أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير اليوم (الخميس) أن الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية، ومشاركته في أعمال القمة الأولى العربية - الإسلامية - الأميركية، تعطيان مؤشراً إيجابياً ودلالة عميقة للعمل معاً في الحدّ من التوتر في المنطقة، وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان السماوية، وإيضاح القيم الإنسانية التي تتفق فيها من عدل ومساواة ورحمة وسلام بين الشعوب. وقال الجبير في المؤتمر الصحافي الذي عقده اليوم في وزارة الخارجية إن «التاريخ سيذكر لهذه القمة، أنها نقطة تحول، من علاقة توتر إلى علاقة شراكة استراتيجية بين العالم الإسلامي والولاياتالمتحدة الأميركية والعالم الغربي، والعمل معاً في إرساء السلام وبناء المجتمعات ومحاربة الإرهاب والتطرف». وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن القمة الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة، ستسهم في تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتاريخية بين البلدين، فيما ستسهم القمة العربية - الإسلامية - الأميركية في فتح صفحة جديدة من الشراكة والتعاون في مواجهة التطرف ومحاربة الإرهاب، إضافةً إلى بناء شراكة تخدم الطرفين في مجالات عدة. ونوه الجبير إلى «تطابق الرؤى بين السعودية والولاياتالمتحدة حيال مختلف القضايا الإقليمية، المبنية على أهمية التعاون بين أميركا وتحالفاتها التقليدية، والعمل معاً بكل قوة وصرامة، للتصدي للسياسات الإيرانية العدوانية ولممارساتها السلبية المتمثلة في تدخلها السافر في شؤون البلدان المجاورة لها، وإصرارها على دعم الإرهاب»، مشيراً إلى أن «الرياضوواشنطن متفقتان على ضرورة مواجهة التحديات التي تواجه مصالح البلدين في جميع الجوانب، وتعزيز التبادل التجاري بينهما». وعن القمة الخليجية - الأميركية، قال الجبير «تأتي هذه القمة مكملة لقمتين سابقتين، حققتا نجاحاً كبيراً، استناداً لنتائجهما التي أظهرت توافقاً كبيراً في مختلف النواحي التي تناولتهما هاتين القمتين، الأولى في كامب ديفيد منذ عامين والثانية قبل عام واحد في الرياض»، متطلعاً إلى «تتويج هذا النجاح بنتائج هذه القمة الثالثة التي تحتضنها الرياض مرة أخرى، بما يؤكد صلابة العلاقة التي تربط الولاياتالمتحدة بدول مجلس التعاون الخليجي ومتانتها، لا سيما وأنها تقوم على مبادئ واستراتيجيات راسخة ووضحة». وأشار وزير الخارجية السعودي إلى المبادرات العديدة التي بحثت موضوع التسليح، وموضوعات أخرى تتعلق بالجانب الفني والتقني والاقتصادي والسياسي، وغير ذلك مما يتعلق بالجهود الثنائية لمواجهة الإرهاب وتمويله، وتعزيز التعاون في المجال التعليمي. ووصف الجبير القمة العربية - الإسلامية - الأميركية بالتاريخية، لا سيما وأنها الأولى من نوعها، عادّها مؤشراً واضحاً لجدية الطرفين بنقل الحوار إلى مرحلة جديدة ومتقدمة ومختلفة ليصبح حوار شراكة إيجابي، مبيناً أن القمة ستشهد كلمة للرئيس ترامب، فيما سيكون التركيز خلال اجتماعات القمة على مواجهة التطرف والإرهاب، وبحث السبل الكفيلة بنشر فكر التسامح والتعاون والتعايش، من خلال شراكة بين الولاياتالمتحدة والدول العربية والإسلامية في مجالات عدة. وأوضح أن القمة ستحظى بمشاركة 37 قائداً بين ملوك ورؤساء دول، وهو الأمر الذي يضفي على القمة مزيداً من التميز والاستثنائية، مفيداً أنها ستتطرق إلى محور مهم ذو علاقة بالشباب والتعليم والتقنية والتجارة والاتصالات، متطلعاً لأن تكون هذه القمة بداية لفتح صفحة جديدة لعلاقات مثالية ونموذجية بين الدول العربية والإسلامية والولاياتالمتحدة والغرب بشكل عام. ونوه الجبير بجهود الأمير محمد بن سلمان التي بذلها طوال الفترة الماضية، في ما يتعلق بالتعاون مع الملف الأميركي وفي الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى العاصمة واشنطن، والتقى