جدد المثقفون السعوديون مطالبهم مؤكدين على الحاجة إلى صندوق للأدباء وعلى ضرورة النهوض بالثقافة في السعودية، وشدد هؤلاء في اللقاء الذي جمعهم بوزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد العواد ليل أول أمس في نادي جدة الأدبي، على أهمية إعادة هيكلة الثقافة والاهتمام بالمثقف والأديب السعودي. وخرج عدد من المثقفين من لقاء الوزير بانطباع جيد، كون الوزير تحدث عن رؤية جديدة للثقافة ومؤسساتها، خصوصاً أنه يأتي من حقل آخر غير الثقافة. وقال القاص والكاتب محمد علي قدس ل«الحياة» إن لقاء الوزير اتسم «بالشفافية والصراحة»، مضيفاً «أن الدكتور العواد أجاب على الكثير من الأسئلة التي توجه بها المثقفون إليه». ومن أبرز القضايا التي طرحها المثقفون على الوزير، بحسب قدس، «تعطيل اللائحة التنظيمية للأندية الأدبية وقلة الموارد وضعف موازنتها التي لا تتناسب بأي حال مع تطلعات المثقفين ونشاطاتهم». ولفت الانتباه إلى أن المثقفين والأدباء الذين حضروا اللقاء «استبشروا خيراً بما صرح به الوزير في شأن إعادة هيكلة وتنظيم الكثير من النشاطات والفعاليات الثقافية وفق منظور استثماري واقتصادي، وأهمها تظاهرة معرض الرياض الدولي للكتاب، بحيث تتمكن الوزارة من خلال ما هو مخطط لمشاريع هيئة الثقافة من الصرف على مشاريع مهمة كصندوق الأديب والجوائز الأدبية». ومما قاله الوزير إنه سيتجاوز «السبل التقليدية التي أديرت بها مشاريع الثقافة وشؤون المثقفين بفكر مختلف وأساليب أكثر مرونة وتقدماً، بما يخدم الثقافة والمثقفين»، مطالباً الأدباء والمثقفين الذين حضروا لقاءه اختيار مجموعة منهم لنقل مرئياتهم واقتراحاتهم وحلولهم للائحة الأندية الأدبية للنهوض بها وبمشاريع الثقافة. وفي اللقاء عبّر الوزير عن حرصه بلقاء نخبة من المثقفين وعلى مد الجسور للعمل والنهوض بالشأن الثقافي، مشيداً بالإنتاج الأدبي السعودي وبخاصة الحائزة على جوائز البوكر. وتطرق إلى سياسة الوزارة الجديدة التي تنصب في تأسيس ثقافة العمل مع شركاء. وقال: «نريد خلق بيئة صحية ومحفزة للعمل الثقافي وإعطاء الكاتب والمبدع مساحة أكبر من الحرية التي تمكنه من الإبداع»، داعياً جميع المثقفين والمعنيين بالثقافة إلى التعاون والعمل بروح الفريق الواحد في ما من شأنه أن يعود على الثقافة بالفائدة، كاشفاً عن وجود مشاريع ذات صلة بالثقافة، مثل المجمع الملكي للفنون والمدينة الإعلامية، مشيراً إلى تحفيز ودعم كل عمل ثقافي. وقال وزير الثقافة والإعلام إن من الضروري أن يكون للمثقفين الرأي الأول في ما يخص اللائحة، وأن تكون اللائحة فعالة وتخدم المثقف، مؤكداً أنه سيعاد النظر فيها من أجل تقديمها في شكل أكثر قبولاً. وقال أيضاً: «لدينا فكرة إنشاء مركز إعلامي لنشر الثقافة السعودية والإنتاج السعودي، وتكريس الصفة المستقلة والاعتبارية للأندية، ورئيس هيئة الثقافة ووزير الإعلام سيتعاونون في تحقيق ذلك، ونحن نبحث عن عمل ينعكس بشكل كبير على الثقافة وتقديم السعودية بصورتها الحقيقية. ستجدون منا ما يسركم وستجدون عملاً مختلفاً وليس تقليدي... وستكون هناك استراتيجية جديدة في ما يخص الثقافة». وفي ما يخص معرض الرياض الدولي للكتاب، أشار إلى حاجته إلى أفكار تغير من تقليديته التي قاربت 20 سنة، مشدداًَ على ضرورة تحويله إلى «ظاهرة ثقافية متكاملة وعامل منتج اقتصادي»، متسائلاً عن كيفية تحقيق عوائد اقتصادية منه «ويكون جزء من ريعه يصب في صندوق الأدباء، كما يكون معرض الكتاب مساهماً في نهوض واستمرارية صندوق الأدباء». وذكر الوزير أن العمل جارٍ مع استشاريين على «تحويل مكتبات الوزارة إلى خلية نحل دائمة الحركة، وتحوي إضافة إلى القراءة وسائل ترفيه». ومن الأمور التي تم التطرق إليها، إنشاء صندوق يكون عوناً للمثقفين في المشاركة في أي مناسبة ثقافية حول العالم، «فقط نحن في حاجة إلى بعض من الوقت وسترون بحول الله الكثير من هذه الأفكار في طور التحقيق». وأكد الدكتور العواد ضرورة العمل «للدفاع عن المملكة تجاه الهجمات الشرسة التي تواجهها»، داعياً المثقفين إلى التعاون في حل إشكالية اللائحة الأدبية. وقال إن أولويات «هيئة الثقافة» الاهتمام بكل ما هو ثقافي من سينما ودار أوبرا. وعبر مثقفون عن خشيتهم من ذهاب هذه المناشط إلى «هيئة الترفية». وكانت غالبية المداخلات تطرقت إلى وضع اللائحة الأدبية وضرورة النظر فيها وتعديلها، وإلى المكرمة الملكية للأندية التي لم تصرف بعد، وإلى عدم تسلم الفائزين بجوائز وزارة الثقافة والإعلام لجوائزهم. ومما أمكن ملاحظته على لقاء الوزير بالمثقفين الحضور الباهت للمثقفات الذي لم يتجاوز 10 نساء. وبعد اللقاء زار الدكتور العواد جمعية الثقافة والفنون وتجول في مرافقها، كما حضر بروفات عدد من المسرحيات، إضافة إلى تسليمه جوائز دورة البيانو التي نظمتها الجمعية أخيراً. وفي هذه الزيارة إلى الجمعية، لوحظ غياب أعضاء مجلس إدارة «أدبي جدة»، إذ لم يرافق الوزير أيٌّ منهم.