هو سبق مرحب به. الفنانة المحلقة الجميلة نانسي عجرم، حلم السيدات والفتيات معاً في الطلة والجمال والصوت، استطاعت القناة المغربية الثانية أن تستأثر بها لتتزعم سهرتها الكبرى لرأس السنة الجديدة 2011، على رغم أنها من وجوه السهرات المغربية الكبرى، أي أنها ضيفة البلد مراراً. يجب القول إن ذلك جعل المشاهد ينتظر، ويمني النفس بلحظة قوية، من الفرجة التلفزيونية والمتعة، وكذلك من التفرد والفوز باحتفال قد لا يتكرر، وهنا يرادف التلفزيون تقريباً المشهد الحي المباشر. لا نتصور نانسي عجرم تحيي بداية السنة خارج بلد الأرز لبنان بل في بلد الأرز الثاني الذي هو المغرب، فإفران المدينة والأطلس المتوسط الفضاء الجبلي الشاسع للأرز التاريخي، شاهدان على تقارب الأرزين والثلجين والبلدين، في إبداع الجمال. لكنها، وبفضل توافر إرادة احتفالية مشتركة، قررتْ أن تسجل حفلة للقناة الثانية، فشكراً لجميلة لبنان نانسي وللقناة التي استطاعت أن تمنح المشاهد هذا الموعد الاستثنائي. وكي تكتمل الفرحة، تم استدعاء ألق طربي نسوي من المغرب وغير المغرب ليرافق العصفورة في مزيج غنائي دافق وأصيل بما هو عربي، مغاربي ومغربي منعش. التلفزيون حينما يريد، يصنع الحدث والمتعة. وهكذا برمجت القناة لحظات قوة وإثارة للجزائرية الشابة الزهوانية. هذه السيدة الكبيرة المقام، صاحبة اللغة الدارجة الصميمة والمباشرة والنغمة القوية، والتي تجعل المستمع يستلقي في جوف الحياة والحب والسمر الحبيب، كانت على الموعد أيضاً، وحضّت المستمع على نبذ العنف، والنهل من نبع الحياة، وعلى الرقص مع وتر الأيام ضد القسوة والجراح. وفي السهرة السنوية ذاتها، سجلت القناة ضمن الاختيار الموفق، زمن طرب مع المطربة الشعبية المغربية الداودية. المرأة التي تحدت كل شيء كي تغني، والتي أمسكت بالكمان فوق ركبتها اليسرى وهو الأمر الذي كان حكراً على الرجال، كي تعزف وتُرقص، وتبوح بما لها كصوت غنائي نسوي خارج من أحد أشهر أحياء الدارالبيضاء الشعبية، حي سيدي عثمان، من أزقته حيث كانت تنام في أوقات بؤس المراهقة، وحيث لعبت كرة القدم قبل أن تمنحها حنجرتها وصلابة مقاومتها القدرة على إشعال المتعة في الجموع التي تحضر سهراتها الفنية في ربوع المغرب. نانسي بماكياجها الأليف، ووقفتها المحببة، وغنائها الذي يأسر القلب. الزهوانية بنظاراتها، وصوتها العميق، وحريتها في الحركة والدعوة إلى الفرح. الداودية بشبابها الطافح، وعينيها المتحديتين، وجهورية صوتها الداعي إلى الرقص ومعانقة الحياة بشغف، هن نساء السهرة الكبرى التي تابعناها امس. ويا لها من سهرة، لن يكون للمطربين فيها سوى ظل جميل. وتضمنت السهرة، أيضاً، وقفات غنائية مع الفنانة الشعبية الحمداوية، الثمانينية العمر ولكن الشابة الصوت. ولا نبالغ إن قلنا أنها ألهبت قلوب الحاضرين والمشاهدين كما فعلت بآبائهم منذ عقود. كما تخللت السهرة لوحات من الطرب الزنجي المغربي من خلال وصلات فرقة «الكناوي» الشهيرة محلياً ودولياً، والطرب الأمازيغي عبر صوت ونغمة وتر رائد الأغنية الأمازيغية محمد رويشة برفقة فرقته من الراقصات الأطلسيات. والحق أنها كوكبة غنائية احتضنها أستوديو القناة الكبير المزدان بأفضل شكل، كي يكون المرور نحو السنة المقبلة مشوباً بالحبور والسرور، وليس كألق الموسيقى والغناء من وسيلة. ولا يحدث هذا كثيراً، تلفزيونياً. على الأقل على القنوات المغربية.