بدأ المغرب ونيجيريا تنفيذ الخطوات الأولى لمد أنبوب للغاز الطبيعي على طول الساحل الأطلسي، لتزويد الأسواق الأوروبية بالطاقة عبر التراب المغربي على طول 6 آلاف كيلومتر، وإنشاء سوق إقليمية لإنتاج الكهرباء في 14 دولة أفريقية، يستفيد منها حوالى 300 مليون نسمة. ويُعتبر المشروع الأكبر إقليمياً للاندماج الاقتصادي الاستراتيجي، لتنويع مصادر الدخل في القارة السمراء، وهو يجمع بين خبرة المغرب في الإنتاج الزراعي والطاقات المتجددة والفوسفات، ومصادر نيجيريا الضخمة من الغاز وحاجة المنطقة إلى نهضة سريعة لتطوير اقتصاداتها، وضمان الأمن الغذائي والطاقة لسكانها. ورأس العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى جانب وزير الخارجية النيجيري جيوفري اونيما وأعضاء الحكومة وشخصيات من عدد من الدول الأفريقية والعربية في قصر الرباط، مراسيم توقيع اتفاق بناء أنبوب لنقل الغاز من نيجيريا إلى المغرب، الذي يُنجزه المكتب الوطني للهيدروكاربونات المغربي، والشركة البترولية الوطنية النيجيرية، وهما مؤسستان تابعتان للقطاع العام. وشمل الاتفاق تصاميم دراسات الجدوى الاستثمارية والهندسة التنفيذية، وحقوق الأطراف المشاركين في المشروع وواجباتهم. ووُقع اتفاق ثانٍ في مجال الأسمدة الفوسفاتية وتطوير مناجم الفوسفات في بعض الولايات النيجيرية، وتنفذه مجموعة المكتب الشريف للفوسفات المغربي، لتحسين الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في ولايات سوكوتو واوغون وايدو ويمو، التي تعتبر أكبر تجمع سكاني في أفريقيا. وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة، إن مشروع أنبوب الغاز الضخم «يشكل تفعيلاً لتعاون جنوب جنوب، الذي ما فتئ يدعو إليه الملك محمد السادس لنهضة أفريقيا متحكمة في مصيرها وواثقة من مستقبلها». وأشار إلى أن مد أنبوب الغاز إلى بقية دول المنطقة «سيكون له وقع إيجابي على نحو 300 مليون من السكان في غرب أفريقيا وشمالها، من خلال تنفيذ مشاريع كهربائية في مجموع المنطقة بما يساعد على إنشاء سوق إقليمية صناعية للطاقة الحرارية». وتواجه دول غرب أفريقيا نقصاً حاداً في التزود بالكهرباء تتجاوز نسبة 80 في المئة في المناطق الريفية والنائية. ويعيش نصف سكان نيجيريا وهي دولة غنية بمصادر الطاقة من دون كهرباء، ما يحول دون تطوير اقتصادات عدد من الولايات. وشكل غياب الكهرباء وندرة الطعام غالباً سبباً مباشراً للهجرة الأفريقية نحو الشمال. ويرغب المغرب في إنشاء شبكة للكهرباء تجمع بين دول غرب أفريقيا، تزاوج بين الطاقات الأحفورية مثل الغاز، وأخرى متجددة مثل الطاقة الشمسية والريح والمياه. وأفادت مصادر ل «الحياة» بأن مشروع أنبوب الغاز الأفريقي- الأطلسي، سيؤمن طاقة تنافسية آمنة لأسواق الاتحاد الأوروبي، يقلص تبعيتها نحو مزودين آخرين (روسياالجزائر)، يمكن من نهضة اقتصادية وتنموية تحد من الهجرة الأفريقية عبر تحسين الموارد الزراعية وتأمين الكهرباء وتحقيق الاندماج الإقليمي، الذي قد يزيد فرص العمل ومصادر الدخل. وتعمل شركات مغربية على بناء مصانع للتعليب الغذائي وتطوير الصناعات الغذائية في بعض الدول، مثل السنغال وساحل العاج. وتقوم الخطة المغربية على تطوير تعاون جنوب جنوب يشمل المؤسسات العامة والشركات الخاصة، وتشجيع الاستثمار وزيادة وتيرة الاندماج الاقتصادي والتنمية المستدامة، وتقليص الاعتماد على الشركات الأجنبية التي يكون عامل الربح راجحاً على التنمية، استناداً إلى تجارب سابقة في أفريقيا التي تضم أكبر مناجم العالم في المعادن الثمينة. وقدم المغرب مطلع العام الحالي طلباً للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا «سيداو»، وهو تجمع إقليمي تأسس عام 1975 ويضم 15 دولة جنوب الصحراء، تسعى إلى تحقيق مزيد من الاندماج الإقليمي الاقتصادي والتجاري والصناعي. ويعمل المغرب على نقل خبرته إلى هذه الدول من خلال إنشاء سوق مشتركة تمتد من وسط أفريقيا إلى البحر الأبيض المتوسط وبثقل اقتصادي يزيد على تريليون دولار. ويُتوقع أن تشارك صناديق سيادية عربية - خليجية ومصارف إقليمية مثل البنك الإسلامي للتنمية والبنك الإفريقي والبنك الأوروبي ومؤسسات تمويل إقليمية دولية أخرى، في بناء مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب. ويقدر بعض المصادر المالية أن تتراوح كلفته من 30 بليون دولار إلى 35 بليوناً، وفق الطريق التي سيسلكها مد الأنبوب وعمقه في المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.