وزير البلديات يقف على مشروع "الحي" بالمدينة    «حزب الله» في مواجهة الجيش اللبناني.. من الذي انتصر؟    تأهيل عنيزة يستضيف مؤتمر جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الدولي الشهر القادم    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات    خبراء الكشافة: أهمية الطريقة الكشفية في نجاح البرنامج الكشفي    الأمير عبدالعزيز الفيصل يتحدث عن نمو السياحة الرياضية    انعقاد الاجتماع التشاوري للدورة 162 لمجلس الوزاري الخليجي    آل دغيم يهنيء سمو محافظ الطائف ومجتمع الطائف بهذه الخطوة التنموية    أمير تبوك يستقبل مطير الضيوفي المتنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    "الأمن السيبراني".. خط الدفاع الأول لحماية المستقبل الرقمي    استشهاد تسعة فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بذكرى استقلال بلاده    الإحصاء: ارتفاع الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة 17.4 % خلال عام 2023    اليونسكو: 62% من صناع المحتوى الرقمي لا يقومون بالتحقق الدقيق والمنهجي من المعلومات قبل مشاركتها    انخفاض أسعار النفط وسط زيادة مفاجئة في المخزونات الأميركية وترقب لاجتماع أوبك+    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الاستسقاء في جامع الإمام تركي بن عبدالله    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    محافظ صبيا يؤدي صلاة الإستسقاء بجامع الراجحي    «مساندة الطفل» ل «عكاظ»: الإناث الأعلى في «التنمر اللفظي» ب 26 %    الداود يبدأ مع الأخضر من «خليجي 26»    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    «الدرعية لفنون المستقبل» أول مركز للوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا    المملكة تشارك في الدورة ال 29 لمؤتمر حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    السعودية ترأس اجتماع المجلس التنفيذي ل«الأرابوساي»    27 سفيرا يعززون شراكات دولهم مع الشورى    في «الوسط والقاع».. جولة «روشن» ال12 تنطلق ب3 مواجهات مثيرة    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    السياحة تساهم ب %10 من الاقتصاد.. و%52 من الناتج المحلي «غير نفطي»    شخصنة المواقف    سلوكياتنا.. مرآة مسؤوليتنا!    النوم المبكر مواجهة للأمراض    غولف السعودية تكشف عن المشاركين في البطولة الدولية    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    الشائعات ضد المملكة    نيمار يقترب ومالكوم يعود    الآسيوي يحقق في أداء حكام لقاء الهلال والسد    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    يوسف العجلاتي يزف إبنيه مصعب وأحمد على أنغام «المزمار»    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    باحثة روسية تحذر الغرب.. «بوتين سيطبق تهديداته»    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشقير: مشكلات المرأة ستنتهي لو تم التعامل معها من غير وسيط!
نشر في الحياة يوم 23 - 05 - 2017

{ علم الاجتماع هو العلم القادر على معرفة ماهية المجتمعات والخوض في فلسفة الثوابت والمتغيرات فيه.. عبدالرحمن الشقير يحمل دكتوراه في علم الاجتماع، ويعد من الباحثين الجادين في شتى قضايا المجتمع واهتماماته. ضيفنا يشتكي من رؤية صاحب القرار للبحث العلمي، وعدم الجدية في الدراسات البحثية المقامة، وخروج الكثير منها بنتائج لا تمت للواقع بصلة. يرى في التطور الاجتماعي والثقافي عندنا مؤشراً إيجابياً، وبشارات لصراعات مقبلة بين تياري التقليد والحداثة، يسكنه إيمان تام بأن الأدوار في المجتمع تغيرت، فلا بد من إعادة توزيع الصلاحيات، ومنح أطراف فيه حقوقاً أكثر. الدكتور عبدالرحمن يرى أن الإرهاب فشل في هدم كيان الأسرة عندنا، ويخاف من نصوص الترغيب والترهيب التي يتم غسل عقول شبابنا بها، وتقديمهم بعدها كقنابل موقوتة.
