يرى الخبراء الاستراتيجيون وكذا علماء الجيولوجيا، أن الحروب المقبلة لن تكون بسبب التجبر وغطرسة القوة، بل يرون أن الماء سيكون سبباً في إشعالها، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني بعض دولها من فقدان الأمن المائي، بسبب الجفاف والتصحر والمتغيرات المناخية، إضافة إلى النمو السكاني المتزايد، والهجرة من الأرياف إلى المدن. وهناك دول كثيرة انتبهت لهذا الخطر المحدق بالإنسان، وتبنت مشاريع مستقبلية، لضمان تدفق المياه إلى أراضيها، وليس بعيداً عنا الأزمة التي نشبت أخيراً بين دول أفريقية على تقاسم مياه النيل وفق اتفاق جديد بين دول المنبع ودول المصب، وهو ما يعني إدراك هذه الدول لخطورة الوضع في المستقبل، خصوصاً أن الماء عنصر أساسي من عناصر البقاء. المملكة العربية السعودية أدركت هذا الخطر المقبل، ولقلة مواردها المائية واتساع جغرافيتها، عمدت إلى اتباع نهج علمي أكاديمي في الحد من خطر شح المياه، من خلال إجراء بحوث ودراسات أكاديمية، للبحث عن أنجع السبل في توفير الموارد المائية اللازمة للبقاء على قيد الحياة. أسست السعودية قبل نحو عقد من الزمان جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه، وهي جائزة لا تقتصر على عرق أو دين أو لون، بل هي للإنسانية جمعاء، تعمل من خلال إجراء البحوث والدراسات على تأمين الأمن المائي للعالم أجمع، كما استحدثت المملكة عدداً من الكراسي الجامعية لدراسات المياه، بينها كرسي الأمير خالد بن سلطان لأبحاث لمياه في جامعة الملك سعود. وفي وقت تؤكد فيه الرياض أن اهتمامها بالموارد المائية والبيئة نابع من رسالتها الإنسانية تجاه الإنسان أينما كان، تنقلت اجتماعات جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه في أكثر من مدينة عالمية، وذهبت جوائزها لأكثر من عالم وباحث، إذ وزع نائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبدالعزيز، نيابة عن نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ليل أول من أمس، جائزة الأمير سلطان للمياه على عدد من العلماء. وفاز بجائزة الإبداع وقيمتها مليون ريال مناصفة فريقان من الباحثين، ضم الفريق البحثي الأول كلاً من الدكتور مارك زريدا والدكتور دارين ديسيلتس من الولاياتالمتحدة الأميركية، وضم الفريق البحثي الثاني كلاً من الدكتور إيغانسوا رودريغز أيتورب من الولاياتالمتحدة الأميركية والدكتور أندريا رينالدو من إيطاليا. وفاز بجائزة الفرع الثالث وقيمتها 500 ألف ريال الدكتور بارت فان دير بروغن من بلجيكا، كما فاز بجائزة الفرع الرابع وقيمتها 500 ألف ريال الدكتور سورش سورشيان من الولاياتالمتحدة الأميركية، فيما حجبت الجائزة عن الفرعين الأول والثاني. وكان نائب خادم الحرمين استقبل الفائزين بالجائزة في وقت سابق