يقبل الاردنيون بنهم على شرب القهوة في كل الاوقات والمناسبات لاسيما في بعض المواسم والاعياد مثل عيد الاضحى المبارك وايضا فى اوقات العزاء. ويعتبر اهل الاردن القهوة رمزا للكرم والضيافة وارضاء الذوق وتعديل المزاج في الاحوال العادية والمناسبات السعيدة. وليس ثمة قيد او ضابط على شربها باي طعم سواء كانت حلوة أو وسطا أو مرة كما هو شائع ولكن في ظروف الحزن والعزاء تقضي الاصول بعدم شربها الا سادة او مرة من غير اي سكر. وينفق الاردنيون في سبيل ذلك نحو 40 مليون دينار اردني 56 مليون دولار أمريكي سنويا يشترون بها مختلف اصناف البن0 وتتراوح اسعار اصناف القهوة في السوق الاردنية بين ثلاثة وسبعة دنانير بمعدل خمسة دنانير للكيلو الواحد في حين يرتفع سعر اصناف أخرى راقية او نخبوية منها ليصل الى 70 دينارا للكيلوالواحد فقط. وطبقا لارقام دائرة الاحصاء العامة الاردنية الرسمية اطلعت وكالة الانباء الكويتية كونا عليها فان مجال الاستهلاك المحلي من القهوة يتراجع في حال شراء انواع يقل سعرها عن المعدل المذكور انفا. وعند احتساب سعر الكيلو ما قبل البيع ولدى الاستيراد فانه يبلغ 1ر4 دينار للبن المحمص بينما يصل سعر الكيلو غير المحمص الى 550 فلسا علما بان سعر الطن في السوق العالمية لا يتعدى 50 دينارا. واستوردت الاردن حسب الارقام الرسمية خلال ال11 شهرا الاولى من العام الماضي 8200 طن من البن بقيمة تقارب خمسة ملايين دينار منها 7600 طن بن غير محمص غير منزوع الكافيين بقيمة 4ر2 مليون دينار و406 أطنان بن محمص غير منزوع الكافيين بقيمة 586 الف دينار و191 طنا بن محمص منزوع الكافيين بقيمة 184 الف دينار. وبتقسيم اجمالي المستورد من البن على سكان الاردن البالغ عددهم 5ر2 مليون نسمة يحصل كل فرد منهم سنويا على حصة قدرها 1ر6 كيلو غرام بقيمة ثمانية دنانير. ويتعاطى الاردنيون القهوة كمشروب يومي اساسي بل يعتبر بعضهم اختيارها يحتاج خبرة وتحميصها واعدادها فنا وشربها مزاجا. ولايكاد يخلو بيت أو مكان عمل من مادة القهوة من اي نوع كان بغرض تقديمها للضيافة أو للمساعدة على العمل عبر زيادة درجة التنبه والتيقظ بفعل عنصر الكافيين الذي تحتويه أو حتى للتسلية. وقال صاحب شبكة محال لتحميص وطحن وبيع القهوة سرور ماضي : ان الاردنيين في غالبيتهم العظمى لا يستطيعون الاستغناء عن شرب القهوة وان اقبالهم عليها متواصل لا ينقطع ويتكثف في المناسبات والاعياد والعطل واصفا العلاقة بين الطرفين بانها حميمة و ازلية. والقهوة حسب وصف ماضي مشروب شعبي يتلذذ به عاشقوه وهو في متناول القدرة المادية لعلية القوم وللبسطاء بحكم اختلاف انواعه وتعدد درجاته وبالتالي اسعاره. واستعرض اصناف القهوة بمقتضى الاسماء التي تعرف بها وليس بموجب مصدرها او منشأها وهي العربية والتركية والامريكية والفرنسية والايطالية وغيرها. ويندرج تحت كل اسم اسماء فرعية اخرى تحددها طريقة اعدادها او المواد الاخرى التي تضاف