علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    نفخر بهويتنا ونعتز بقيادتنا    الديوان الملكي: وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    يوم التأسيس.. رؤية مستقبلية بقيادة رشيدة    أمير القصيم يكرم النومسي في عدة مناسبات    أمير القصيم يشهد توقيع اتفاقية بين الإسكان والسويلم الخيرية    القوات البرية والجيش الأميركي يختتمان مناورات «الصداقة 2025» بالمنطقة الشمالية    هالاند يسابق الزمن للحاق بمواجهة ليفربول    افتتاح نادي الطيران في الرس    انطلاق النسخة السادسة من بطولة كأس السعودية 2025 لسباقات الخيل    فريقا جامعتي الملك سعود والإمام عبدالرحمن يتأهلان لنهائي دوري الجامعات    مشعل بن ماجد يعزي بن زقر في فقيدهم    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    تاريخ امتد لثلاثة قرون من الأمجاد    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق فيلم "ليلة الصفراء" احتفاءً بمناسبة يوم التأسيس    وطن الأمجاد    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    ألا يحق لنا أن نفخر ؟    «شعبنتوا» ولا لسه ؟    الإعلام السعودي والاحترافية العالمية    في السعودية.. الحل والسلام    درس في العقلانية الواقعية    تعليم جازان يحتفي بيوم التأسيس تحت شعار يوم بدينا    الملك سلمان يتلقى برقية تهنئة من ملك الأردن بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    وزير الصحة يتفقد جاهزية المنشآت الصحية في مكة    مستشار الأمن القومي الأميركي : ترمب مُحبط من زيلنسكي    بال3.. الرائد يتخطى الرياض    شقيق سعيد الصبحي إلى رحمة الله    الفتح يتغلب على العروبة بهدف في دوري روشن للمحترفين    ترمب: سنعمل مع السعودية لتحقيق مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للعالم    وزارة الخارجية السعودية تعرب عن تضامنها مع دولة الكويت    فيصل بن فرحان يبحث العلاقات الثنائية مع وزير خارجية المملكة المتحدة    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    رئيس البرلمان العربي يستقبل وفد منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني    محافظ الطائف يهني النقيب الشمري    قطاع أحد رفيدة يُفعّل "اليوم العالمي للسرطان"    بلدية محافظة الشماسية تستعد للاحتفال بيوم التأسيس    أكثر من 5 ملايين مُصلٍ في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (17) كجم "حشيش"    أكثر من 4 آلاف مبادرة لكفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية    الدكتور المسعود والدكتور الصميلي وجهان مشرقان للتاريخ السعودي    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجًا أكاديميًا    نائب أمير الرياض يرعى الحفل السنوي لجمعية كيان للأيتام    رمضان اقترب.. جهّز جسمك للصوم    سوريا.. الحوار الوطني يتواصل.. وروسيا تخطط ل «اتصالات رفيعة»    «الشؤون الإسلامية»: البرنامج يستهدف 61 دولة    "حافلات المدينة" تطلق خدمات النقل الترددي بداية شهر رمضان    بحضور الأمير سعود بن جلوي.. قنصلية دولة الكويت تحتفل باليوم الوطني ال64    "المستحيل الذي تحقق".. الناصر: 100 مليار دولار استثمارات غاز "الجافورة"    خلال مشاركته في المنتدى السعودي للإعلام.. وزير الطاقة: ولي العهد صانع التأثير والتغيير    إرهابيون من 50 دولة على حدوده.. والملف مسؤولية دولية.. العراق يطالب دول العالم بسحب رعاياها من «الهول»    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    عهود زاخرة بالمنجزات    مستقبل السعودية.. جذور متأصلة ورؤية متمكنة    علاقة الحلم بالاستدعاء الذهني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«القُدَّاس» لنيفيل شوت ... الحرب والنجاة
نشر في الحياة يوم 11 - 04 - 2017

ولد نيفيل آرثر هاملتون نورواي في كانون الثاني (يناير) 1899 في لندن، وعمل مهندساً للطيران في البحرية الإنكليزية، وشارك في الحرب العالمية الأولى والثانية، وكان يوقع على أعماله الروائية باسم نيفيل شوت، وأنجز خلال ستين عاماً 23 رواية من أبرزها «على الشاطئ» التي تحولت إلى فيلم شهير، وتُوفّي عام 1960 في ملبورن (أستراليا). وجاءت روايته «القداس»، الصادرة أخيراً عن دار «الهلال» في القاهرة بترجمة الشرقاوي حافظ، تعبيراً عن التزامه الدفاع عن الحياة العسكرية، وتبرئة بلاده من اتهامها بارتكاب جرائم حرب. أما من قام بضرب مقاتلة ألمانية قرر قائدها تسليم نفسه للبريطانيين، فإن قادته «عنفوه، ولم يرحم نفسه من تأنيب الضمير». ومهندسة إصلاح المدافع في البحرية البريطانية جانيت برنتس «اضطرت» إلى إطلاق النار على مقاتلة ألمانية كان قائدها يبحث عن مهبط ليستسلم، ما أسفر عن مقتل ركابها السبعة. كان هذا الحادث بمثابة العقدة الرئيسة في النص، حيث يمكن اعتبار ما قبله مقدمات له، وما بعده نتائج مترتبة عليه، وعلى ضفافه نشب ارتباط بين شخصين (ألن وجانيت) لم يلتقيا سوى مرة واحدة، وظلا يبحثان عن بعضهما من دون أن يكتب لهما اللقاء من جديد. انتحرت جانيت في بيت ألن ليلة عودته إلى ملبورن للإقامة مع والديه. كان الشخص الذي ربطهما معاً، روحياً على الأقل، هو بيل شقيق ألن الذي كان يعمل في البحرية البريطانية، وتُوفّي بعد هذا اللقاء بأيام في نورماندي عام 1944. وبعد نحو عشر سنوات، يحضر ألن القداس الجنائزي لجانيت نفسها، لتنتهي قصة الحب، ويندمل شعور جانيت بالذنب تجاه ما ارتكبته أثناء الحرب.