في حوارنا مع الدكتور الشقير، سنتلمس الرصانة في الطرح، والوسطية في الخطاب، والجلوس على مسافة واحدة بين مختلف التيارات. هدوء صوته وقسماته يخفي خلفهما قوة في الفكر والأسلوب، ليصل بنا للحقيقة باقتناع تام.. إلى الحوار:
الطبقة المتوسطة في مجتمعنا، هل من خوف عليها من شيء؟
- الخوف هو من فهم بعض المسؤولين لمفهوم الطبقة الوسطى، ولاحظت من خلال حضوري لعدد من ورش العمل التي ترعاها الجهات الرسمية، عدم تقيدهم بالمفاهيم والتعريفات المعتمدة في المنظمات الدولية، وفي أدبيات العلوم الاجتماعية. وأدى ذلك إلى خلل في تعريف الطبقة الوسطى، إذ اقتصرت نظرتهم على أسس اقتصادية، مع إهمال الجانب الاجتماعي والثقافي الذي لا يقل أهمية في تصنيف تلك الطبقة عن الجانب الاقتصادي.
لذلك فإن الخوف الاقتصادي والاجتماعي المقبل سيكون على الطبقة الوسطى الهشة لارتفاع نسبتها، ولاعتماد أكثرها على الدخل السريع التأثر بالمتغيرات كالوظيفة والتجارة الصغيرة والمهن البسيطة، ولضعف ثقافتهم الادخارية، ولاستهلاكهم العالي، إذ سيواجهون أزمة رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع والخدمات الأساسية، والمؤمل من منظومة «حساب المواطن» مواجهة هذا التغير الكبير بالدعم المباشر، وبالتثقيف الاقتصادي.
وتكمن أهمية التشديد على ضمان الانتقال السلس للوضع الجديد لخطورة انهيار منظومة القيم الاجتماعية، واختلال الأمن، ومن ثم زيادة البطالة، وانتشار الجريمة، واتساع الفجوة الطبقية.
كيف ترى منزلة عالم الاجتماع في مشهدنا الثقافي الآن؟
- أرى ضرورة إشراك علمي الاجتماع والتاريخ في منظومة التغيير والتحديث، بوصفهما أحد كوادر الانتقال من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الحديث. فالفرصة الآن ثمينة ولا تعوض.
ويكفي أن تعرف أنه لا يوجد مركز بحثي سعودي مرموق عربياً حتى الآن، على رغم وجود فرصة عظيمة لصعود المملكة في مجالات البحث والترجمة، وملء الفراغ الحاصل بعد ثورات الربيع العربي (2011) التي أنهكت مراكز البحث والترجمة العربية المرموقة في مصر وسورية ولبنان، وهذه نقطة خطرة ينبغي التوقف عندها، وقد كسبت دول مجاورة ملء بعض الفراغ واستقطاب الكفاءات وتأسيس مراكز الفكر والبحث، وللإبداع متسع.
يرى البعض أن جمود البحث العلمي سبب الأزمات بين التيارات في المجتمع، ما رأيك؟ هل نعاني من جمود البحث أم من تعنت الباحثين؟
- كقاعدة عامة يمكن أن أقول إن كليهما صحيح، بل أراه ينطبق على البحث العلمي في أكثر العلوم. والسبب في رأيي هو عدم معرفة مراكز البحث ومؤسساته وكراسيه العلمية، الحكومية والخاصة، لدورها الفعلي.
إذ تاهت هويتها بين البحث والترجمة أو حل المشكلات أو توزيع جوائز، والتمركز حول بحث الظواهر التقليدية، وتحاشيهم درس الظواهر الحية والقضايا الحساسة، وسبب آخر هو كثرة وعود المسؤولين بالإنجازات وتوقيع الاتفاقات للتسويق الإعلامي فقط، وسبب أخير وهو إدارة مراكز البحوث بطرق بيروقراطية.
