قرأت مرة أن الشهرة لا تعني النجاح. الشهرة مادونا، أما النجاح فالأم تريزا. قديماً كان «دليل المشاهير» يضم الناس المهمين، أو البارزين في عملهم، سواء كان السياسة أو الثقافة أو الفن أو غير ذلك. اليوم هناك ناس مشهورون من دون سبب، فكأن شهرة كل منهم سببها أنه مشهور. ولعل أوضح مثل أعرفه عن الشهرة المجهولة الأسباب هو باريس هيلتون، فهي ليست جميلة جداً، وليست ثرية جداً، وليست مثقفة جداً، أو ذات قدرات فنية، ومع ذلك فهي في الميديا على جانبي المحيط الأطلسي كل يوم. ما سبق مقدمة، فقد لاحظت أن بعض العظماء اشتهروا بخفة الدم، ومن هؤلاء ونستون تشرتشل، ومثلهم بعض الكتّاب من نوع جورج برنارد شو وأوسكار وايلد، وهؤلاء من الشهرة أن تنسب اليهم ردود وتعليقات أكاد أكون واثقاً أنهم لم يسمعوا بها. شخصياً، أتمنى لو كان اسمي «مجهول» لأن نصف التعليقات الذكية اللاذعة ينسب الى ذلك المجهول، وان لم يحدث فهو ينسب الى تشرتشل أو شو أو وايلد. وأذكر أن الكاتبة الساخرة دوروثي باركر قالت في شعر قصير انها في كل مرة تفكر في عبارة ذكية تجد أن أوسكار وايلد سبقها اليها. اهتمامي الشخصي في البحث عن مواضيع من نوع النجاح والشهرة، قادني الى عبارات مشهورة، بعضها لناس ناجحين فعلاً، وقد وجدت أن هناك من زاد عليها أو عدلها ليضفي شيئاً من الظرف على موضوع جدي، أو ليلبس الظريف لبوس الجد. كلنا سمع قول ديكارت: أنا أفكر إذاً أنا موجود، وأحياناً خطأ: أشك، إذاً أنا أفكر، إذا أنا موجود. وقد قرأت: أنا أفكر أنني أفكر، إذاً أنا أفكر انني موجود. أو: أنا لا أفكر، إذاً أنا غير موجود. فولتير قال: في موضوع المال كل الناس على دين واحد، ولن أعود هنا الى المال فموضوعه يكاد يكون مستهلكاً، مثل قولهم ان المال، لا يشتري السعادة. وآخر ما قرأت، ولعل الترجمة عن الانكليزية مفهومة، ان المال نسبي... إذا كان عندك مال يكثر «نسايبك»، أي أقاربك. يقولون: إذا لم تنجح من أول مرة جرب ثانية. غير أنني قرأت آراء أخرى في الموضوع من نوع: إذا لم تنجح من أول مرة ربما كان الفشل نصيبك في الحياة، أو: إذا لم تنجح من أول مرة توقف فلا تعاند وتبدو أحمق. وأيضاً: إذا لم تنجح من أول مرة انكر انك حاولت، أو: فتش عن واحد تحمله المسؤولية، أو: أنت مطرود. وقرأت: إذا لم تنجح من أول مرة فالقفز بمظلة من طائرة هو آخر مرة أيضاً. يقولون بالانكليزية: الكلب أفضل صديق للرجل، والعبارة مشهورة ومستعملة والتنويع عليها كثير، مثل: الكلب أفضل صديق إلا أنه لا يسلفك فلوساً، أو: لا يذهب الى المطار لاستقبالك والعودة بك الى المدينة بسيارته، وأيضاً: لا يشهد في المحكمة انك كنت معه ليلة وقوع الجريمة، ومثله: يرفض أن يأخذ مكانك إذا تسببت بحادث سير وأنت تسوق سيارتك تحت تأثير الخمر. ونقرأ: إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون. وهناك: إذا لم يكن ما تريد ادّعِ أنك لا تريده، وعربياً: اتهم أميركا وإسرائيل. أو: ابكِ واصرخْ حتى يستجاب لرغبتك، أو: احمد ربك (العبارة الأخيرة تعود الى القول إن الإنسان تعيس إذا لم يحصل على ما يريد، وأتعس إذا حصل). إحدى أشهر العبارات بالانكليزية: زوجتي لا تفهمني، وأجد أن الرجل يستعملها لأنه لا يفهم امرأته، أو أن لا شيء فيه يستحق أن تحاول المرأة فهمه. وقرأت: زوجتي لا... فهمت عليّ. أو زوجتي لا تفهمني والحمدلله، أو: المشكلة أن زوجتي تفهمني جيداً. ورأيت مرة على سيارة وأنا أقيم في واشنطن عبارة: الوقت قليل والمشاة كثيرون، فكأن السائق يريد وقتاً كافياً لصدمهم جميعاً. والعبارة: الوقت قليل أو قصير، رائجة عندهم، وقرأت: الوقت قليل والنساء كثيرات، أو: الوقت قصير والمرتب أقصر منه، أو: الوقت قليل وما عندي لأعمل أقل منه. ويقولون: اعرف نفسك. وقال رجل: لو عرفت نفسي لهربت منها. وأيضاً: أعرفها وهذا سبب حزني، ومثله: شكراً على النصيحة، إلا أنني مشغول بأشياء أهم. أو: أعرف، لذلك أتمنى لو كنت شخصاً ثانياً. وبسرعة، يقال: من ضحك أخيراً ضحك كثيراً، وسمعت: من ضحك أخيراً لم يفهم النكتة. وبالانكليزية كما في العربية، يقال ما يجمعه مثل شعبي لبناني: نام بكّير وقوم بكّير، وشوف الصحة كيف بتصير، والرد: إذا فعلت ستبحث زوجتك عن رجل آخر. حتى «الطوبيات» في العهد الجديد من التوراة لم تسلم، ومنها طوبى للضعفاء لأنهم سيرثون الأرض. وهذه أصبحت: طوبى للضعفاء لأنهم سيرثون الدين القومي. وأعود الى الشهرة التي بدأت بها، فقد وصفها رجل بالقول: أن يدعوني الرئيس الى زيارته في البيت الأبيض، وقال ثانٍ: لا، أن يدعوني الرئيس الى زيارته في البيت الأبيض ونجلس في مكتبه فيرن الهاتف، ولا يرد عليه. وقال ثالث: لا، أن أكون مع الرئيس في مكتبه في البيت الأبيض ويرن الهاتف، فيرفع الرئيس السماعة ثم يعطيني الهاتف ويقول المخابرة لك. [email protected]