حاصر عمال مناجم غاضبون سيارة تقلّ الرئيس الإيراني حسن روحاني، بعد زيارته موقع منجم انهار الأسبوع الماضي، ما أدى إلى مقتل 23 عاملاً، فيما تجهد فرق الإنقاذ لانتشال 20 آخرين ما زالوا عالقين داخله. يأتي ذلك وسط معركة محتدمة قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة في 19 الشهر الجاري. ويحاول الأصوليون استغلال حادث المنجم ضد روحاني، على رغم أنه مملوك لشركة تابعة لقوات «التعبئة الشعبية» (الباسيج). ولمّح الرئيس إلى ذلك، متهماً «مؤسسة خاصة» تملك المنجم ب «التنصّل من مسؤوليتها»، في إشارة إلى «الباسيج». ومنع عمال يحتجون على أداء الحكومة الإيرانية، روحاني من الذهاب إلى خارج ساحة منجم «أزاد شهر» للفحم الحجري في محافظة كلستان شمال البلاد. وكان الرئيس التقى عائلات الضحايا، ووعدهم بامتيازات مالية واجتماعية، مؤكداً «إنزال أقصى العقوبات» في «المتسببين» بالحادث. واستغلّت وكالة «فارس» القريبة من «الحرس الثوري» زيارة روحاني للمنجم، لتبثّ تسجيلاً عن الاعتراضات التي واجهها من عمال غاضبين، وكتبت على موقع «تويتر» أن وسائل الإعلام المملوكة للدولة «فرضت رقابة على صور» الاحتجاج. وأظهر التسجيل عاملاً يصعد على سقف السيارة التي أقلّت روحاني، ويضربها برجليه وهو يطلق هتافات ضد الحكومة. كما صعد آخر كان يحمل لافتة كُتب عليها أنه جاء متأخراً بعد وفاة زملائه. كما أظهر التسجيل أن العمال انقسموا جزءين: الأول حاول التهدئة، فيما طالب الثاني بعدم إفساح المجال لسيارة روحاني بالخروج من ساحة المنجم. ولم يستخدم مرافقو الرئيس المنتهية ولايته العنف مع العمال الغاضبين، إذ انسحبت السيارة بهدوء، لكن روحاني الذي ألقى كلمة في العمال أمام المنجم المنهار، وعد بدرس أوضاعهم وتسوية مشكلاتهم المتعلقة بالتأمين الصحي والاجتماعي وتأمين إجراءات سلامة للمناجم. وأتاح روحاني لعامل غاضب التحدث، فقال إن الحكومة لا تدرك معاناة عمال المناجم ولا مشكلاتهم، وبينها تقاضيهم راتباً لا يتجاوز 300 دولار شهرياً. وقال عامل آخر إنه لا يملك تأميناً اجتماعياً ولا تأميناً صحياً، فذكر روحاني أن جميع الوزراء والمسؤولين يعملون لتحقيق مطالبهم. ولفت إلى أن نائبه اسحاق جهانغيري كان سيتفقد المنجم، مستدركاً أنه فضّل أن يقوم بالزيارة بنفسه، في خطوة وضعها خصوم الرئيس في إطار الحملة الانتخابية. لكن مساعداً للأخير نقل عنه قوله، في إشارة إلى العمال: «أنا الرئيس في أثناء ألمهم وحماستهم، وإذا أمكن صراخَهم في وجهي أن يؤدي إلى سلام وطني فيجب أن أذهب» إلى موقع الكارثة. وطالب روحاني الأصوليين ب «الامتناع عن التحدث عن الحرية لأنها ستخجل منكم»، متعهداً «تعزيز وضع المواطَنة» ومنح الإيرانيين «مزيداً من الحريات الاجتماعية». كما حضّ على رفع الإقامة الجبرية التي يخضع لها الزعيمان المعارضان مير حسين موسوي ومهدي كروبي، ورفع حظر يطاول الرئيس السابق محمد خاتمي. إلى ذلك، انتقد مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي حكومة روحاني، بسبب دعمها «خطة التعليم 2030» التي طرحتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، واعتبر معلّقون محافظون في إيران أنها تشجّع المساواة بين الجنسين. وقال خامنئي: «هذا البلد أساسه الإسلام والقرآن، ولا يمكن السماح لنمط الحياة الغربي الخاطئ والفاسد والمدمّر بنشر تأثيره. ليس منطقياً إطلاقاً قبول مثل تلك الوثيقة في الجمهورية الإسلامية... هذه الوثيقة ومثيلاتها ليست أموراً ترضخ لها إيران، وتوقيعها وتنفيذها من دون إعلان أمر لا يجوز، وأُبلغت الأجهزة المسؤولة بذلك».