ويبدو لي أن سبب التعنت هو تحيز الباحثين والمراكز لأيديولوجياتهم أو مرجعياتهم العلمية، أو لعدم نزولهم للميدان والتعرف على الواقع. والرهان المقبل سيكون لمصلحة علم الاجتماع على يد أجيال محتجة على الوضع السائد.
النصوص الشرعية المسكوت عنها، هل في خروجها خطر على المجتمعات؟
- أرى أنه لا يوجد نص شرعي يشكل خطراً على المجتمع، ففي القرآن الكريم والسنة النبوية مواقف كثيرة تواجه التهم وترد على الشبهات.
ولكني أشير إلى ما فهمته من السؤال، وأقول إن التشدد جزء من المسكوت عنه، ودخل إلى مجتمعنا ضمن مشروع الصحوة الكبير، إذ غيبت كثير من النصوص المتسامحة في العبادات والمعاملات والتي تيسر مصالح الناس، وفي المقابل ضُخمت نصوص خلافية في السلوك والزي حتى التزم بها الناس خوفاً من ضغط المجتمع وليس اقتناعاً بها.
المستجدات الاجتماعية والخطط التطويرية للدول، هل تحتاج لموافقة شرعية عليها؟
- أنا مؤمن بأن الخطط التطويرية ينبغي أن تنبع من قيم المجتمع، أو أن تُطرح قيم تهيئ المجتمع للتغيير، وعندي قناعة بأن القرار السياسي أو الفتوى الشرعية إنما يكتسبان قوتهما من تقبل المجتمع لهما وتفعيله لمضمونهما، واليوم نلحظ انخفاض تأثير الفتوى في المجتمع عما كان عليه في السابق بشكل كبير، ويبدو أن السبب هو عدم استيعاب الفتوى للتغيرات وعدم انفتاحها على المجتمع، في حين استوعبها القرار السياسي.
وفي المقابل فإن انحسار القدوات في المجتمع سيؤدي إلى فقدان قيادة السواد الأعظم منه، الذي كان يقوده سابقاً أشخاص لديهم سمة القيادة، ويمثلون قدوة في مجالهم.
انفتاح مجتمعنا على الترفيه، كيف تقرأ تبعاته كمتخصص في الاجتماع؟
- من المهم التأكيد على أن مجتمعنا بكل تياراته، مثل غيره من المجتمعات، يحب الترفيه والسفر بدليل أنه يخطط جيداً لإجازات نهاية الأسبوع والصيف والأعياد، وأقرت هيئة الترفيه برامج ترفيهية بسيطة تناسب فئات منه، ولم تجعلها في أماكن عامة، ومن السابق لأوانه التنبؤ بالتبعات لحداثة التجربة، وتوجد شريحة مهمة من المتدينين والمحافظين يرون أن الترفيه أسلوب حياة لا يليق بالمجتمع.
وبسبب هذا التضاد سينتج صراع رمزي يمثل بداية صراع جديد بين الحداثة والتقليد، أو بين الفكرة والفكرة المضادة، وغالباً ما ينتج منها في النهاية فكرة ثالثة تصالحية.
ومع تفهمي لحداثة تجربة هيئة الترفيه، وتصديها للترفيه منفردة من دون إشراك القطاع الخاص حتى الآن، إلا أني أقترح أن تعرف الهيئة دورها بشكل صحيح، وأن تنطلق من رغبة المجتمع أولاً، وتركز على الفنون الشعبية والثقافات المحلية وتعيد اكتشافها وتحديثها، وتعلن استراتيجيات بعيدة المدى تؤكد تعزيز الاستهلاك الثقافي كبديل للاستهلاك المظهري، وانتقاء برامجها على أسس ترفيه ينتهي برفع الذائقة المجتمعية وتزويد أفراد المجتمع برأسمال ثقافي.
كما أن مجرد نقل فعاليات من دول أخرى لا يعد نجاحاً، ما لم تكن هناك صناعة متكاملة للترفيه في بلادنا.
وقد يكون من فرص النجاح للهيئة أن تفتتح برامج التعليم بالترفيه؛ فإن ذلك مدعاة لقبول شريحة كبيرة من المجتمع لبرامجها، ودافع للمشاركة الكبيرة فيها.
