توقع مختصان في القطاع العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة نمواً في الطلب على القطاع السكني المخصص لأصحاب الدخل المحدود بحوالى خمسة في المئة، وذلك بعد اتجاه وزارة الإسكان إلى توفير المنتجات والتمويل المناسب لها. وتوقعا في حديثيهما إلى «الحياة» أن تشهد المساكن المستدامة ذات الجودة التصميمية والمعمارية والتوفير في استهلاك الكهرباء والماء، إقبالاً في المرحلة المقبلة. وأشارا إلى أن الأراضي البيضاء والرسوم التي فرضت عليها لم تؤثر في أسعار الوحدات السكنية أو الأراضي المطورة والتي تتوافر فيها الخدمات بشكل عام، لافتين إلى أن أثرها كان «طفيفاً» وبشكل محدود، عازين ذلك إلى ضعف الطلب وتوافر المعروض بشكل كبير. وأكدا أن انخفاض أسعار وحدات سكنية أو أراض مطورة يعود إلى ظروف البائع وحاجته إلى السيولة، وهم محدودون في شكل كبير. وقال الخبير العقاري خالد المبيض: «إن تراجع أسعار العقارات والطلب عليها خلال المرحلة المقبلة سيعود إلى عدم التوازن بين العرض والطلب، إذ هناك عروض كبيرة جداً في ظل عدم وجود طلب»، متوقعاً أن تشهد المرحلة المقبلة نمواً في الطلب على القطاع السكني المخصص لأصحاب الدخل المحدود بحوالى خمسة في المئة، وذلك بعد اتجاه وزارة الإسكان إلى توفير هذه المنتجات والتمويل المناسب لها. وأوضح المبيض أن التراجع الكبير في الأسعار كان في الأراضي البيضاء غير المطورة، متوقعاً أن تتحول هذه الأراضي إلى «جمرة يرفضها الجميع، وخصوصاً في ظل التوقعات بتراجع أسعارها إلى أكثر من 50 في المئة، لأسباب كثيرة منها رفض المطورين العقاريين تطوير هذه الأراضي، بسبب الركود الذي تشهده السوق وضعف الطلب حالياً، وعدم وجود حوافز لهم للاستثمار فيها». ولفت إلى أن أسعار الفلل السكنية والأراضي المطورة ثابتة ولم تنخفض إلا لدى بعض المستثمرين، بسبب حاجتهم إلى السيولة، ما جعلهم يبيعون بتخفيضات محدودة. وهذه الفئة محدودة. وأرجع السبب الرئيس لضعف الطلب إلى ضعف السيولة والركود الذي يشهده الاقتصاد عموماً، مشيراً إلى أن برامج الإسكان تتجه إلى الشكل الصحيح، لتمكين صاحب الدخل المحدود من شراء مسكن له، من خلال توفير منتجات تمويلية مناسبة له. انخفاض يعقبه تصحيح من جهته، رأى المتخصص في التمويل والاستثمار العقاري المهندس إبراهيم الصحن صعوبة في تحديد نسب الانخفاض لكل السوق العقارية، لأن هناك نشاطات عقارية مختلفة، سواء السكنية أم المكتبية أم الصناعية وغيرها، ولكل منها مؤشراته التي يجب أن تراعى عند تحديد نسب التأثر. ولكنه أقر بوجود انخفاض ملحوظ «والتصحيح مقبل لا محالة». وعن الأراضي ذكر أنه «كلما كان الحي تغلب عليه الأراضي التي لا تحوي منشآت كان التأثير فيه أكبر، وكذلك كلما كان العقار أقل إمكاناً للإفادة منه كان انخفاضه أكبر»، مبيناً أن الأرض سيكون تأثرها بالانخفاض أشد من الفيلا والشقة، لأن إمكان تأجير الوحدات السكنية أو بيعها والإفادة منها حالياً يجعلها في وضع أفضل. وعن التوقعات للفترة المقبلة، توقع الصحن أن تتجه سوق العقار السكني خصوصاً نحو الطريق الصحيح، وهو الاهتمام والتركيز على تطوير الوحدات السكنية لمختلف الشرائح، لافتاً إلى أن أول المعايير التي يجب أخذها في الاعتبار عند التطوير هو