئاسي على نبرة عاطفية تنطوي على مقدار كبير من الابتزاز الجماهيري وتعيد إنتاج خطابه الإعلامي منذ دعوته لنيل تفويض شعبي لمحاربة ما سماه «الإرهاب»، في تموز (يوليو) الماضي. في حين بدا في لقاء عيسى ولميس أكثر قوة وتخلى بوضوح عن تلك النبرة كاشفاً «أنياب مستترة»، بل سعى إلى السيطرة على طموح محاوريه بخطاب أفزع المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي المقابل حافظ السيسي في اللقاءين على خطاب يغازل المرأة المصرية ويعمل على اجتذابها واعياً أن جانباً كبيراً من شعبيته تأسس على هذا الخطاب.
ومع عيسى ولميس، كشف السيسي عن كثير من تفاصيل صدامه مع الرئيس المعزول محمد مرسي، وخاض بوضوح في تفكيك الخطاب الفكري لجماعة «الإخوان»، ووجه رسائل واضحة إلى الغرب تمثلت في إفراطه في إظهار احترامه للمرأة وللتنوع الثقافي الحضاري الذي رده إلى نشأته الأولى في حي الجمالية الشعبي في القاهرة... وهي رسالة مهمة في رسم خطواته في الطريق إلى قصر الرئاسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.