خلالها ترامب، وعدداً من المسؤولين في الإدارة الأميركية، وحققت ناجحاً كبيراً أدى إلى الرفع من مستوى العلاقات بين البلدين، ومهدت الطريق لزيارة الرئيس ترامب إلى المملكة العربية السعودية. وعن العلاقات السعودية - الأميركية أكد الجبير أنها علاقة امتدت لسبعة أو ثمانية عقود ماضية، تمتعت فيها بالنمو والتطور والقوة مع مرور الزمن، مقللاً من تباين الآراء بين الجانبين من حين إلى آخر، مؤكداً أن هذا التباين لا يعدو اختلافاً في الرؤى حول الآليات المتبعة للوصول إلى الأهداف المتفق عليها، بوصفها من الثوابت التي طالما اتفق عليها الطرفان. وشدّد على الوضوح الذي أظهرته إدارة ترامب وتتطابق فيه الرؤية مع المملكة، في ما يتعلق بالدور الأميركي المؤثر عالمياً، وأهمية عودته إلى وضعه الطبيعي الريادي، وفي ما يتعلق بالقضاء على الإرهاب ومواجهة التصرفات الإيرانية التي تغذي الطائفية وتعزز ثقافة العداء والاختلاف. ونوه الجبير بخطة الإدارة الأميركية الرامية إلى «إعادة بناء علاقات تقليدية على مستوى التجارة والاستثمار، التي نتفق معها في السعودية، لذا بحثنا سوياً خلال الأشهر الماضية العديد من الجوانب ذات العلاقة بهذه الشؤون، وأهمية أن يظل الحضور الأميركي العالمي رائداً مثل عادته، لأن تراجعه يسمح لقوى الشر أن تتحرك بشكل يهدد السلام العالمي». ولفت وزير الخارجية السعودي إلى موقف المملكة الثابت دائماً من القضية الفلسطينية بالتوصل إلى حل سلمي للصراع العربي - الإسرائيلي، مبني على المبادرة السعودية التي أقرها مجلس الأمن التي تفضي إلى إنشاء دولتين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن، وبدولة فلسطينية عاصمتها القدس. وأضاف أن القمة حملت عنوان «العزم يجمعنا» للعمل على إيجاد شراكة حقيقية لمحاربة الارهاب وتجفيف مصادر تمويله، مبيناً أن القمة ستشهد افتتاح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف» ومقره الرياض، وسيقوم المركز على جمع المعلومات اللازمة للحرب على الإرهاب وتقديم المبادرات والأفكار والدعم في هذا المجال. وأكد الجبير أن الولاياتالمتحدة لها دور كبير في مواجهة التطرف، إذ تتمتع بتقنية عالية ولها خبرات عسكرية كبيرة وتستطيع أن تقدم الدعم اللازم في ما يتعلق ب «التحالف العسكري الإسلامي»، مشيراً إلى أن القمة ستعمل على زيادة التعاون بين «التحالف العسكري الإسلامي»، الذي يتكون من 41 دولة و«التحالف الدولي» لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية والعراق، الذي يضم 60 دولة من مختلف دول العالم. وبيّن أن المملكة تشارك في كثير من التحالفات الإقليمية فهناك تحالف بين دول مجلس التعاون ممثلاً ب «درع الجزيرة»، وهي صاحبة فكرة إنشاء «التحالف الإسلامي» لمواجهة التطرف والإرهاب وهناك حديث عن تكثيف هذه الجهود لبناء مؤسسة أمنية في المنطقة تستطيع أن تتصدى إلى أي تعديات قد تظهر في المنطقة وتبقى هذه الأفكار مطروحة وتبحث من قبل المختصين في هذا الشأن، وهناك أيضاً فكرة «القوة المشتركة العربية» التي طرحها الرئيس المصري، مشيراً إلى أن هناك إدراك للحاجة إلى مثل هذا التحرك وهناك تشاور حول تحقيق ذلك واتفاق من ناحية المبدأ. وفي ما يتعلق بالقضية السورية، شدد الجبير على أن هناك توافق في الموقف تؤكد ضرورة تطبيق اتفاق «جنيف 1»، الذي يدعو إلى كتابة دستور جديد وعقد انتخابات تقود إلى مستقبل يشارك فيه السوريون جميعاً لا مكان للأسد فيه وهو الشخص المسؤول والمتسبب في قتل أكثر من 500 ألف مواطن سوري إضافة إلى تهجير ما يقارب 12 مليون سوري، مؤكداً ضرورة دعم فكرة إيجاد مناطق آمنة ومستقرة في سورية لحماية المدنيين ولضمان وصول المساعدات الإنسانية إليهم وحمايتهم من انتهاكات نظام الأسد وحلفائه من «الحرس الثوري» الإيراني وميليشيات «حزب الله» وغيرها من الميليشيات الطائفية القادمة من خارج سورية للقتال بجانبه ضد الشعب السوري.