اليها. فمثلا والكلام لماضي فان القهوة العربية تسمى في الاردن سعودية اذا كان لونها بعد تحميصها يتراوح بين اللون الاخضر والاشقر الفاتح والخليجية هى تلك التي يتدرج لونها بين الاشقر الصريح والبني الغامق وبالسادة اوالشمالية كما تسمى عند بعض عشائر شبه الجزيرة العربية والشام والعراق اذا كان لونها اسود او بنيا محروقا. واكد ماضي في ختام حديثه ان لكل نوع من انواع القهوة طلابه وراغبيه و متذوقيه مشيرا الى ان تجارة البن مجزية رافضا ان يعطي ارقاما حول ارباحه فيها حفاظا على مهنته واسرارها. أما عن الجانب الاخر وهم زبائن القهوة وعشاقها فقال جعفر صوالحة الذي التقته "كونا" وهو يبتاع القهوة: اتناول يوميا ما لا يقل عن 15 فنجانا من القهوة التركية المرة او العربية السادة لاضبط ميزان رأسى. وبدون هذا الكم من القهوة يشعر صوالحة كما يفيد بصداع وبحالة من العصبية وعدم التركيز وربما الكسل والنعاس. ويرى انه مدمن قهوة وتحديدا الكافيين الذي تحتويه. وعلى الرغم من ادمانه فهو يؤكد: انا غير مستعد نهائيا للاقلاع عن القهوة فهي لذيذة بطعمها ورائحتها لكنه يستدرك قائلا قد اخفف من شربها مستقبلا لعلمي ان الاكثار منها يضر بالصحة. واضاف صوالحة ان اصحاب الكيف هم الذين يشربونها مرة اوسادة ويميزون عبر ذلك صنف البن ان كان رديئا او ممتازا. ولمعرفة الآثار الصحية للقهوة التقت كونا بالدكتور رامي النابلسي المختص في علم التغذية لمعرفة مضارها حيث اكد ان دراسات غربية خلصت الى ان الاكثار من شرب القهوة بكميات تفوق الحدود الطبيعية يتسبب بمضار صحية مختلفة للانسان تؤدي الى اعراض كتلك التي ينتاب بعضها صوالحة كالصداع في حال عدم شربه الكمية التي اعتاد عليها من القهوة وما تحتويه من مادة الكافيين. غير ان النابلسي اوضح ان تناول القهوة بالطريقة الصحيحة وباعتدال بما لا يتجاوز فنجانين او ثلاثة فناجين في اليوم يعود كما اثبتت الدراسات الحديثة بفوائد على صحة الانسان. واشار الى ان اخر البحوث العالمية في هذا المجال انتهت الى ان القهوة قد تقلل من مخاطر الاصابة بمرض السكري. والسكري يعد من اكثر الامراض شيوعا في العالم وتتوقع دراسات دولية ان يصل عدد المصابين به في العالم الى 220 مليونا بحلول عام 2010. وضمن الحساب الايجابي للقهوة يؤكد النابلسي انها تحتوي على معادن كالبوتاسيوم والمغنيسيوم وعناصر اخرى مفيدة صحيا. عزت دراسات عالمية منشأ القهوة الى اثيوبيا حيث انتقلت منها الى المنطقة العربية لاسيما اليمن. ووفقا لنفس الدراسات فقد عرف الاوروبيون القهوة في منتصف القرن ال17 ثم ظهرت في المزارع الكثيفة باندونيسيا وفي منطقة غرب الانديز والبرازيل. وترى دراسات اخرى ان القهوة ظهرت اولا قرب الصين في العشرينات من القرن الماضي لتختفي بعد منعها من قبل النظام الشيوعي مع استلامه السلطة عام 1949 باعتبارها مشروبا رأسماليا ثم عادت للظهور مجددا في الثمانينات ضمن موجة الانفتاح الاقتصادي.