كشفت رئاسة مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية عن تلقي المركز عدداً من الطلبات الدولية لتقديم استشارات، بهدف إعادة تأهيل رعاياها العائدين من مناطق الصراع تفادياً لخطورتهم، وذلك بعد نجاح تجربة المركز الداخلية في إعادة التأهيل الفكري وتعزيز الانتماء الوطني للواقعين في الغلو والتطرف في المملكة، فيما رفض المركز المتخصص بالمعالجة الفكرية، الاتهامات الموجهة إليه ب«القصور» أو «الفشل»، مؤكداً تطوير آليات عمل المركز بعد تقييم عمله علمياً. وقالت رئاسة المركز في تصريح ل«الحياة»: «للمركز العديد من المشاركات العالمية بطلب من دول معينة، ومؤسسات عالمية متخصصة، وذلك بغرض نقل تجربة المملكة في مجال إعادة التأهيل الفكري للمتطرفين، إذ إن مشكلة التطرف والعائدين من مناطق الصراع لم تعد مشكلة تتصل بمنطقة أو دولة معينة»، وأضافت: «تحرص الكثير من دول العالم على القيام بعمل وقائي لتفادي خطورة بعض رعاياها العائدين من مناطق الصراع، وكذلك تحصين أفراد مجتمعاتها من أخطار التطرف بوجه عام». وأضافت: «أيضاً للمركز مشاركات في المؤتمرات وورش العمل العالمية المتعلقة بتعزيز سبل مواجهة ظاهرتي التطرف والإرهاب، إذ بلغ عدد مشاركات المركز منذ تأسيسه حتى الوقت الحالي 95 مشاركة عالمية، كما قدم استشارات متخصصة ل15 دولة، وعرض التجربة ل602 وفد زائر منها 385 وفداً خارجياً، و217 وفداً داخلياً»، مشيرة إلى أن هذه الوفود استفادت من تجربة المركز بشكل مباشر وغير مباشر، لافتة إلى أن المركز أقام شراكات فعالة مع مؤسسات عالمية عدة منها: المركز الدولي لمكافحة الإرهاب ومركز جنيف لسياسات الأمنية ولجنة هيئة الأممالمتحدة، كما اعتمد المركز كبيت خبرة عالمي في مجال إعادة التأهيل لدى المنظمة الدولية ومكافحة الإرهاب بهيئة الأممالمتحدة والمنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب ومعهد الأممالمتحدة لأبحاث الجريمة المنظمة والعدالة (يونكري). وحول الانتقادات التي وجهت للبرنامج والمطالبات المستمرة بإعادة النظر في آلياته بعد تصدر أسماء بعض الخاضعين له قائمة المطلوبين أمنياً أو منفذي العمليات الإرهابية، قالت رئاسة المركز: «يوظّف المركز آليات علمية لتقييم العمل بشكل مستمر وتطوير الآليات والأدوات بشكل ديناميكي، وذلك لأن الظاهرتين التي يتصدى لهما (التطرف والإرهاب) لا يتسمان بالكمون وإنما متطورتان». مؤكدة أن طبيعة عمل المركز تستلزم التحديث المستمر، وأضافت: «التطوير لهذه الآليات لا يعني القصور فيهما، وإنما المرحلة تتطلب التغيير، رافضة الاتهامات الموجهة إلى المركز بالقصور الفشل». وقالت أيضاً: «تناول مواضيع عمل المناصحة من أشخاص غير مختصين في هذا المجال يؤدي إلى إطلاق أحكاماً عامة وغير دقيقة على دورها الفعلي»، مشيرة إلى أن المحك الفعلي للتقييم يستند على المخرجات الفعلية التي يجسدها عدد المستفيدين من برامجه، الذي تجاوز 3 آلاف مستفيد، بنسبة نجاح تتجاوز 85 في المئة، إضافة إلى سعي العديد من المؤسسات الدولية المتخصصة للاستفادة من تجربته، وكذلك ما يقوم به من جهود وإجراءات خاصة موجهة لمختلف شرائح المجتمع بالشراكة مع المؤسسات الحكومية والأهلية طوال السنوات الماضية، التي لم يسلط عليها الضوء، وإنما مفعلة على أرض الواقع. وأكدت رئاسة مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية خلال حديثها ل«الحياة» أن المركز من خلال برامج المناصحة والتأهيل والرعاية اللاحقة استطاع تحقيق رسالته التي تنص على «إعادة تأهيل المتورطين في الجرائم الإرهابية، وتعزيز انتمائهم للوطن، وكذلك الإسهام في تعزيز الجهود الوقاية بأوساط المجتمع»، مشيرة إلى أن نسبة نجاح البرنامج التي بلغت 85 في المئة تعد في علم الجريمة مرتفعة جداً مقارنة مع نسب النجاح في برامج التأهيل المعمول بها في السجون العالمية للمتورطين في الجرائم التقليدية، التي تراوح ما بين 40 و60 في المئة. وأضافت: «لا بد أن نأخذ في الحسبان أن المركز يتعامل مع قضية بالغة التعقيد وهي الفكر، إذ إن هذه القضية معقدة التشخيص طويلة العلاج». المركز الذي تلقى العديد من الاتهامات على رغم تخريجه 36 دفعة خلال تسعة أعوام، لاقى موجات دفاعية كبرى من جهات ومؤسسات وأشخاص من ذوي الاختصاص، كان من بينها تأكيد المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي، في وقت سابق أن نسبة العائدين إلى سابق عهدهم ممن خضعوا لبرنامج المناصحة لا تتجاوز 15 في المئة من إجمالي مستفيدي البرنامج، مؤكداً استجابة 85 في المئة ممن يخضعون للبرنامج بشكل كامل له، ويعودون عن الأفكار الضالة، كما أن الكثيرين منهم - بحسب ما أكده المتحدث الأمني - يبادرون بتقديم معلومات تساعد في القبض على إرهابيين وإحباط العديد من العمليات الإرهابية، مشدداً على أن عودة البعض منهم إلى الفكر الضال لا تنتقص من نجاح برنامج المناصحة ونتائجه.