من سمح لبعض الاجتهادات بتسهيل إباحة الدماء بين المسلمين بتأويل نصوص وحجج لها نص يملك أكثر من قراءة؟
- هذه قضية كبيرة ولها أبعاد متعددة، ولكني أكتفي بأن أفسرها بأنها الرغبة في السيطرة على المجتمع من خلال ربط البسطاء بتحريف تفسير نصوص الترغيب والترهيب، ثم توجيههم.
قتل الأهل والأقارب تقرباً إلى الله، كيف وجد له مكاناً بيننا؟
- أدرك الإرهاب أن مشروع تأسيس «الذئاب المنفردة» لأهداف ضرب قداسة الأسرة فشل، لأنه قوبل بنبذ شعبي عال، والحذر الآن من أن يأتي بعده مشروع تأسيس نمط إرهابي جديد لا يقل لؤماً عن سابقه.
حتى متى ونحن نعيش معركة النص وعدم اتفاقنا عليه، فكل ينتصر للنص الذي يواكب هواه؟
- من الطبيعي بل من الجيد أن نعيش معارك النص، وعدم الاتفاق عليه، بشرط أن ينتصر للنص بالمنهج والمنطق. ولكن من غير الطبيعي أن ينتصر الشخص للنص بمبررات ساذجة وإسقاط ركيك على الواقع، يعتمد على مخاطبة العاطفة بالمثاليات، ثم يستعدي السلطة والمجتمع ضد خصومه، ويصنف من يخالفه بوصم ينبذه اجتماعياً. وهذا هو ما يحدث الآن وللأسف.
لذلك عندما يقال إننا لم نخرج من العصر الجمود الفكري والفقهي حتى الآن فبسبب انتشار هذه الظواهر غالباً.
لماذا عندما تطل قضايا المرأة يختلط كل شيء، ويتداعى الكل ويختصم؟
- أعتقد أن المجتمع في فترة سابقة ضحى ببعض حقوق المرأة، حتى صار جهلها أو تعليمها المنخفض سابقاً لا يعتبر أمية، وجلوسها في البيت لا يعتبر بطالة، وبسبب ذلك تعرضت المرأة لتهميش تاريخي طويل، إذ شارك بعض رجال الدين، زمن الصحوة، بفتاوى أسهمت في استخدام المجتمع لإخضاع المرأة، وفي الضغط على السلطة السياسية من أجل سن أنظمة تحد من حريتها، وأخيراً قبول المرأة نفسها بوضعها الهامشي.
وعندما تحركت بطريقة فجائية ومكثفة وركز عليها الإعلام الغربي اختلط كل شيء.
الاختلاط.. الولاية.. الوصاية.. إلخ، متى سينتهي الخلاف فيها؟
- يمكن أن أسمي هذا العصر بعصر انتزاع الحريات، إذ صار الإنسان عموماً، وليس المرأة فقط، مسلوب الإرادة الكاملة، وبالكاد يقوم بأعباء نفسه، وتتطلب حال الكثير من الناس أن تشاركه زوجته وابنته في تحمل الأعباء.
ومن هنا ينبغي أن تعطى المرأة كامل حقوقها، وتكون مثل الرجل مسؤولة أمام القانون، لها ما لها وعليها ما عليها. نعم. ستظهر مشكلات اجتماعية واقتصادية جديدة تبعاً للوضع الجديد، ولكنها ستكون أقل حدة من التعامل معها عبر وسيط باسم الولي والوصي عليها. وإذا شعر المجتمع بالجدية في حسم الخلاف، فإن تعاليم الإسلام كفيلة بكل الحلول التي تضمن المصالح الشخصية والعامة.
جامعاتنا، حتى متى وهي للدراسة فقط؟
- باعتقادي أن الرهان على تغيير المجتمع وتحديثه لتحقيق أهدافه الجديدة ينبغي أن يبدأ من الجامعات، فدور الجامعات الأهم هو صناعة إنسان المستقبل لا إعادة إنتاج إنسان الماضي، كما هو حاصل الآن.
