قررت نيجيريا تزويد المغرب ودول أخرى في شمال أفريقيا وغربها بالغاز الطبيعي، في إطار مشروع ضخم للطاقة الإقليمية سيفضي إلى مدّ أنبوب لنقل الغاز على طول الساحل الأطلسي لتزويد 11 بلداً جنوب الصحراء، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط ثم إلى جبل طارق ودول الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق. وقال العاهل المغربي الملك محمد السادس في رسالة إلى المشاركين (150 دولة) في مؤتمر «كرانس مونتانا» في الداخلة جنوب المغرب، إن «المشروع الهيكلي لنقل الغاز بين نيجريا والمغرب، سيشكل مصدراً للطاقة لكل دول المنطقة، وسيساهم في تنشيط التطور الصناعي، ويمكّن من إنشاء سوق كهربائية متكاملة يكون لها تأثير كبير في تحقيق التكامل والاندماج الإقليمي». وتتولى الرباط حالياً مع أبوجا الخطوات التنفيذية للمشروع، الذي تدعمه المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي والبنك الأفريقي والبنك الإسلامي والبنك الأوروبي والدول المانحة. وأعلن محافظ ولاية جيغاوا في شمال نيجيريا محمد أبو بكار، أن بلاده «ستبدأ تصدير الغاز إلى المغرب وبعض دول أفريقيا جنوب الصحراء في القريب العاجل». ولفت إلى أن الاتفاق «يقضي بنقل الغاز الطبيعي من نيجيريا إلى المغرب، مروراً بعدد من الدول الأفريقية، وسيُنقل الغاز في مرحلة أولى عبر البواخر في انتظار استكمال مدّ الأنبوب». ورحبّت دول أفريقية بانضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (سيداو)، الذي «يساهم في تنمية المنطقة وجلب الاستثمارات والخبرة المغربية والعربية». ويُقدّر وزن الاتحاد الاقتصادي الذي تأسس عام 1975 ويضم 15 دولة في غرب أفريقيا منها السنغال وساحل العاج ونيجريا، بنحو 800 بليون دولار، وربما يتجاوز تريليون دولار مع انضمام المغرب. وتعوّل نيجيريا على مشاريع الرباط في أفريقيا لنقل غازها إلى الاتحاد الأوروبي، ومعالجة بعض الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن تراجع أسعار النفط. وتراهن دول غرب أفريقيا على المغرب لربطها بشبكة الكهرباء ونقل بعض الوحدات الصناعية، مثل معلبات الغذاء والملابس والمساهمة في تحديث البنى التحتية. وستؤمّن الرباط من جهة أخرى، إمداداتها من الغاز الطبيعي الأفريقي مستقبلاً، في حال رفضت الجزائر تجديد اتفاق «غاز المغرب العربي» الذي سينتهي العمل به عام 2021، وهو ينقل الغاز الجزائري (20 مليون متر مكعب) إلى إسبانيا وفرنسا عبر المغرب منذ العام 1993. واستورد المغرب من أفريقيا نحو 3 بلايين دولار من المحروقات ومشتقاتها في العامين الأخيرين، من مبادلات تجارية إجمالية قُدرت ب11 بليون دولار. وعلى رغم تحقيقه فائضاً في الميزان التجاري في الصادرات الصناعية والزراعية والغذائية والخدمات، فهو يسجل في المقابل عجزاً في واردات الطاقة يزداد مع ارتفاع الأسعار. وأفاد مكتب الصرف المشرف على التجارة الخارجية، بأن «الجزائر هي المزود الرئيس للمغرب من المحروقات ومشتقاتها من أفريقيا، إذ كانت حصتها الأكبر ضمن ورادات مغربية من القارة بلغت 2.9 بليون دولار العام الماضي». وقُدّرت واردات المغرب من الطاقة في الشهرين الأولين من السنة، بأكثر من بليون دولار (10.3 بليون درهم) بزيادة 53 في المئة على قيمتها في الفترة ذاتها من العام الماضي. ويزيد الاستهلاك المغربي من الطاقة نحو 9 في المئة سنوياً، بسبب التوسع الصناعي والعمراني ومشاريع البني التحتية والسياحة والزراعة. وساهم ارتفاع كلفة واردات الطاقة في ازدياد عجز الميزان التجاري إلى 26.7 بليون درهم مطلع هذه السنة. وأوضح مسؤول في الشركة الوطنية للاستثمار «sni» التابعة ل «مجموعة أونا» المقربة من القصر الملكي في الرباط وهي أكبر مجموعة استثمارية في أفريقيا، أن المجموعة «أنشأت صندوقاً للاستثمار في أفريقيا منذ العام 2014، يعمل في قطاعات كثيرة في دول غرب أفريقيا مع انفتاح على شرق القارة وجنوبها في مجالات المال والمصارف والتأمينات والصناعة ومواد البناء والفنادق والسياحة والمعادن الثمينة». ويشكل قطاع الطاقة أحد أهم برامج المجموعة عبر فرعها «ناريفا» الذي تعاقد مع مجموعة «إنيجي الايطالية»، لتزويد أفريقيا بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2025، تشمل بناء وحدات ومحطات لإنتاج 6 جيغاوات كهرباء بين عامي 2017 و2025. ويقود المغرب مشاريع كثيرة للتنمية في أفريقيا، تشمل أيضاً القطاع الزراعي للتغلب على الفاقة الغذائية عبر استصلاح الأراضي وإقامة وحدات لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية، على غرار الاتفاق الموقع بين المكتب الشريف للفوسفات ومجموعة «دانغوت» في نيجيريا، لمضاعفة الإنتاج الزراعي. ويوجد مشروع مماثل مع أثيوبيا لتغطية حاجات دول شرق أفريقيا المهددة بالمجاعة، ونقص الغذاء بقيمة 3.7 بليون دولار. واعتبر مشاركون في الدورة الخامسة للتنمية الأفريقية التي ينظمها «المصرف التجاري وفا بنك» في الدار البيضاء، أن «التغلب على تحديات الطاقة والغذاء والبنى التحتية، سيجعل أفريقيا أكثر مناطق العالم سرعة في النمو في العقدين المقبلين». وأشار معهد «ماكينزي» العالمي، إلى أن «ثروة الدول العربية وأفريقيا مجتمعة ستبلغ 16 تريليون دولار عام 2025، وسيُقدر الناتج الإجمالي في غرب أوروبا مع بريطانيا ب20 تريليون دولار والولايات المتحدة 24.5 تريليون، وتتحول الصين إلى القوة الاقتصادية الأولى في العالم ب33 تريليون دولار». وتوقع أن «تكون أفريقيا رابع قوة اقتصادية في العالم في السنوات العشرين المقبلة».