يبدو أن الجميع أدرك أن الحل لا بد من أن يكون من داخل مصر وليس من خارجها، في حل مشاكل أساسيّة تعاني منها الدولة، خصوصاً مشكلة المياه. فمع ظهور مشكلة «سدّ الألفيّة» أو «سدّ النهضة» في أثيوبيا كما أطلق عليه بعد زيارة الرئيس المعزول محمد مرسي، أصبح من المُلحّ البحث عن حلول لمشكلة المياه، خصوصاً «ورد النيل». تمثّل تلك النباتات المزهّرة مشكلة قديمة لمجرى نهر النيل. وتفاقمت أخيراً، فصارت بحاجة إلى حلول عاجلة، إذ يستهلك ذلك النبات كميات كبيرة من المياه، ويمنع وصولها إلى نهايات التِرَع والسواقي. وأثبتت دراسات متنوّعة إمكان الاستفادة منه اقتصادياً بتحويله أعلافاً حيوانيّة. ولكن، أين الحلول العلمية التي تمكن من الاستفادة من «ورد النيل» وتطهير مجرى النيل منه؟ بحوث علميّة وتكنولوجيّة في مثال لافت، أدى عدم تطهير مجرى النيل في فرع «رشيد»، الى تفاقم مشكلة «ورد النيل» بكثافة شديدة، بل تحوّل مشكلة ضخمة. ومنع تراكم ذلك النبات وصول مياه النيل الى أراضي الفلاحين في مراكز دسوق والحامول وبلطيم والرياض وفوه وقلين. وفي السياق عينه، تراكمت كميات كبيرة من «ورد النيل» أيضاً في أجزاء كبيرة من بحيرة البُرُلّس، خصوصاً الجزر المقابلة للمنطقة الصناعية في بلطيم وأمام رافد الطريق الدولي الساحلي، ما أدى إلى إعاقة حركة قوارب الصيد في كثير من مناطق البحيرة. وفي مواجهة تلك المشكلات، يبزغ بعض الأمل من اتفاقيّة تعاون وقّعت أخيراً بين «المركز القومي للبحوث» الذي مثّله الدكتور أشرف شعلان، و«المركز القومي لبحوث المياه» وهو تمثّل بالدكتور محمد فوزي بكري، نائب رئيس المركز. وتهدف الاتفاقيّة إلى التخلص الآمن من نبات «ورد النيل» وحشائش مائية اخرى، والاستفادة منها أيضاً، إذ يعتبر «ورد النيل» نباتاً سريع التكاثر، ما يعطيه القدرة على تهديد كفاءة عمل شبكات الريّ وصرف المياه. وأكد شعلان أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار الجهود الوطنية لتوجيه البحث العلمي صوب تحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين الخدمات البيئية بأساليب علمية وتكنولوجية حديثة، إضافة إلى ترشيد استهلاك الموارد الطبيعيّة. وأوضح شعلان أن اتفاقية التعاون تستهدف فتح آفاق جديدة للاستفادة من البحوث العلمية المتّصلة بذلك النوع من النباتات. وأشار إلى أن البحوث تتيح التخلّص الآمن من «ورد النيل» مع الاستفادة منه في أغراض الزراعة. وأوصى بتوجيه البحث العلمي إلى التعامل مع قضية وطنيّة من نوع تحويل حشائش «ورد النيل» والحشائش المائيّة الأخرى، منتجاً اقتصاديّاً يمكن استخدامه في إنتاج أعلاف وأسمدة عضويّة. وأضاف شعلان أن إتفاقيّة التعاون تهدف إلى التخلّص من ملوّثات اخرى في النيل، كالعناصر الثقيلة التي تحتاج إلى أساليب علمية وتقنّيات حديثة في التعامل معها. وكذلك أشار شعلان إلى أن الاتفاقيّة تشمل عقد ندوات ومؤتمرات ولقاءات حول نشاطات حماية البيئة والموارد المائيّة والحفاظ عليها وفقاً للتشريعات المحلية والاتفاقات الدوليّة، بهدف رفع الوعي في مجال البيئة والتنمية المستدامة.