في هذه الرواية، لا يمكن القول أن نيفيل شوت يكتب عن مأسوية الحرب، بل يعتبرها فعلاً عادياً، بل أنها في حد ذاتها حياة. ومن ثم، حين تقتل جانيت برينتس الجنود السبعة فإنها تعتقد أن كل ما يحدث لها هو نوع من العقاب على موتهم، وأنها لا بد أن تفقد سبعة أشخاص في مقابل من ماتوا في الطائرة، وكان منهم حبيبها بيل، ثم والدها الدكتور برنتس الذي تطوع وهو فوق الستين في البحرية البريطانية، ثم والدتها، وحين تذهب إلى أميركا لتقيم مع عمتها فإن الأخيرة تموت أيضاً. وحين تقرر البحث عن بقايا حبها لبيل، وتسعى لاستعاضة الحياة من خلال والديه وأخيه ألن، تسافر إلى أستراليا لتقيم مع أسرته بوصفها خادمة، مغيرة اسمها من جانيت برنتس إلى جيسي بروكتر، وفي النهاية تقتنع بأنه لا بد أن تنتحر.
كتب نيفيل شوت روايته هذه بعد نحو عشرة أعوام من نهاية الحرب العالمية، ويمكن اعتبار جانب منها سيرة ذاتية، سواء في الحرب وتفاصيلها التي شهدها بنفسه، أو كأحد البريطانيين الذين اختاروا ترك الإقامة في أستراليا، ومن ثم فالنص متضافر مع بعض تفاصيل حياته. كما يمكن القول أن حادث الطائرة التي تم إطلاق النار عليها هو حادث حقيقي، وكذلك قصة الحب بين جانيت وبيل، وإن كانت لا تخص أياً من أقارب المؤلف، لكنها واحدة من القصص التي رآها بحكم عمله الذي استمر لسنوات طويلة في الجيش. ومن ثم فقد قام بتضفير هذه العناصر في رواية الحياة تحت مظلة الحرب، الحياة بكل محفزاتها على القوة والانتباه والنقاء والحب. فجعل جانيت تبحث عن التطهر من خطيئة القتل الخطأ، بينما كان ألن يستكمل دراسته للقانون، وفي الوقت الذي اتخذ كل منهما مسارات مختلفة بحثاً عن الآخر، كان القدر يخبئ لهما اللقاء الأخير بطريقة تراجيدية، حيث جثة جانيت مغطاة بملاءة على بعد متر واحد من ألن، بينما الأخير لا يريد أن يجرح قدسية موتها برفع الغطاء عن وجهها، وإن لم يستطع أن يمنع نفسه من البحث في أشيائها الخاصة، مطلعاً على مذكراتها وصورتها مع بيل وغيرها من الأمور الخاصة، ليكمل مشهد المحقق الذي عاش به لأكثر من عشر سنوات بحثاً عنها، حتى إن الرواية بدت وكأنها بمثابة بحث بوليسي طويل. كان يمكن لهذه الرواية أن تحمل مسمى «ليلة قداس فتاة البحرية»، إذ تبدأ من لحظة وصول ألن إلى مطار إسيندون في ملبورن، قادماً من لندن ليقيم مع والديه ما بقي من حياته، وتنتهي في صباح اليوم التالي وهو يتصل بصديقة جانيت «فيولا داوسن» التي وقعت في حبه. ربما خشيت جانيت من أن يلقى ألن مصير أقاربها إذا هي ارتبطت به، فقررت أن تنهي لعنة القتل الخطأ بأن تنتحر، ومن ثم يكتشف ألن أن الحياة لا تتوقف على أحد، وأنه إذا كانت هذه الجبهة قد أغلقت، فثمة جبهة أخرى يمكن إعادة فتحها من جديد، وهي جبهة فيولا داوسن التي كم تمنت أن يستفيق من سعيه وراء جانيت وينتبه لحبها هي. تنتهي الرواية بالاتصال بفيولا والإسراع بالعودة إلى المطار للذهاب إلى لندن من جديد من دون حضور قداس جانيت. قداسها الحقيقي هو ذكرى ما حصل لها وتطهرها منه عبر الموت أو البحث عن الحياة ولو في النصف الآخر من العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.