وتكون صناعة الإنسان في تزويده بقيم مقاصد الدين، وقيم سوق العمل، وقيم العلم، وقيم النقد والتحليل، وقيم المشاركة في الحياة العامة بإيجابية، وهذا يضمن للشاب أن يتدبر أمور حياته ويقدم نفسه لسوق العمل بوصفه منتجاً ومنجزاً لا متخرجاً فقط.
مراكز البحث العلمي، هل ستطولها يد «نزاهة» أم هي في مأمن؟
- قد يمارس في كثير من مراكز البحث العلمي ما يؤدي إلى فساد، لاسيما إذا امتد ذلك للعبث ببعض المؤسسات الخيرية المعنية بالبحث العلمي، فتتحول للتكسب المالي وتقاسم الجوائز بلا إنجازات علمية جديرة بالتقدير.
ويبدو أن قلة عددها، وضعف موازناتها قد جعلاها في معزل عن يد «نزاهة». وأتمنى من «نزاهة» ومن جميع مؤسسات الضبط الاجتماعي أن تفتح ملفات مراكز البحث العلمي، وعدد من المشاريع التعليمية والعدلية والتنموية.
التعامل الحكومي مع الدراسات لماذا هو للعلم وللحفظ فقط؟
- إذا كنت تقصد بالعلم بمعنى الاطلاع، فلأن الساحة في رأيي لا تزال تعتمد على دراسات تقليدية وتخرج بنتائج بدهية، وتضيع الوقت والمال والجهد.
ونحن بحاجة ملحة الآن وأكثر من أي وقت مضى إلى مراكز فكر «ثينك تانك» معنية بإنتاج الأوراق السياسية (ورقة تحليل سياسات، ورقة تقدير موقف، ورقة استشراف مستقبل، ورقة تقويم حال وهكذا)، وينفذها باحث متمكن من النظرية وممارس البحث الميداني، «وليس أكاديمياً منظراً فقط ولا باحث ميدانياً بلا نظريات ومنهج»، فهذا ما يحتاجه متخذ القرار فعلاً، لأنها واقعية وآنية وسريعة وغير مكلفة، وتركز الجهد، وتزيد الإنتاج.
كتابة التاريخ المعاصر، هل هي ضرب من خيال؟
- أظن أن التاريخ المعاصر مرصود نسبياً من تخصصات العلوم الاجتماعية والإنسانية، ولكني أشدد على أن التاريخ أداة مهمة للدراسات المستقبلية، إذا أحسنا تطوير مناهجه، وتنويع مواضيعه، لتشمل الهويات، والطبقات الهامشية والمرأة والنخب، والتجارة، والصحة والمرض. ومن المهم أن تفسر الأحداث التاريخية بالنظريات الاجتماعية. فأحداث التاريخ هي مادة خام تتطلب من المؤرخ تفعيلها وفق نظريات من علوم مختلفة وليس رصدها، وأخيراً المهم أن يدرك الباحث أنه يقدم وجهة نظره ولا يقرر حقائق مطلقة.
اقترح علينا وزارات نلغيها؟
- أقترح خصخصة الأنشطة الخدمية في كل الوزارات الممكن خصخصتها، فالدولة العصرية هي الدولة الخفيفة من ثقل أعباء الخدمات التي يمكن بيعها على القطاع الخاص، والتفرغ لرسم السياسات وحماية المصالح العليا وتنظيم السوق.
لكن بالمقابل ليس من المناسب الخصخصة ثم ترك المجتمع يعاني من أنانية القطاع الخاص، فالجودة بضمانة الدولة مهمة.
ناشطو مواقع التواصل، لماذا أصبحوا مؤسسات إعلامية فجأة؟
- سبق أن تنبأ عالم الاجتماع المذهل مانويل كاستلز بأن العصر المقبل سيشهد دمج أجهزة الهاتف والكومبيوتر والتلفزيون في جهاز واحد، وقد تحقق هذا الاستشراف المستقبلي مدعوماً بتقنية الإنترنت.
