أكدت مصادر الوفد اللبناني المرافق لرئيس الحكومة سعد الحريري إلى المملكة العربية السعودية أن «تمسك لبنان بسياسة النأي بالنفس وتجنيب البلاد تداعيات الحروب المحيطة، لا يلغيان التزام لبنان موجبات التضامن العربي، وأن لبنان جزء لا يتحزأ من العالمين العربي والإسلامي اللذين اجتمعا في الرياض وأطلقا رؤية تاريخية تلتقي مع رسالة لبنان في التسامح والتعايش المشترك ونبذ التطرّف». وكانت المصادر المذكورة استغربت حملة قوى 8 آذار على قمة الرياض، وسألت: «هل هناك عاقل يمكن أن يتوقع صدور بيان عن قمة إسلامية - أميركية عقدت في الرياض ولا يتناول التدخل الإيراني في شؤون البلدان العربية والإسلامية؟». وموقف المصادر جاء رداً على تغريدة لوزير الخارجية جبران باسيل على موقع «تويتر» لدى عودته إلى بيروت ليل أول من أمس، إذ قال: «لم نكن على علم بإعلان الرياض لا بل كنا على علم أن لا بيان سيصدر بعد القمة، وتفاجأنا بصدوره وبمضمونه ونحن في طائرة العودة، أما وقد وصلنا إلى لبنان فنقول إننا نتمسك بخطاب القسم والبيان الوزاري وبسياسة ابتعاد لبنان من مشاكل الخارج وإبعادها منه ضناً بلبنان وشعبه ووحدته». ولفتت مصادر في الوفد اللبناني إلى أن «البيان الذي صدر عنها يقع في خانة تحصيل الحاصل وفي خانة تأكيد وجود مشكلة كبيرة جداً بين النظام الإيراني والأكثرية الساحقة من البلدان الإسلامية». واعتبرت أن «مشاركة لبنان في القمة لا يمكن أن يكون محل جدل أو تشكيك، بل هي مشاركة واجبة وحتمية وضرورية في ظل تحولات لا بد من أن تُقرأ بدقة، وبحس المسؤولية الوطنية المعنية بحماية لبنان وعدم الخروج عن قواعد التضامن العربي». واعتبرت المصادر أن «من يزج لبنان في آتون التجاذبات الخارجية، وفي الخروج عن موجبات النأي بالنفس، هي الجهات التي تصر على اعتبار نفسها في منأى عن التزام الإجماع الوطني وتعطي نفسها حقوقاً تفوق حقوق الدولة بالمشاركة في الحروب الخارجية وخدمة اجندات إقليمية، على صورة ما يجري في سورية والعراق واليمن والبحرين وغيرها». وأكدت ان «مسلسل الشتائم المتواصل، قبل القمة وبعدها، والذي ينصب يومياً ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، سبب إضافي وموجب لما صدر من القمة تجاه إيران وسياساتها ويقع في سياق أدلة الاتهام السياسية التي تعطي الدول العربية والإسلامية حق الرد على النهج الايراني المتبع في تغذية النزاعات المذهبية، وتأجيج الصراعات الأهلية في بلدان المنطقة». ورأت أن «المآخذ التي طرحت حول عدم دعوة إيران إلى القمة هي مآخذ على صورة من يدعو الدب إلى كرمه لأنه ما من دولة شاركت في القمة إلا وكان للنظام الإيراني نصيب في مشكلاتها الداخلية، من طاجيكستان إلى اليمن، ثم أين يمكن أن تقع الدعوة لمشاركة إيران في القمة، التي قررت أدواتها في اليمن ملاقاتها بصاروخ بلاستي إيراني المصدر، تم إطلاقه نحو الرياض؟». جنبلاط وكان رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط قال في تصريح إعلامي عشية القمة إنه «كان من الأفضل لو أن قمة الرياض ضمت إيران أيضاً، خصوصاً بعد انتخاب الرئيس الإصلاحي والمعتدل الشيخ حسن روحاني للتوصل إلى اتفاق اسلامي شامل حول مكافحة الإرهاب والتطرف والتخلف والتركيز على التعليم والتنمية، وصولاً إلى إيجاد مخرج للجميع من حرب اليمن». واكتفى رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية في تعليقه على مشاركة لبنان في القمة وغداة تغريدة باسيل بالقول مغرداً: «شاهد ما شفش حاجة». الكتائب يرد على باسيل ورد عضو كتلة «الكتائب» النيابية إيلي ماروني على تغريدة باسيل قائلاً: «ما جرى في الرياض أقل مما كان متوقعاً، وبيانات التنصل على طريقة «لم نكن على علم» لا تنطلي على أحد. ذلك أن قمة بهذا الحجم تشارك فيها 55 دولة، إلى جانب الرئيس الأميركي الذي وقع صفقات ببلايين الدولارات، ليست مجرد نزهة، في وقت ضرب الإرهاب العالمين العربي والغربي، ما يعني أن من الضروري قيام تكتل لمحاربة الإرهاب». وسأل: «ماذا كانوا يتوقعون من قمة كتلك التي استضافتها الرياض؟ علماً أن حزب الله لبناني له نواب ووزراء يشاركون في الحكومة والمجلس النيابي، ونرفض اتهامه بالإرهاب، فيما نختلف معه على السلاح خارج الشرعية، وقيام الدويلة داخل الدولة». وفي ردود الفعل السياسية على نتائج قمة الرياض، قال وزير الإقتصاد رائد خوري إن «موقف السعودية معروف من «حزب الله» وإيران وبالتالي لا جديد في الموقف الذي صدر عن القمة». ولفت إلى أن «الوزير باسيل أوضح الموقف وركز على خطاب القسم ورئيس الحكومة سعد الحريري لديه الإتجاه ذاته وهو يمثل لبنان». وفي المقابل، أسف وزير الصناعة حسين الحاج حسن (حزب الله) «لأن العرب قرروا ألا يستفيدوا من وهج المقاومة والتحرير، لا من وهج المقاومة في لبنان ولا من وهجها في فلسطين ولا من تضحيات الشهداء، لا بل أنهم في هذه القمة (العظيمة)، ماذا قالوا عن فلسطين؟ أليست قضية عربية وألا تهم الأمن القومي العربي؟». حوري: للتعاطي بواقعية أما عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري فرأى أن «لا بد للحكومة من أن تتعاطى بواقعية مع قمة الرياض»، وقال: «هناك إرادة دولية متمثلة ب55 دولة كما أن هناك نسيجاً محلياً لا بد من التعامل معه بحكمة، وأعتقد أن حكومة لبنان ستنجح في ذلك». واعتبر حوري أن مشاركة لبنان في القمة «أمر أساسي، أما القول إن لبنان تفاجأ بصدور البيان، فلا أعتقد أن أحداً كان يتوقع أن تنتهي هكذا قمة من دون بيان وهذا أمر طبيعي وبديهي. الحكومة تدرك دقة هذه المرحلة ومدى المتغيرات الإقليمية والدولية التي تحصل، وأعتقد أنها ستتصرف بحكمة مع هذا الواقع خصوصاً أن رئيس الحكومة شارك فيها على رأس وفد وزاري». ولفت إلى أن «إيران لم تتردد يوماً في الإعلان عن نياتها، وأعلنت سابقاً أنها تسيطر على 4 عواصم عربية، وهللوا لهذا الإعلان وهذا أمر مستغرب ومستهجن». وقال: «إيران بعد هذه القمة ليست في وضع يسمح لها بالمناورة كثيراً خصوصاً وأن القمة دعتها للانخراط في المجتمع الدولي، ليس المطلوب إعلان حرب على إيران، إنما المطلوب حسن العلاقة وحسن الجوار بين إيران والدول العربية. ولا ننكر أن إيران دولة إقليمية لها مكانتها وحجمها وقوتها، ولا تحل الأمور بالقوة بل هناك نظريات في إيران حول تصدير الثورة والتدخل في شؤون الآخرين، وعلى إيران أن تصل إلى قناعة بأن هذا الأسلوب لن يؤدي إلى نتيجة بل إلى حالات توتر مع كل جيرانها بلا استثناء». وقال إن «ما يدعو إلى القلق أن يُستعمل لبنان ساحة، من قبل إيران مثلا، لترجمة حساباتها الخاصة. وبعد ما حصل في قمة الرياض، ربما ستعيد إيران حساباتها وتقوم الموقف والمخاطر التي قد تقدم عليها». وعن افتتاح مركز «إعتدال» لمواجهة الفكر المتطرف ونشر الفكر المعتدل في الرياض»، قال حوري: «إن الإسلام دين اعتدال لا التطرف، فالتطرف استثناء وليس قاعدة»، مشيراً إلى «مبادرات عدة حصلت في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية وقد توج هذا التوجه بالأمس في هذا المركز وأعتقد أنه مفيد وسينجح في الإضاءة على رفض التطرف». وأعلن عضو الكتلة نفسها النائب محمد الحجار أن «قمة الرياض تشكل منعطفاً مصيرياً ستكون له ارتدادات على المنطقة»، مشيراً إلى أن» العناوين التي رفعت كانت متوقعة، وهي التصدي للإرهاب في كل أشكاله ومسمياته ورفض تدخلات إيران في المنطقة». وأشار إلى أن «مشاركة لبنان في القمة أكثر من ضرورية لمكانته العربية أولاً ولدوره في التصدي للإرهاب»، مشدداً على أن «الدولة اللبنانية كما المؤسسات في لبنان عليها واجب التزام محاربة الإرهاب في هذه المرحلة». ونبه «لقاء سيدة الجبل» إلى «الأخطار التي ستطاول كل لبنان جراء انخراط «حزب الله» في الحرب على الشعب السوري ومشاركته في اعتداءات على بلدان عربية أخرى، وتنفيذه للسياسة الإيرانية في مواجهة العالم العربي، من دون أي مسوغ رسمي أو قانوني أو شعبي، وضد القوانين الدولية». وأكد أن من «واجب لبنان الطبيعي والتاريخي الوقوف مع أشقائه العرب أمام أي عدوان خارجي. ومع هذا، لم يأخذ لبنان موقفاً من تدخل إيران العسكري في بلدان عربية عدة، أو من تدخلها التقسيمي في شؤون المنطقة. وحاول لبنان من خلال «إعلان بعبدا» اتباع سياسة مسؤولة ومنطقية بكل المعايير، هي الحياد في مسألة الحرب الدائرة في سورية. وعلى رغم هذا الموقف الرسمي الحائز حينئذ الإجماع الداخلي والعربي والدولي، لا يزال «حزب الله» مشاركاً أساسياً لزعزعة الاستقرار في المنطقة بطلب إيراني موصوف ضد البلدان العربية التي هي في موقع الدفاع عن النفس، واضعاً لبنان واللبنانيين، ومصالحهم في موقع الخطر».