بالهزل والتكذيب والجد المشوب بالقلق، استقبل السعوديون محبو القهوة تحذيرات وزارة الصحة أمس (الأحد) من مضار شرب أكثر من أربعة أكواب منها يومياً، وإلا سيصابوا بأعراض مرضية، بينها الهلوسة، والأرق، وعدم التحكم في العضلات. وأكدت الوزارة في تغريدة نشرتها على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن زيادة جرعة الكافيين في القهوة عن 400 ميليغرام يصيب شاربها بأعرض مرضية كثيرة وهي «الأرق والغثيان، تسارع نبضات القلب، صعوبة التنفس، الصداع وآلام الصدر، الهلوسة، فقدان التحكم في العضلات». ونصحت الوزارة محبي القهوة بأنه في حال الزيادة البسيطة في نسبة الكافيين يمكن التعامل معها بشرب الماء، أو ممارسة نشاط خفيف، أو تناول الغذاء الغني بالألياف والفيتامينات والمعادن. عشاق القهوة لم يصدقوا تحذير وزارة الصحة، وكتب «شكسبير الحربي» رافضاً «غداً يقولون القهوة فيها كورونا». فيما استفز أحدهم أسلوب الطرح وكتب «أسلوبكم في الطرح غير لطيف». ورفض عيسى استقاء معلومة عن القهوة من وزارة الصحة، مطالباً ب«سؤال مختصين في القهوة قبل نشر الموضوع». ولم يفلح التحذير الوزاري في إثناء سعوديين عن التباهي بحبهم لمعشوقتهم السمراء، وكتب شافع: «القهوة عشق لا ينتهي»، فيما رآها آخرون فرصة للسخرية، وكتب أحمد الفهيد «الهلوسة من القهوة.. إذن ثلاثة أرباع الشعب يهلوس». بينما كتب آخر مستعرضاً أعراض القهوة عليه «كثيراً ما يصيبني صداع وغثيان أما الهلوسة فلا»، وأكدت مغردة تدعى قمر «لا أستطيع الاستغناء عنها». فريق آخر من السعوديين استقبل دعوات الوزارة للتقليل من شرب القهوة بكثير من الاستفسارات عن أضرارها، تفاعلت معهم بالرد على استفساراتهم، ومنهم المغرد سيف الزهراني الذي سأل: «هل يخف قوة أو مفعول الكافيين مضافاً إليه الحليب»، وجاء الرد عليه محذراً من «مخاطر اتحاد الكافيين بالكازائين الموجود في الحليب ما يشكل خليطاً يصعب هضمه في المعدة والأمعاء». وبينت الوزارة أن «الجسم لا يستفيد من الكالسيوم الموجود في الحليب لأن امتصاصه سيصبح صعباً»، ناصحة بالاستغناء عن شرب الحليب والقهوة ممزوجين وشربهما منفردين حتى يستفيد الجسم منهما. وتساءلت المغردة غادة عن علاقة شرب القهوة بظاهرة «هزات ما قبل النوم»، لتجيبها الوزارة بأن «تلك الظاهرة طبيعية عند غالبية الأشخاص وتكرارها قد يكون بسبب زيادة الكافيين»، لافتة إلى أن تفاديها يكون بتجنب شرب الكافيين قبل النوم بساعات والرياضة المجهدة، والالتزام بحمية غذائية غنية بالماغنسيوم والكالسيوم. ويعتبر السعوديون من أكثر الشعوب استهلاكاً للقهوة، إذ أشارت إحصاءات حكومية إلى أنهم يستهلكون ما قيمته 700 مليون ريال من القهوة والشوكلاته معاً، أصبحت معها أكثر الاستثمارات نمواً في السوق السعودي. وفي دراسة سابقة لجامعة الملك عبد العزيز في جدة أكدت فيها أن إنفاق السعوديين على القهوة يتجاوز بليون ريال سنوياً، فيما يصل نسبة استهلاك الفرد السعودي من البن سنوياً إلى ثلاثة كيلوغرامات. وتستورد المملكة من البن اليمني وحده أكثر من 20 ألف طن سنوياً بقيمة تتجاوز 300 مليون ريال، ويوجد في السعودية خمسة مصانع لتعبئة البن وتصنيعه ثلاثة منها في جدة، واثنين في الرياض والأحساء. عشق السعوديين للقهوة مرده ارتباطها في الثقافة العربية رمزاً لكرم الضيافة، وموروثاً يحتل مكانة هامة لديهم منذ القدم، فصار المشروب اليومي الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وخصصوا له معرضاً سنوياً «المعرض الدولي للقهوة والشوكولاته» الذي يقام في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، ويتبارى فيه عشاقها في تحضير أنواع مختلفة منها يطلقون عليها أسماء خاصة بهم. والقهوة لدى السعوديين ليست للاحتساء فقط، بل امتهن صناعتها كثير من العائلات التي أصبح مشهدها معروفاً في شوارع الرياض، وبعضهم استغلها لمشاريع أخرى مثل الرسم، إذ احترفت الرسّامة إيمان سرّاج عمل لوحات فنية تستخدم لها فقط كوب قهوة وريشة قدمت معها خلال عامين أكثر من 20 لوحة تطمح بالمشاركة بها في معارض عالمية. واطلق عشاق القهوة أسامة العوام مشروعاً لنشر ثقافة القهوة اسماه «بيت التحميص»، بهدف جعلها تجربة أكثر متعة لشاربيها، وبدأ في البحث عن أنواعها والحصول على شهادات أكاديمية في مجال التحميص أصبح معها «رائد تحميص دولي معتمد». ويوجد في العالم أكثر من 80 طريقة لتحضير القهوة، ويزداد نسبة الاقبال عليها سنوياً، على رغم كثرة الدراسات المحذرة من مضارها والمؤكدة على بعض منافعها، لكن الموكد أن عشاقها يتزايدون سنوياً في العالم، ليخصص لها يوماً عالمياً للاحتفاء بها سنوياً يصادف 29 أيلول (سبتمبر). وأكدت دراسات حديثة أن استهلاك الكافيين مرتبط في تقليص الإصابة بأمراض مثل الزهايمر والتصلب اللويحي، وشربها يومياً لأربع سنوات يقلل من الإصابة بالسكري، ألا انها تزيد من صعوبات النوم لدى مدمنيها يذكر أن إحصاءات دولية أشارت سابقاً إلى أن العالم يستهلك حوالى بليوني فنجان من القهوة يومياً، حذرت معها من اختفاء البن خلال العام 2080 نتيجة زيادة الاستهلاك والتغير المناخي.