تصدرت الأزمة السورية أمس، أول اتصال هاتفي بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين منذ التوتر الذي شاب علاقة بلديهما في أعقاب الضربة الصاروخية الأميركية على قاعدة الشعيرات السورية رداً على ما أكدت واشنطن أنه هجوم كيماوي بغاز السارين شنته القوات النظامية ضد بلدة خان شيخون في إدلب في 4 نيسان (أبريل) الماضي. ويُفترض أن يفتح الاتصال، وهو الثالث بينهما منذ تولي ترامب منصبه مطلع هذا العام، الباب أمام تحريك مسار الحل السياسي للأزمة السورية من خلال تعاون أكبر بين الجانبين، لكنه يمكن أن يزيد الأزمة السورية تعقيداً في حال لم يتوصل الرئيسان إلى اتفاق على طريقة التقدم إلى أمام على جبهة سورية. وحصل آخر اتصال بين ترامب وبوتين بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف محطة قطارات في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، وهو هجوم تبناه تنظيم مرتبط ب «القاعدة»، وجاء قبل أيام فقط من الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات التي جمّدت مسار تحسين العلاقات بين البيت الأبيض والكرملين. وجاء الاتصال بين ترامب وبوتين عشية بدء الجولة الجديدة من المفاوضات السورية في آستانة، وسط توقعات بحضور واسع لفصائل المعارضة وتمثيل أقوى للولايات المتحدة، وعلى خلفية معطيات عن «أفكار روسية» جديدة رحبت بها المعارضة وتركيا، لكن موسكو تجنبت كشف تفاصيلها. وأعلنت الخارجية الكازاخية أمس أن المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا سيشارك في المفاوضات، وسيجري محادثات ثنائية منفصلة مع الجانب الروسي ومع الأطراف السورية. كما أشارت إلى رفع مستوى تمثيل واشنطن إلى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، بعدما كانت شاركت في جولات سابقة على مستوى السفير في آستانة. وتجنبت موسكو أمس، التعليق أو كشف تفاصيل عن مقترحات سربتها المعارضة السورية، وقالت إن موسكو عرضتها على المعارضة وعلى الجانب التركي خلال اجتماعات عقدت أخيراً. وتوالت ردود فعل تركية وسورية معارضة ومرحبة بالأفكار، بينما قال ديبلوماسي روسي ل «الحياة» أمس، إن لدى موسكو أفكاراً لم تتحول بعد إلى مبادرة لكنها ستعرض في آستانة. وأشادت وزارة الخارجية التركية ب «المقترح الروسي حول إنشاء مناطق خاصة لتخفيف حدة التوتر في سورية»، وأعربت عن أملها بترجمتها إلى الواقع. وأضافت الخارجية التركية أن هذا المقترح سيناقشه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان خلال لقائهما في مدينة سوتشي الروسية اليوم الأربعاء. في غضون ذلك، تواصل الاقتتال لليوم الخامس بين الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية، وشن «جيش الإسلام» هجوماً ضخماً على معاقل «فيلق الرحمن» على محور بلدة حزة ومحور مدينة زملكا، بعد يوم من تلقيه دعماً كبيراً من فصائل «الجيش الحر» بشمال سورية في قتاله ضد فصيل آخر في الغوطة هو فصيل «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً). ونعى «فيلق الرحمن» أمس النقيب سامر الصالح (أبو نجيب)، مدير مكتب قائده، واتهم «جيش الإسلام» بتصفيته بعدما أعطاه الأمان عندما حاول النقيب المنشق أن يتدخل لوقف الاشتباكات في زملكا، وفق ما أوردت شبكة «الدرر الشامية». وكان «جيش الإسلام» ابتدأ حملته بالسيطرة على عربين والأشعري وهما أبرز معاقل «هيئة تحرير الشام» في الغوطة. ومساء الإثنين أعلن 11 فصيلاً من فصائل «الجيش الحر» في شمال سورية مساندة «جيش الإسلام» في «استئصاله جبهة النصرة» من الغوطة. وعلى صعيد ميداني آخر، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تنظيم «داعش» شن هجوماً على موقع عسكري ل «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من الولاياتالمتحدة في الحسكة بشمال شرقي سورية، ما أسفر عن مقتل 24 شخصاً على الأقل. لكن حصيلة لاحقة أشارت إلى مقتل 40 شخصاً. وجاء الهجوم في وقت دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين في الحيين الأول والثاني من «مدينة الثورة» في الطبقة، المحاذية لسد الفرات على الضفاف الجنوبية للنهر. وأوضح «المرصد» أن الاشتباكات تدور بالتزامن مع مفاوضات يقوم بها أعيان المنطقة ل «تأمين ممر لخروج من تبقى» من عناصر «داعش» من الطبقة نحو مدينة الرقة.