كعادته كل عام، يطل معرض نيويورك الدولي في توقيته الغريب بعض الشيء على رغم أنه يحظى بزيارة مليون شخص سنوياً، إذ يصادف بعد مرور أسابيع قليلة على معرض جنيف، وتزامناً تقريباً مع معرض شنغهاي – بكين، علماً أن المناسبتين تفوقانه شهرة وعروضاً بالجملة. وقد حملت النسخة ال117 من معرض نيويورك (14 – 23 نيسان / أبريل) بين طياتها تياراً جديداً سائداً يتمثّل في إطلاق عدد كبير من السيارات «مفتولة العضلات»، والSUV النخبوية الكبيرة الحجم. تعود أسباب هذا التيار إلى عام 2008، عندما ارتفعت أسعار الوقود في الولاياتالمتحدة لتصل إلى 4 دولارات للغالون الواحد، بعدها أدرك الصانعون أنهم يفتقدون إلى العروض الأصغر حجماً وتلك التي تسجل خفضاً ملحوظاً في الاستهلاك، شأن العروض الهجينة. وفي غضون الأعوام القليلة السابقة، راهن الصانعون على سيارات السيدان المُدمجة ومتوسطة الحجم. ولكن، اصطدمت شركات السيارات بأذواق الزبائن الذين يرغبون وبقوة في سيارات الSUV مجدداً، لا سيما مع تراجع أسعار الوقود. لذا، جاءت نسخة معرض نيويورك 2017 لتلبية ذلك الطلب المتزايد على العروض الشرهة في الاستهلاك، مع عدد لا بأس به من السيارات «المفتولة العضلات» أو الرياضية بامتياز. وتتضمّن أبرز العروض موديل لنكولن نافيغاتور كبير الحجم، ونسخة جديدة من رانج روفر، وكذلك فئة عالية الأداء من موديل جيب غراند شيروكي بقدرة 707 أحصنة. وإجمالاً، يبدو كأن عروض الSUV تدخل في مفترق طرق حقيقي، بعد عام من المبيعات القياسية في البلاد. كما أن هناك إشارات ودلائل إيجابية عدة للصانعين. فالاقتصاد يستمر في النمو، كما أن ثقة الزبائن والمستهلكين لا تزال عالية، مع انخفاض معدّلات البطالة، ناهيك بأن سوق البورصة بلغت مستويات قياسية، مع سهولة الحصول على قروض وتمويل لشراء سيارات جديدة. لكن، من جهة أخرى، لا تزال هناك مخاوف تنحصر في السيارات الجديدة المتكدّسة غير المباعة والتي وصلت إلى مستويات مقلقة. ففي آذار (مارس) الماضي، وصلت كمية المتراكم من العروض غير المبيعة إلى أعلى مستوى منذ عام 2004، وفقًا لموقع «إدموندز» الغني عن التعريف. وأضفت السيارات «المفتولة العضلات» التي ظهرت بكثافة في المعرض الأميركي طابعاً خاصاً في دورته الأخيرة، علماً أن معظم الأشخاص يربطون مفهوم السيارات «مفتولة العضلات» بعروض شأن بونتياك GTO وفورد موستانغ Boss 302 في حقبتي الستينات والسبعينات من القرن ال20. ولكن، مع زيادة عدد الأحصنة في غضون العقدين الماضيين بفضل التقنيات الثورية التي طاولت المحرّكات، أضافت الآن مجموعة فيات كرايسلر أوتوموبيلز لهذا المفهوم بُعداً جديداً. فقد أطلقت الشركة الإيطالية - الأميركية النسخة «تراكهوك» من موديل جيب غراند شيروكي، المدعّمة بمحرك سعة 6.2 ليتر فئة V8، مع شاحن مضاعف يولّد 707 أحصنة. وقد لا ينطبق مفهوم السيارات «المفتولة العضلات» السابق على هذه الSUV العالية الأداء، لكنها تستفيد من طلة جريئة للغاية وأداء ديناميكي بامتياز. وفي شأن متصل، فإن أبرز العروض «مفتولة العضلات» في المعرض النيويوركي، كان من دون شك موديل دودج تشالنجر SRT Demon الذي يُعد أسرع سيارة تجارية على الإطلاق. وقد جاء هذا الطراز «الجبار» مُدعماً بمحرّك جيب غراند شيروكي تراكهوك السابق، ولكنه بات يولّد 840 حصاناً، ويخترق الحاجز المئوي من السكون في غضون 4,2 ثانية. كذلك لا يمكن غضّ الطرف عن موديل هوندا سيفيك تايب آر وعروض مرسيدس GLC63 AMG، وليكزس LS F Sport وغيرها. وعلى صعيد السيارات الترفيهية الرياضية متعددة الاستخدام SUV، تميّز معرض نيويورك بعرض طيف واسع من الكروسوفر وتلك الترفيهية الرياضية متعددة الاستخدام SUV، من مختلف الأحجام والفئات السعرية، رغبة في تلبية الطلب المتزايد باستمرار، لا سيما في السوق الأميركية. ومن أبرز عروض الكروسوفر أو الSUV التي أطلقت رسمياً في نيويورك، لنكولن نافيغاتور الأحدث لعام 2018، وهي تنتمي إلى فئة عروض الSUV النخبوية التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة 5.6 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من 2017 في السوق الأميركية، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وبالمثل، قدمّت فولفو موديلها XC60 وألفاروميو طراز ستيلفيو للمرة الأولى في أميركا الشمالية، وغيرها من الطرز. وقدّمت جنرال موتورز نسخة أكثر فخامة من موديلها إنكلاف تحت الاسم «آفنير»، بخلاف إطلاق الجيل المحسّن بعمق من دون تغييرات جذرية من سوبارو أوتباك وسوبارو كروستريك وميتسوبيشي أوتلاندر سبورت. أيضاً، حمل المعرض مفاجأة تمثلت في انحسار عروض السيدان متوسطة الحجم، والتي كان الصانعون يولون اهتماماً كبيراً بها. في المقابل، أزاحت هيونداي الستار عن النسخة المحسّنة من سوناتا لعام 2018، كما قدّمت مرسيدس- بنز نموذجاً تصورياً ممهوراً بتوقيع فرعها الرياضي AMG يحمل الاسم GT Sedan AMG. وكانت العروض النموذجية محدودة جداً كالعادة. وتمثلت في إطلاق إنفينيتي طراز QX80 مونوغراف الذي قدّم لمحة مستقبلية عن طراز إنفينيتي الضخم، فضلاً عن نموذج FT-4X الذي يشكّل صورة متوقعة لطراز FJ Cruiser المستقبلي. وفاجأت سوبارو زوار منصتها بنموذج آسنت الذي ينتمي إلى قطاع سيارات ال SUV سباعية المقاعد. لكن يؤسف لانحسار العروض «الخضر» أو «صديقة البيئة»، وإن قدّمت هوندا نسخة هجين مزودة بشاحن وأخرى كهربائية من موديلها كلاريتي.