دأب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة على إقامة لقاء مفتوح مع المثقفين والمثقفات في المملكة والمشاركين في فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب في مواسمه السابقة؛ وذلك بتخصيص هذا اللقاء المفتوح في آخر فعالية من الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض، وهي خطوة تعد إيجابية أن يستمع وزير الثقافة والإعلام إلى جملة من المطالب والأمور التي يرغب المثقفون والمثقفات في المملكة في تحقيقها ورسمها على خارطة المشهد الثقافي السعودي خلال المرحلة المقبلة. وربما يكون هذا اللقاء فاتحة أمل في ختام أيام معرض الكتاب الذي شهد الكثير من النقاشات ودارت حوله العديد من السجالات، فمن المرجح أن تنقل كثير من هذه الحوارات التي دارت بين أروقته وفي أوقات كثيرة بشكل غير حضاري أن تكون على مسرح الفعاليات أكثر حضارية، وأكثر نضجًا، وأكثر شفافية، وأدبًا، وأخلاقًا، وأكثر حرية في طرح وجهات النظر، واستيعاب وجهات النظر الأخرى، كل هذا وغيرها الكثير من الآمال التي يتمنى المثقفون والمثقفات في المملكة أن تتحقق عبر هذا اللقاء، وعبر هذا النقاش الذي ربما يثمر عن مسودة ربما تستفيد منها وزارة الثقافة والإعلام في مقبل فعالياتها الثقافية، وفي سبيل الاستفادة منها أيضًا في وضع خططها وأهدافها ووسائلها، وأن تكون هذه المقترحات والاستفسارات والآمال التي ستطرح مساء الغد محط أنظار القائمين عليها في وزارة الثقافة والإعلام، بل لا بد أن يتعدى الأمر إلى عقد ورش عمل حيال كثير من هذه المطالب التي بلا شك تصب في المصلحة العامة، وتسعى إلى تحقيق المنشود للمشهد الثقافي السعودي. وتأتي هذه المطالب الثقافية التي يرجو المثقفون أن يسمعوا عنها خيرًا في هذا اللقاء في ظل تفاؤل وأمل مرجو من الوزارة ووزيرها، وبخاصة أن كثيرًا من لقاءاته السابقة قد اتسمت بالوضوح والشفافية والرأي الإيجابي حيال كثير من هذه القضايا المتعلقة بالشأن الثقافي. تظاهرة ثقافية ويرى كثير من المثقفين والأدباء في المملكة أن مجرد تخصيص لقاء للحديث عن الثقافة وهمومها في مجتمعنا السعودي ومع أعلى مسؤول مباشر عن هذا الهم وفي فعالية وتظاهرة ثقافية يعد أمرًا إيجابيًا وستتحول إليه كل الأضواء، فالجميع ينتظر فرصة لقاء كهذا؛ المخالف لها، والموافق كذلك، وهو لقاء ربما يردم فجوة عميقة بين الطرفين، أما الطرف الثالث الذي عزل نفسه عن الوزارة وهمومها الثقافية فهذا اللقاء فرصة لأن يعيد من خلاله النظر إلى كثير من القضايا المشتركة بينه وبين الوزارة، وسبيل إلى إقامة حبل ود متصل، ودائم. ويلفت عدد من المثقفين الى أن يكون هذا اللقاء لتوحيد الحديث عن العديد من القضايا المشتركة والعامة دون الخوض في المواقف والتفصيلات التي قد تفقد هذا الحوار وهجه، وفعاليته، ودون أن يتحول إلى ساحة قذف للتهم. كما يرى المراقبون والعاملون في الشأن الثقافي العام أن يلمس هذا اللقاء الكثير من الخطوط العريضة التي تنوي الوزارة تغييرها، وتفعيلها مستقبلًا، وأن تتحدث عن رؤيتها حيال هذه القضايا، وهي فرصة لأن تسمع من جميع المثقفين رؤيتهم أيضًا حيالها، حتى تتشارك مع الكل في صياغة رؤية ثقافية طموحة. هاجس المراكز الثقافية ومن أهم القضايا التي يرى عدد من المثقفين