عُقدت أمس قمة بين الرئيسيْن المصري عبدالفتاح السيسي والأميركي دونالد ترامب في واشنطن طغى عليها التعاون في ملفي الأمن والاقتصاد، فيما كان ملف السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين حاضراً بقوة. وأظهر اللقاء رغبة مشتركة في إعادة دفء العلاقات وتعزيز التعاون، بعد تراجع خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وكان السيسي الذي وصل العاصمة الأميركية مساء السبت الماضي، استُقبل للمرة الأولى منذ توليه سدة الحكم، في البيت الأبيض من الرئيس دونالد ترامب، حيث تحرك الرئيسان إلى قاعة روزفلت حيث وقّع السيسي في سجل زوّار البيت الأبيض، قبل أن يصطحبه ترامب إلى المكتب البيضاوي حيث جرى لقاء ثنائي بدأ بكلمة قصيرة للرئيسيْن، أعقبه اجتماع موسع بحضور مسؤولي البلدين، قبل أن يقيم ترامب مأدبة غداء لضيفه. وأوضحت مصادر مصرية مطلعة ل «الحياة» أن اللقاء شهد «محادثات معمقة حول التعاون في مكافحة الإرهاب في المنطقة، وتطرق إلى استعادة زخم المساعدات العسكرية الأميركية إلى مصر، واستئناف التدريبات العسكرية المشتركة بين الجيشيْن المصري والأميركي المعروفة باسم «النجم الساطع» والتي كان تم تجميدها في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي عام 2013». وأشارت إلى «اتفاق بين الجانبين حول ضرورة التعامل مع التنظيمات الإرهابية كحزمة واحدة، وأهمية وقف الإمدادات المالية واللوجيستية إلى الإرهابيين». وأشارت إلى «تعاون استخباراتي حول المخاوف من عودة المسلحين المنخرطين في تنظيمات إرهابية في المنطقة إلى بلادهم». وأضافت أن الرئيسيْن «بحثا في مستقبل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث عرض السيسي الموقف العربي حيال المطالب بحل عادل للقضية الفلسطينية على أساس المبادرة العربية، والرافض لمشروع نقل السفارة الأميركية إلى القدس»، ولفتت إلى أن الجانبين «تطرقا إلى التعاون الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري». ومن المفترض أن يكون السيسي توجه مساء أمس إلى غرفة التجارة الأميركية حيث يستقبله رئيس الغرفة توماس دونهيو، قبل أن يلتقي 12 من كبار المسؤولين التنفيذيين للشركات الأميركية، كما يلتقي في مقر الغرفة المدير التنفيذي لشركة «بوينغ» للدفاع والفضاء والأمن ليان كاريت، بعدما كان السيسي اجتمع مساء أول من أمس مع المديرة التنفيذية لشركة «لوكهيد مارتن» لصناعة الطائرات الحربية والصناعات العسكرية مارلين هيوستن، حيث أشاد بمساهمات الشركة في توفير احتياجات مصر من الطائرات الحربية وقطع الغيار والمعدات اللازمة، والتعاون القائم في مجالات التدريب الفني. وبالمثل ثمنت هيوستن، وفقاً لبيان رئاسي، «التعاون الممتد بين مصر وشركتها طيلة السنوات الماضية، وأكدت حرص الشركة على تعميق التعاون وتطويره على مختلف المستويات خلال الفترة المقبلة». كما التقى السيسي في مقر إقامته المدير التنفيذي لشركة «جنرال إلكتريك» الأميركية جيف أميلت، الذي أعرب عن تطلع الشركة لزيادة نشاطها في مصر، في ظل توافر «فرص واعدة» في عدد من القطاعات، مشيداً بإجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تتخذها مصر وما ساهمت به في تعزيز بيئة الأعمال وتحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري. والتقى السيسي مساء أول من أمس مع ممثلين للجالية المصرية في الولاياتالمتحدة، مؤكداً الأهمية التي توليها الدولة لرعاية الجاليات في الخارج، ودعاهم إلى «نقل الصورة الحقيقية لما يحدث في مصر من تطورات، والمساهمة في جهود التنمية الشاملة». وعرض السيسي خلال اللقاء حزمة التحديات التي تواجه مصر، وتطرق إلى مكافحة الإرهاب على كل المستويات وبخاصة المستوى الفكري والثقافي، مؤكداً أن جهود تجديد الخطاب الديني «تمتد لتشمل ترسيخ الممارسات الإيجابية التي تعلي من قيم التسامح وقبول الآخر». لكنه نبّه إلى أن هذه الجهود «تستغرق وقتاً كي تؤتي بثمارها»، قبل أن يؤكد حرص الدولة على «تحقيق المساواة الكاملة بين جميع مواطنيها وعدم التمييز على أساس ديني أو غيره». وأكد أن «لا فرق بين مواطن مسلم أو مسيحي، حيث إن الجميع لهم الحقوق ذاتها وعليهم الواجبات ذاتها في إطار التزام الدولة بإعلاء مبادئ المواطنة والتعايش المشترك». كما عرض السيسي خطه الإصلاح الاقتصادي في مصر، وأكد أنه رغم صعوبة الأوضاع الحالية وقلة الموارد، فإن التقدم الجاري إحرازه يدعو إلى التفاؤل، وأوضح أن القرارات الاقتصادية الأخيره «وضعت الاقتصاد المصري على المسار السليم، وساهمت بفاعلية في خفض فاتورة الواردات وتشجيع الصادرات».