قلبت الثورة الرقمية معايير الوسائط الإعلامية والمعرفية، وأصبحت هواتفنا الذكية هي مفكراتنا ونشرة أخبارنا المباشرة على مدار الساعة، وكتبنا المدرسية والجامعية، ومكتبتنا الأدبية والبحثية، ومصدر تسليتنا ومعلوماتنا ووسيلتنا الاجتماعية والتفاعلية الأولى. «الحياة» سألت عيّنة عشوائية في بيروت، تتألف من مئة شخص (نساء ورجال) بين الثامنة عشرة والستين من العمر، أنهى جميعهم مرحلة الدراسة الثانوية، وشطر كبير منهم يتابع تعليماً جامعياً: «ما هو الوسيط الذي تغرف منه معرفتك الإخبارية والمعلوماتية والثقافية؟». وحدّدت الاستمارة 13 وسيطاً، بين السينما، المسرح، المحاضرات، المتاحف، الصحف والمجلات الورقية، وصولاً إلى التلفزيون التقليدي، الفيديو الرقمي، وسائل التواصل الاجتماعي، التطبيقات والمواقع الرقمية (تشمل أفلام السينما والمسلسلات والتلفزيون الرقمي)، الكتب الإلكترونية، الراديو، مواقع وتطبيقات الأخبار والصحف (News websites)... ليتبيّن أن التلفزيون الذي كان سيّد الوسائط المعرفية والإعلامية في القرن العشرين، لم يعد فاعلاً للتأثير ونقل المعرفة بنسبة لا تتعدى 14 في المئة. وحلّت اللغة البصرية في المرتبة الأولى من خلال أشرطة الفيديو الرقمية المتناقَلة عبر الهواتف الذكية والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الثقافية والاقتصادية والسياسية والتربوية الرقمية المتخصّصة أيضاً، وذلك بنسبة 60 في المئة من عدد الأشخاص الذين عبّأوا الاستمارة. وهذا ما يفسّر لماذا يضخّ المستثمرون في عالم المعرفة والمعلنون في العالم العربي مزيداً من الأموال في أفلام الفيديو الاجتماعية والثقافية والتربوية، فالفيديو الرقمي، وخصوصاً الشخصي، بات موجوداً على مواقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك، سنابتشات، بيريسكوب، إنستغرام)، وعلى يوتيوب، وعلى المواقع الإلكترونية المتخصصة، ومحركات البحث، وعلى مواقع الصحف والتلفزيونات والمجلات والمؤسسات، كما أنه يتمتع بصدقية كبيرة، والأهم أن الغالبية الساحقة من العيّنة أكدت أنها تتابع هذه الوسائل عبر الهاتف الذكي المحمول. ولكن مهما علت اللغة البصرية، تبقى للقراءة متعة تصل إلى 19 في المئة، تتوزّع بين الكتاب الورقي والإلكتروني والصحف الإلكترونية والتطبيقات التي تعرض مقالات متنوّعة المجالات، والأخبار العاجلة، مع الأخذ في الاعتبار أن 90 في المئة ممن وضعوا إشارة في خانة القراءة يتكلمون لغة أجنبية واحدة على الأقل إضافة إلى العربية. وتبقى للسينما بشكلها التقليدي، نسبة 5 في المئة، إذ أكد معظم المستطلَعين (أكثرهم من طلاب الجامعات) أنهم يشاهدون الأفلام عبر مواقع إلكترونية متخصصة مثل «نيتفليكس»، وليس في الصالات. أما للمسرح، فبقيت نسبة لا تتعدى واحداً في المئة. الفيديو الرقمي يكتسح المعرفة «الشعبية» 19 في المئة للقراءة و14 في المئة للتلفزيون