والأدباء التطرق إليها والتي تشكل لديهم هاجسًا كبيرًا هي تحويل الأندية الأدبية إلى مراكز ثقافية وهي الفكرة المطروحة حاليًا والتي تشتغل عليها وزارة الثقافة والإعلام، حيث يرى المراقبون أن هذه الخطوة غير واضحة المعالم، وهم لا يطمحون أن يكون التغيير فقط في الأسماء، لأن مثل هذا سيطفي قنديل بعض الأندية الأدبية التي تعمل بنشاط وحيوية، وهم يرون أن تتريث الوزارة في خطوة كبيرة كهذه، وأن تدرسها جيدًا في ظل معطيات الواقع الثقافي الحالي للمملكة. لائحة الأندية الأدبية ويأتي الحديث عن لائحة الأندية الأدبية التي طرحت مؤخرًا من قبل وزارة الثقافة والإعلام، وأعيدت من قبل لجنة متخصصة لإجراء عدد من التعديلات عليها، والنظر في جملة من المواد التي لا بد أن تكون حاضرة في اللائحة، فكثير من المثقفين والمثقفات يأملون أن يتحقق المرجو من اللائحة وذلك عبر استيعابها لأكبر قدر ممكن من التعديلات التي تتمشى مع الوضع الثقافي الراهن الذي تشهده المملكة هذه الأيام وأن تكون صورة معبرة بحق عما تحقق للأندية الأدبية من مكانة طوال مسيرتها وتاريخها الطويل، فاللائحة كما يرى الكثير تحتاج إلى كثير من التعديلات فلا بد أن تعدل بما يتواكب مع طموحات المثقفين، وأن تكون لائحتهم بما يعبر عنهم من تطلع للمشهد الثقافي والأدبي في المملكة. وتعد هذه التعديلات التي تجريها وزارة الثقافة والإعلام خطوة إيجابية في سبيل تصحيح مسار هذه اللوائح، وربما يعد إعلان كل لائحة في وقتها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وقبل بدء العمل في تطبيقها أمر مطلوب حتى يتسنى لها أن تسمع كل الأصوات التي يمكن أن تبوح بشيء تجاه أي مادة من موادها، أو تقترح تعديلًا على واحدة من فقراتها. وتعد خطوة تعديل لائحة الأندية الأدبية بسبب كثرة ما واجهته الوزارة من نقاش وملاحظات خلال الأيام الماضية، من قبل عدد من رؤساء الأندية والمثقفين حول ما اعتبر ثغرات في اللائحة التنظيمية خصوصًا فيما يتعلق بمسألة عضوية الجمعية العمومية. وهذا الأمر هو ما حصل بالفعل فبعد أن أعلنت وزارة الثقافة والإعلام لائحة الأندية الأدبية بادرت إلى تشكيل لجنة من أعضاء عدد من الأندية الأدبية هي: القصيموجدة والمدينة وأبها وتبوك لمراجعة اللائحة التنظيمية للأندية والنظر في التعديلات المطلوبة ورفعها لوزارة الثقافة والإعلام من جديد لاعتمادها. ومن أبرز تلك المقترحات التي قدمتها الأندية الأدبية والتي وصلت للجنة المكلفة مقترحات متعلقة بالتعريفات ومقترحات تشمل بعض الإجراءات في عملية الانتخابات ومقترحات تخص الهيكل الإداري للأندية الأدبية، ومقترحات أخرى تخص العضوية ومقترحات حول اللائحة المالية وميزانية الأندية من قبل بعض الأندية التي تعاني من قلة الميزانيات المعتمدة لها، ومقترحات حول المكافآت التي قامت بتحديدها اللائحة المالية. وربما يكون من أبرز التعديلات التي ستطال اللائحة هو عدم تقييد التخصص للمرشح والاكتفاء فقط بدرجة البكالوريوس لمن يرغب دخول الجمعية العمومية للأندية، وهذا الأمر هو ما أثار العديد من ردود الأفعال عند عدد من المثقفين، وهو ما اعتبروه شرطًا تعجيزيًا. لائحة النشر الإلكتروني ولائحة النشر الإلكتروني هي الأخرى كان الهدف من ورائها تنظيم هذا النشر وتحديد