رفضت وارسو نتائج التحقيق الروسي في حادث تحطم طائرة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي على الاراضي الروسية في نيسان (ابريل) الماضي، واعتبر مسؤولون بولنديون أن لجنة التحقيق الروسية «إرتكبت أخطاء واضحة في تقويم مجريات الحادث وتوصلت إلى خلاصات مرفوضة». وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك إن التقرير الذي قدمته موسكو في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى الجانب البولندي «لا يمكن قبوله بصياغته الحالية، لأنه تضمن أخطاء واضحة واعتمد تحليلات فيها مخالفات لأنظمة السلامة الجوية المنصوص عليها في المعاهدات الدولية». ولم يحدد تاسك البنود التي اعتبر أن فيها أخطاء ومخالفات، لكنه ألمح إلى أن الخلاف يدور حول مجريات اللحظات الأخيرة قبل وقوع الحادث، مشيراً إلى أن تقويم الخبراء الروس والاستخلاصات التي تضمنها التقرير «مرفوضة ولا يمكننا قبولها». وكانت الخارجية البولندية أعلنت في وقت سابق أنها سلمت موسكو ملاحظات على التقرير وأعربت عن املها في أن يتم التوصل الى صياغة جديدة تحدد ملابسات الكارثة ويتم الاستناد اليها في وضع الخلاصات النهائية». ومع أن المسؤولين البولنديين حرصوا على التكتم على نقاط الاختلاف في التقرير الروسي، لكن تسريبات اشارت إلى أن واحدة منها تتعلق بخلاف على اعتبار الطائرة الرئاسية عسكرية أم مدنية، وهو أمر له أهمية خاصة لتحديد الجهة التي تتحمل مسؤولية توجيه اوامر بهبوط الطائرة اضطرارياً أو مواصلة رحلتها في ظروف جوية سيئة. ومعلوم أن النيابة العامة البولندية كانت اتهمت موسكو أخيراً ب «تعمد اخفاء أو تدمير بعض بقايا الطائرة»، في تلميح مباشر إلى ان الحادث كان مدبراً، وهو أمر أكد عليه أكثر من مرة رئيس الوزراء السابق وشقيق الرئيس الراحل ياروسلاف كاتشينسكي الذي لمح أيضاً إلى تواطؤ منافسه السياسي دونالد تاسك مع الروس. وربط خبراء روس تصعيد لهجة بعض السياسيين البولنديين حيال موسكو بعد مرور أيام قليلة على زيارة ناجحة قام بها الرئيس ديمتري مدفيديف الى وارسو، بما وُصف بأنه «صراع داخلي بولندي على السلطة». وأشار البعض إلى أن توسك «لا يرغب بالظهور كسياسي قريب من موسكو بسبب بدء التحضيرات لانتخابات نيابية في البلاد الخريف المقبل»، وهو السبب ذاته الذي يرى الخبراء الروس أنه يفسر «سخونة تصريحات كاتشينسكي». وكانت موسكو قامت بسلسلة خطوات بعد الحادث لتقريب وجهات النظر مع البولنديين، بينها تسليم وارسو عدداً كبيراً من الوثائق السرية حول انتهاكات في الحقبة الشيوعية، وإعلان مدفيديف أن الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين يتحمل مسؤولية اعدام عشرين الف ضابط بولندي خلال الحرب العالمية الثانية، وهو اعتراف أعقبه اعتذار رسمي من جانب مجلس الدوما (البرلمان). وأكدت موسكو بعد مقتل كاتشينسكي أنها ستجري تحقيقات شاملة لتحديد أسباب الحادث الذي قتل فيه مع الرئيس البولندي السابق حوالى مئة من كبار رجال الدولة.