مؤشر القدرة على التملك (مكرر متوسط سعر الوحدة السكنية/ متوسط الدخل السنوي للفرد السعودي)، الذي أوضحت وزارة الإسكان، عبر برنامج التحول الوطني، أنه سينخفض من مكرر 10 إلى 5 عام 2020. وأشار إلى أن هذا لن يكون «إلا بكبح جماح الأسعار المرتفعة للأراضي، وكذلك أسعار الوحدات السكنية المكتملة، والتي تعتبر حالياً بعيدة عن دخل غالبية المواطنين الراغبين في التملك والمستحقين للدعم». وتوقع ظهور منتجات سكنية مبتكرة في تصميم الخدمات تلبي حاجة شريحة الغالبية من المواطنين وفق إمكاناتهم المالية، وكذلك ستشهد السوق تحولاً ضرورياً إلى المباني المستدامة، التي تكون جودتها أعلى من خلال التأكيد على تطبيق كود البناء السعودي، وكذلك استهلاكها للطاقة الكهربائية والمياه أقل، وذلك باستخدام التقنيات الحديثة للمباني الخضراء، التي أصبح من المهم تطبيقها، وخصوصاً مع رفع الدعم وتوقع ارتفاع كلف الكهرباء والماء. ولفت الصحن إلى أن برامج وزارة الإسكان نظرياً تسير في الطريق الصحيح؛ لسببين: أحدهما عامل الترغيب، الذي تعمل الوزارة على تهيئته من خلال مبادراتها المختلفة لتيسير عمل المطور العقاري، عبر برامج مثل «إتمام» لخدمة المطورين، و«وافي» للبيع على الخريطة، و«إيجار»، وجمعية الملاك لخدمات ما بعد التطوير. أما السبب الآخر فهو عامل الضغط على مكتنزي الأراضي داخل النطاق العمراني، من طريق رسوم الأراضي البيضاء، الذي سحب كثيراً من السيولة المنتجة في الاقتصاد، وتراكمت فيها الثروات بشكل غير منطقي، ما عمق أزمة السكن، مشيراً إلى أن محاولة تحويل الأموال والاستثمارات العقارية إلى التطوير سيرفع حجم المعروض في السوق، وهذا سيؤدي إلى استقرار الأسعار وتصحيحها وإنتاج الوحدات السكنية المختلفة التي تناسب مختلف شرائح المجتمع السعودي. لكن الصحن أكد أن هذه البرامج تحتاج إلى «مراجعة دائمة لسياساتها، ومتابعة لصيقة لمجريات السوق ومدى تحقيقها أهدافها»، مبيناً أن التحدي ليس في ابتكار البرامج النظرية، بل تحويلها إلى واقع ملموس ومؤثر في سوق العقار السكني. الصحن: دورة الانخفاض يعقبها استقرار في السوق قال المتخصص في التمويل والاستثمار العقاري المهندس إبراهيم الصحن: «نمر حالياً بدورة اقتصادية، تتبعها أخرى عقارية، وتحتاج إلى أن تأخذ مجراها، وقد تستمر فترة الانخفاض سنوات مقبلة، في حال استمرار المؤثرات الاقتصادية من دون تحسن، وخصوصاً أسعار النفط، وكذلك استمرار الحكومة في سياسة تقنين المصروفات وترشيد الإنفاق ورفع الدعم، وهذا الأمر يجب أن يؤخذ في الحسبان من متخذي القرارات المتعلقة بالسياسة الاقتصادية، وبعد انتهاء هذه الدورة سنشهد نمواً وتحسناً، لكن ستكون السوق أكثر استقراراً، وخصوصاً في بدايته». وأضاف الصحن أن المنتجات العقارية التي سيكثر عليها الطلب هي المنتجات المتخصصة، والمبتكرة والتي لا يوجد فيها كثير من المنافسة، في ظل وجود سوق عقارية منتجاتها تقليدية، داعياً المستثمر والمطور العقاري إلى أن يبحثا عن المنتجات التي تحقق لهم أفضل العوائد باستهداف منتجات متخصصة؛ مثل العقارات اللوجستية والمتخصصة في التخزين لقطاعات صحية ومواد غذائية، وكذلك مراكز البيانات لخدمة القطاع التقني، ومشاريع سياحية وترفيهية تحتاج إليها السوق وتتعطش لها.