مرجعية نظامية للتعامل معه في إطار الحرية المسؤولة، وفيما يخص التعديلات التي أدخلت على لائحة النشر الإلكتروني، أوضح الدكتور خوجة أنها شملت أربع عشرة مادة من مواد اللائحة العشرين، كما تم استبعاد مادة بكاملها تختص بأمور تنظيمية لا علاقة لها باللائحة، مشيرًا إلى أن من أهم ما تم تعديله الأنشطة التي تحتاج إلى ترخيص، وشروط راغبي الترخيص، وشروط تعيين رئيس تحرير الصحيفة الإلكترونية. وما استبشر به كثير من المتابعين حول لائحة النشر الإلكتروني هو التأكيد على إمكانية التعديل في المستقبل، متى ما دعت الحاجة إلى ذلك، كما تم إنشاء صفحة على الفيس بوك باسم لائحة النشر الإلكتروني لكل من رغب الاطلاع عليها أو إبداء وجهة نظر بشأنها. القناة الثقافية كما أن حديث المثقفين عن قناتهم الثقافية لا ينقطع في كل مناسبة خاصة أو عامة لأنها كما يرون صوتهم الذي يمثلهم عبر فضاءات واسعة، ولكن القناة بصورتها الحالية لا تزال بحسب رأي غالبية المثقفين دون مستوى صورة الإنسان السعودي المثقف، وتصوير الحراك الثقافي السعودي، ويرى المثقفون أن القناة تفتقد إلى الهيكل البرامجي الواضح، وهي أيضًا بحاجة إلى كوارد مدربة ومؤهلة ومثقفة لإدارتها، وإذا ما بقيت بهذه الصورة فهي إساءة للثقافة في المملكة. كما أن الحديث هنا متصل عن القنوات السعودية الأخرى التي أطلقتها الوزارة أو تنوي أن تطلقها في مقبل الأيام، إذْ لا بد بحسب رأي المراقبين والمختصين أن تكون هذه القنوات، وسيط عبور بين الوسط السعودي، والخارج، وأن تكون على قيمة عالية من المهنية، والجودة من خلال برامجها، وكوادرها المؤهلة. الصحف الورقية والإلكترونية كما أن الحديث يمتد في مجال الإعلام إلى الصحف الورقية والإلكترونية، من حيث فتح مجالات أوسع لصحف قادمة في المجالين الورقي والإلكتروني، ودعم توجهاتها، وتسهيل إجراءاتها، وما اللائحة إلاّ واحدة من هذه الإجراءات التي يرغبون في تعجيل تفعيلها لكي تكون في حيز التنفيذ قريبًا. ومن القضايا المطروحة للنقاش هي فكرة دعم المثقف السعودي من خلال شراء مجموعة من كتبه ومؤلفاته، وهم يتخوفون من هذه النقطة التي تحتاج بظنهم إلى تقنين عملية الشراء والدعم هذه للمؤلف والناشر السعودي من حيث قيمة الكتاب وجدارته وأهميته ومستواه الإبداعي. اتحاد الكُتّاب السعوديين ويستمر الحديث عن قضايا كثيرة معادة، وربما هي فرصة في هذا اللقاء أن تطرح بكل شفافية ووضوح، وذلك مثل إمكانية إنشاء اتحاد للكتاب السعوديين، ورابطة الأدباء السعوديين، وصندوق المثقفين للتنمية، والهيئة العامة للكتاب، وتفعيل دور المكتبات العامة، وتحسين المشاركات الخارجية للوزارة، وتوسيع نطاقها، والحرص على إيجاد العديد من الجوائز الأدبية والثقافية التي تدعوهم للمزيد من العطاء والإبداع، وغير ذلك الكثير من المطالب والقضايا والقنوات الثقافية والأدبية التي يطمح إلى تحقيقها المثقفون. ويأمل المراقبون ألا يكون هذا اللقاء وغيره كثير من لقاءات تسكين للجروح، وتضمد للآلام، بل لا بد من علاج ناجع، وفعال به تحل أغلب الإشكاليات الثقافية في السعودية، وبه تسوى أبرز الخلافات على كثير من القضايا، فالحديث لمجرد الحديث، أو كما صوره البعض بالمسامرة الثقافية التي ينتهي حديثها إذا انفض سامروها، أمر لا