ومن ثم ينبغي على مراكز الفكر والبحث ودعم السياسات أن تعيد النظر في نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بوصفهم قوة تأثير صاعدة، ولكن من المهم التأكيد على أن أنشطة مؤسسات الدولة تنموية ونخبوية، ولا ينبغي لها أن تستعين بأناس مفسدين للمشاريع لمجرد أنهم مشاهير بين فئات معينة.
رسائل إلى:
محمد أركون
} اتبع أركون المنهج العلماني فينقد العقل الإسلامي من دون تمييز مذهبي أو عقدي، ودرس القرآن بوصفه نصاً تاريخياً وفق منهج المعرفة، وتعرض للرفض والنقد في حينه، وتقوم الآن مراكز بحثية ألمانية بتمويل سخي لأبحاث في المشروع ذاته.
ابن خلدون
} لم نتجاوزك حتى الآن، وكثير من نظرياتك لا تزال سارية المفعول، لأن ملاحظاتك تنطبق على كثير من المجتمعات العربية.
وزير الإعلام
} نريد من الثقافة إبراز هوية المملكة، بوصفها عربية إسلامية، ولها دور ريادي عالمياً، فالسعودية الآن يتوقع أن تمر بأزمة تحديد هوية أو إعادة تعريفها بسبب التغيير السريع. ونريد من الإعلام أن يكون تفاعلياً، ونريد التخفيف من حدة الرقابة على الرأي في المقالات والكتب، ونريد توسيع مجالات النقد، وعدم قبول الشكاوى لأتفه سبب. وأنت متمكن وتمتلك الإمكانات.
دارة الملك عبدالعزيز
} جهودكم القديمة مذكورة ومشكورة، وبروز دور الدارة سابقاً لا يعني ركودها والاكتفاء بإنجازات الأمس. وأذكركم بأن المؤسسات العلمية تقاس بما قدمت للباحثين لا بما تملك من وثائق ومصادر، والمرحلة المقبلة ينبغي أن تشهد تعددية الآراء والاستعانة بالنظريات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتوثيق التغيرات الاجتماعية الحالية لأنها هي تاريخنا الجديد.
مكتبة الملك فهد الوطنية
} واجهة حضارية، ومرفق حيوي لنشر الفكر والثقافة، وكل ما أتمناه هو فتح المكتبة لأطول وقت ممكن، وتطوير إدارة التوزيع لتصل مطبوعاتكم لجميع العالم العربي.
ملامح:
} الدكتور عبدالرحمن الشقير: مؤرخ ودكتور علم اجتماع، ورئيس المرصد الاجتماعي للدراسات، مهتم برصد التحولات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع السعودي، واستشراف مستقبلها.
- له بحوث ودراسات في علم الاجتماع، وفي التاريخ والأنساب. من دراساته الاجتماعية: دراسة عن «رأس المال الثقافي»، و«تغير القيم عند الشباب السعودي»، و«قتل الأهل والأقارب لأسباب دينية» (مجلة إضافات).
- وله ثلاثة كتب تحت الطبع هي: «النظرية الاجتماعية.. سيرة مختصرة وتطبيقات واقعية وآفاق جديدة»، و«النخب النسائية الإسلامية»، و«علم الاجتماع عند بيير بورديو».
- من دراساته في التاريخ تحقيق كتاب «الخبر والعيان في تاريخ نجد» لخالد الفرج (2000)، وكتاب «قلائد النحرين في تاريخ البحرين» لناصر خيري (2003)، و«قطر في مذكرات الشيخ محمد بن مانع»، و«طباعة الكتب ووقفها عند الملك عبدالعزيز (2003)، ودراسات أخرى.
- له تحت الطبع «النخب النسائية الإسلامية في السعودية»، و«النظرية الاجتماعية..
- سيرة مختصرة وتطبيقات واقعية وآفاق جديدة»، و«سوسيولوجيابورديو»، و«البحث النوعي في حياتنا اليومية.. تجاوز المناهج الكلاسيكية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.