يعود على الثقافة في السعودية بالنفع. وكما يأمل المثقفون والمثقفات خيرًا من هذا اللقاء المفتوح مع وزيرهم يوم غد فإن الحديث لا بد أن يمتد إلى ما أعلن عنه مؤخرًا من قبل وكيل الوزارة للشؤون الثقافية عن إقامة ملتقى المثقفين الثاني، حيث عدّ كثير من المراقبين والمهتمين بالشأن الثقافي في المملكة إعلان وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور عبدالله الجاسر عن إقامة الوزارة لملتقى المثقفين الثاني في الثاني من جمادى الآخرة المقبل وبعثه من جديد وقيامه من قبل وزارة الثقافة والإعلام بحد ذاته يعد أمرًا مطلوبًا في ظل احتقان ثقافي يمر به المجتمع عبر أطيافه المتنوعة. حيث شهدت ملتقيات المثقفين السابقة التي عقدت في الرياضوجدة بعد تغيير مسمّى وزارة الإعلام لتصبح وزارة الثقافة والإعلام العديد من السجالات الفكرية والثقافية حين تمت مناقشة استراتيجية التنمية الثقافية للمملكة بناءً على ما ضمته هذه الملتقيات من أطياف متعددة من أبناء المجتمع، إلى جانب إثارته للكثير من الاستفهامات الثقافية حول ما تمخضت عنه اجتماعات هذه الملتقيات من توصيات. ومع تبني وزارة الثقافة والإعلام من جديد لإقامة ملتقى المثقفين، فإن الوزارة تضم إلى جانب تنظيمها السنوي لمعرض الكتاب الدولي بالرياض، وعزمها على تنظيم مؤتمر الأدباء السعوديين كل عامين، وجهة ثقافية أخرى ربما يكون لها تأثيرها الواضح في رسم الخارطة الثقافية السعودية المنتظرة من كل هذا العمل والجهد. وعليه يؤكد المهتمون من المثقفين والأدباء وغيرهم أن هذا اللقاء لا بد أن يخرج بعدد من التوصيات، وأن ينظر إلى كثير من الاقتراحات، والآراء التي قيلت فيه بعين الجد، حتى يمكن تطبيق جزء منها أو أغلبها على أرض الواقع مستقبلًا. تطوير معرض الرياض إن معارض الكتب في أي مكان في العالم تمثل دورًا ثقافيًا، وتثقيفيًا مهمًّا في حياة الشعوب والأمم في العصر الحديث، وهي فكرة تستحق الإشادة والعناية، وبخاصة عندما نشهد معارض كتب عالمية فكلها تمثل تظاهرات ثقافية مهمة في كل عام، والأمل أن يكون معرض الرياض الدولي للكتاب واحدًا من أشهر المعارض العالمية بما يقدم من خلاله من فعاليات ثقافية لا تهم الشأن المحلي فقط، وإنما تهم الشأن العربي والعالمي، وما نشهده في كل عام من دورات هذا المعرض من فعاليات ثقافية كبيرة دليل على الرهان الواضح على أن يكون هذا المعرض أول المعارض العربية وفي مصاف المعارض العالمية. ومطالب كثير من هؤلاء المثقفين بأن يظل الكتاب هو الحدث الأبرز في معرض الكتاب بعيدًا عن الفعاليات الثقافية المصاحبة، أو الأحداث المفتعلة لتشويه هذه التظاهرة الثقافية، وعليه يدور الحديث وتفتح القضايا، ومن أهمها أن يقدم معرض الرياض هذا الكتاب كما هو الكتاب بعيدًا عن التصنيفات والتوصيات والعراقيل والخطوط الوهمية التي يروج لها البعض، وأن تحضر دور النشر المشاركة وليس لديها ما تبيعه من تحت الطاولة، أو خارج سور المعرض، بل تترك لها مساحة من الحرية تدفع من خلالها بمنتوجها الثقافي والفكري لهذا المثقف السعودي المتلهف لكل جديد، والقاطع لمئات الكيلو مترات رغبة في أن يجد ما يبهج عقله، وأن تكون الأيام التي اقتطعها للحضور إلى أرض المعرض تستحق أن تكون علامة فارقة في تاريخه، وحياته.